حين يبلغ الأمر بطالب في الجامعة إلى حد شراء علامات النجاح، وحين يطالب ممتحن في البكالوريا بحقه في الغش، فإن ذلك يعني ببساطة أن فعل التزوير بلغ الأعضاء الحيوية للكيان الوطني. وبالطبع لن تكون فضيحة معهد البيولوجيا بعنابة حادثة معزولة، لأن الوقائع التي ظلت الصحافة تنشرها في السنوات الماضية تكشف عن انتشار التزوير في الوسط الجامعي، حيث سجلت فضائح في وهران والبليدة وفي أم البواقي وفي قسنطينة أين أصبح الآباء يورثون التدريس في المعاهد لأبنائهم. والحديث هنا عن تزوير النقاط وتضخيمها فقط دون الدخول في انتحال الرسائل الجامعية الذي أصبح سنة حميدة فقبل نحو سنة نقلت النصر عن مختصين تأكيدهم في ندوة علمية بأن العشرات من رسائل الدكتوراه والماجستير بجامعة قسنطينة مسروقة. والمثير أن التزوير أصبح مطلبا من المطالب، فمثلما طالب مترشحون للبكالوريا بهذا الحق وهدّد بعضهم بالانتحار، يطالب طلبة بحقهم في النجاح والانتقال من سنة إلى أختها وبلغ الأمر إلى حدّ استعمال العنف كما حدث في عنابة بعد اكتشاف تزوير علامات نحو ألف طالب حيث هاجم طلبة إدارة المعهد وحاولوا حرقها. هذا الوضع يستدعي قرع أجراس الخطر لحماية منظومة التعليم وإعادة النظر في طرق تسيير الجامعات الجزائرية بعد أن كلّف بناؤها المجموعة الوطنية الكثير. ولا بأس أن نعترف بأن الدولة بنت هياكل ضخمة للتعليم العالي في مختلف أنحاء الوطن، لكن هذا الاجتهاد المادي بات يعوزه حسن التدبير البشري، ما يستدعي فحص واقع الجامعة من طرف أهلها، لأن تراجع المستوى بات يعبّر عن نفسه قبل أن تطالعنا مظاهر الانحراف في هذا المؤسسة التي كان يفترض أن تكون قائدة للمجتمع بدل أن تقع تحت تأثيره. و كان يكون الأمر مفيدا لو أن هذا الوضع سيق بين اهتمامات نقابات الأساتذة إلى جانب اهتمامها بالأجور والسكن وانشغال التنظيمات الطلابية إلى جانب انشغالها بالأكل والنقل. صحيح أن هناك من يجد ويجتهد بين الطلبة والأساتذة في جامعاتنا، لكن بروز مظاهر الفساد على هذا النحو يصبح مدعاة للفزع في مجتمع تحوّل فيه هذا الفعل المشين إلى رياضة وطنية. ملاحظة ما يحدث نتيجة لأفعال أشاعت الفعل كشراء المناصب والأصوات ورؤوس القوائم في الانتخابات. ولأن الغش مرض معد فقد انتقل من المدافئ إلى المباريات ومن المجالس إلى الجامعات. سليم بوفنداسة