باحثون يقرّون بصعوبة ترجمة أعمال كاتب ياسين إلى العربية دار جدل كبير و نقاش ساخن أمس السبت حول ترجمة أعمال كاتب ياسين إلى اللغة العربية و تمكين المثقفين العرب من الإطلاع عليها و دراستها بالتحليل و النقد لردم الهوة الواسعة بينهم و بين ثقافة و فكر الأديب. و أقر أغلب المتدخلين في اليوم الأخير من الملتقى بصعوبة عملية الترجمة و وصفوها بالمعقدة و المستحيلة تماما مع بعض النصوص الشعرية و الروائية لكاتب ياسين كنجمة و الجثة المطوقة و المجموعة الشعرية مناجاة و المضلع الكوكبي مؤكدين بأن كتابة النص الآخر من الأدب الكاتبي أمر في غاية الأهمية و التعقيد و قالت الباحثة الفرنسية "تاتسيانا كيوتشينس" بان كاتب ياسين كان يدرك جيدا بان ما كان يكتبه صعب و معقد و لن يكون في متناول أمته الجزائرية و العربية و لذا حاول الانتقال إلى ما وصفته باللغة المختلطة و هي مزيج من المفردات الفرنسية و العربية و حتى الأمازيغية و العامية لغة الفئة الواسعة من الشعب الجزائري ، مضيفة بأن كاتب ياسين كان يشعر بأنه غريب و لا أحد يفهمه ، كان يتألم و يعمل باستمرار على الوصول إلى قلب و عقل أكبر عدد ممكن من المثقفين و عامة الشعب و اعتمد على المسرح غير أنه حوصر من كل الجهات و أجبر على الانسحاب وعارض سياسة التعريب بقوة و حرم من النشر و الظهور في وسائل الإعلام العمومية فخرج من بين جدران المسرح و راح يخاطب الشعب مباشرة في الفضاءات العامة على حد قولها. و من جهته اعترف الأكاديمي التونسي منصور مهني المهتم بالأدب المغاربي و أدب و فكر كاتب ياسين على وجه الخصوص بصعوبة اللغة التي كان يستعملها الكاتب و ذهب إلى القول بان ترجمته ربما تكون مستحيلة لأن لغة ياسين هي نسيج هندسي متداخل و متشابك من الصعب تفكيكه و معرفة معانية و زواياه الخفية ، مضيفا بان ترجمة أعمال كاتب ياسين تحتاج إلى عمل جماعي جاد و مؤسسة متخصصة في الترجمة الدقيقة أو القريبة من المعنى على الأقل. و وصف منصور مهني بعض الترجمات التي قام بها كتاب و باحثين من تونس و الجزائر و مصر و سوريا لرواية نجمة بالفاشلة و البعيدة عن المعنى الحقيقي و قال بأن بعض المصطلحات العربية المستعملة فيها ركيكة و لا تفي بالغرض مثل عبارة "صه يا عرب" معتبرا كلمة صه قديمة جيدا و لا يمكن أن تكون في نص نجمة المترجم إلى اللغة العربية الحديثة. و حسب المتحدث فإن المحاولات التي تمت في هذا المجال تبقى شكلية يغلب عليها طابع التسرع و السطحية و لا يمكن اعتبارها ترجمة أدبية بالمعنى الصحيح مشيرا إلى أن اللغة العربية قادرة على أن تحمل نجمة و تستوعبها لكن السؤال المطروح من سيقوم بهذه الترجمة و هل يتوفر على رصيد علمي و فكري و لغوي يسمح له بذالك ؟. سمير المرزوقي من جامعة منوبة التونسية قال بأنه عمل في مجال الترجمة من و إلى اللغة و تمكن منها مع مؤلفات الشاعر أبو القاسم الشابي و أدباء آخرون غير أنه اعترف بصعوبة المهمة مع نجمة و غيرها من مؤلفات كاتب ياسين موضحا بأن الصعوبة لا تكمن في عدم إلمامه الواسع باللغتين العربية و الفرنسية بل في خصوصية أدب ياسين و قال أن هذه الخصوصية تحتاج إلى مهندس و فنان و قوة إبداعية كبيرة. و يرى سمير المرزوقي بان تبقى أعمال كاتب ياسين كما هي حتى لا تحرف عن طريق الترجمة الضعيفة و في المقابل ننتج أعمالا أخرى بديلة تكون أقرب إلى الهندسة الإبداعية لكاتب ياسين. و أثار المتدخلون أيضا غياب مراكز الترجمة في الدول العربية و مشكلة الطبع و دور النشر و قالوا بأنها أصبحت تجارية أكثر و لا تهتم بالنوعية و الفكر الإبداعي الراقي بقدر ما تهتم بأعمال أقل شأنا من إبداعات أدباء كبار مثل كاتب ياسين لكنها ذات مردودية تجارية كبيرة تحفز دور النشر على التعامل مع أصحابها من منظور تجاري استهلاكي و ليس من منظور التنمية العقلية و الفكرية. فريد.غ المشاركون يدعون إلى إدراج حياة و مؤلفات الأديب في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية دعا المشاركون في الملتقى الدولي كاتب ياسين بقالمة أمس السبت إلى ترقيته إلى مؤتمر دولي بداية من الطبعة القادمة يكون مفتوحا أمام جميع الأدباء و الباحثين و الأكاديميين من مختلف أنحاء العلم و لا يبق محصورا في المشاركة الفرنسية و المغاربية كما جرت العادة في الملتقيات الماضية. و قال الباحث التونسي منصور مهني المهتم بأدب و فكر كاتب ياسين بأن الموعد القادم سيكون هاما و مميزا و مثيرا من حيث المشاركة و الناقش الذي سيتناول إشكالية التفاعلات الثقافية و التاريخية و الأدبية عند كاتب ياسين و حوار الثقافات العالمية. و يرى منصور مهني أحد ابرز منظمي ملتقى كاتب ياسين بقالمة منذ انطلاقه قبل 5 سنوات بان فكر كاتب ياسين لا يجب أن يبقى محصورا بين المثقفين الفرنسيين و مثقفي دول المغرب العربي ، الجزائر ، تونس و المغرب حيث بات من الضروري الانتقال إلى مرحلة جديدة في دراسة الأديب الذي كان يكتب عن البشرية كلها بفكر و أسلوب عالمي يتعدى حدود الجغرافيا و التاريخ و الهوية و الثقافة و الدين. كما أوصى المشاركون بإدراج حياة و مؤلفات كاتب ياسين في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية باعتباره ابن قسنطينةمسقط رأسه و أحد كبار الأدباء العالميين الذين عاشوا بمنطقة الشرق الجزائري فترة طويلة ، مؤكدين بأنه من غير المقبول تنظيم تظاهرة بهذا الحجم بمدينة كاتب ياسين دون أن يكون له حضورا مميزا فيها بأرشيفه و مؤلفاته و فكره و تاريخيه حتى يعرفه الجيل الجديد من المثقفين الجزائريين و العرب الذين سيشاركون في التظاهرة. و تقرر تنظيم المؤتمر الدولي الأول حول كاتب ياسين إذا ما تم اعتماده رسميا من قبل الجهات المركزية و المحلية المعنية في النصف الثاني من شهر مارس 2015 و اختير يوم 19 منه كتاريخ محوري ينهي فيه المؤتمر أو يبدأ منه لما لهذا اليوم من دلالة تاريخية كبيرة فيه استقلت تونس و المغرب سنة 1956 و فيه أعلن وقف إطلاق النار في الجزائر بعد نضال طويل في حرب تحرير ضارية انعكست على فكر الأديب الذي عاش مأساة أمته و أخرج روائع الجثة المطوقة و نجمة و المضلع الكوكبي. كما أوصى المشاركون أيضا بإنشاء هيئة تنظيم جديدة يقودها مجلس علمي يتكون من نواة تضم 4 أعضاء من الجزائر و عضوين من تونس و عضوين من المغرب و عضوين من فرنسا على أن تستمر مهمة المجلس العلمي 5 سنوات. و تقرر الإبقاء على التونسي منصور مهني منسقا إلى غاية الدورة القادمة. و تم أيضا الإعلان عن إنشاء موقع واب يكون بمثابة منتدى كاتب ياسين على الانترنت و شبكات التواصل الأخرى و يعنى الموقع بالملتقيات العلمية و الأدبية و الفكرية التي تنظم حول الأديب سواء داخل الجزائر آو خارجها. و ثمن المشاركون قرار إنشاء مركز البحث و التوثيق كاتب ياسين بقالمة و قالوا بان المشروع الحلم كان وليد فكرة ظلت مطروحة منذ عدة سنوات و أشادوا بالدور الكبير الذي قامت به جهات مركزية و محلية ساعدت على بعث الصرح الثقافي و العلمي الهام حيث اختيرت المكتبة البلدية الجديدة بمدينة قالمة كمقر مؤقت للمركز في انتظار بناء مقر خاص يكون في مستوى كاتب ياسين و الأدب و الفكر الإنساني المميز. كما تقرر أيضا إنشاء جائزة ثانية تسمى جائزة كاتب ياسين الخاصة تمنح لأحسن بحث و دراسة حول كاتب ياسين و الأدب المغاربي و هذا إلى جانب الجائزة الأدبية كاتب ياسين الخاصة بأحسن رواية باللغة الفرنسية منشورة بالمغرب العربي و التي شرع في العمل بها بداية من الملتقى الحالي. و تقدر قيمة الجائزة الأدبية ب 2000 أورو و الجائزة الخاصة كاتب ياسين ب 1000 أورو.