رضا يحلم بالاستفادة من العلاج بالخلايا الجذعية للوقوف على قدميه عاش زرقين رضا حياة عادية إلى غاية سن الثانية عشر من العمر، تاريخ ظهور بعض الأعراض المقلقة كالتعب و الوهن المستمر، و التي ظن أنها ناجمة عن مشاكل صحية عابرة، ستختفي بمجرّد زيارته للطبيب، لكن الأمر لم يكن كما توّقعه و لا كما اعتقده طبيبه المعالج الذي شخص مرضه كأعراض بسيطة لفقر الدم، خضع على إثرها لمتابعة طبية منتظمة لم تتحسن معها حالته بل زادت سوءا بفشل أطرافه العلوية و السفلية، ليكتشف بعد سنوات من سوء التشخيص المتكرّر بأنه مصاب بداء الفشل العضلي « بومب» النادر (maladie de pompe). رضا زرقين البالغ من العمر اليوم 34سنة، بدا متفائلا ، لقناعته الكبيرة بأنه سيتم اختراع و علاج لكل أنواع داء الوهن العضلي «ميوباتي» بما فيها أشكالها النادرة و على رأسها داء بومب،لكن شعوره بالتفاؤل سرعان ما اختفى عندما بدأ الحديث عن الصعوبات التي يواجهها في حياته اليومية و بشكل خاص التنقل بين الحي الذي يعيش فيه بمنطقة بن الشرقي المعروفة ببناياتها الفوضوية و غياب التهيئة إلى مكان عمله بالجامعة و هو الذي يقاوم نفسه حتى لا يجلس على كرسي متحرّك و يفضل استغلال ما تبقى له من قدرة على المشي و لو بصعوبة كبيرة. رضا الذي يسير بخطى متثاقلة زار النصر منذ يومين لنقل معاناته ، آسرا بأنه زار الكثير من الأطباء لمعرفة أسباب شعوره المستمر بفشل أعضائه، لكنه اصطدم في كل مرة بسوء التشخيص و وصف أدوية تخص داء فقر الدم الذي اكتشف بعد حوالي ستة سنوات بأنه لا أثر لأعراضه في جسمه المنهك، غير أن الوهن استمر معه بمضاعفات حرجة، مما دفعه لاستشارة أطباء آخرين ليعرف بعد تعب بأنه مصاب بداء الميوباتي الذي لا علاج له و ينصح بالمواظبة على التمارين الرياضية كي لا يستفحل المرض ، و استمر ذلك سنوات عديدة أخرى من عمر رضا اليائس من تدهور صحته و ظروفه الاجتماعية القاسية، التي ضاعفت معاناته أكثر، فبيت العائلة المصنوع من التارنيت يضاعف آلم عظامه بشكل لا يحتمل في فصل الشتاء كما سرد رضا الذي اغرورقت عيناه بالدموع و هو يصف حالته الاجتماعية بعد وفاة والدته و ارتباط والده و بقائه رفقة شقيقاته الثلاث و أخيه بشقة من غرفتين، قال أن ينام و يصحو على أمل تغيّر حياته و التفات المسؤولين إليه و منحه سكن اجتماعي ، يتخلّص بفضله من كابوس المسالك الوعرة التي أوهنت كاهله و هو يتنقل عبرها صباحا و مساء لأجل الوصول إلى مكان عمله و مصدر رزقه الوحيد كعون إداري بالجامعة المركزية. رضا أكد بأن ظروفه الصحية تحتم عليه تجديد عطله المرضية باستمرار، خاصة في فصل الشتاء أين يجد صعوبة في التنقل لتعقد وضعه و تضاعف أعراض الوهن على جسده النحيف، حيث تراجع وزنه في وقت قصير من 54كيلوغراما إلى 45كغ، الشيء الذي جعله يجد صعوبة أكبر في السير، رغم عزيمته القوّية في مكافحة المرض. "الصدفة كانت الوحيدة التي جعلت الجميع يكتشف بأن الأمر يتعلق بمرض نادر»، يقول رضا زرقين الذي سرد كيف أن التقاءه برئيس جمعية وطنية، كان له الفضل في تحديد مشكلته الصحية الحقيقية، حيث ساعده على إجراء تحاليل دقيقة بالخارج، أكدت إصابته بداء بومب الذي يصيب واحد من بين 40ألف شخص في العالم و الذي يصعب تشخيصها لتقارب أعراضها مع أعراض مختلف أمراض الشلل العضلي أو الوهن العضلي. و بعد التقصي و البحث و الاطلاع على كل ما يخص داء البومب، عرف رضا بأنه بإمكانه الاستفادة من علاج خاص لتوقيف تطوّر أعراض المرض و بالتالي تجنب الشلل الكلي، و إن كان الخبر قد أدخل الفرح و الاطمئنان إلى قلب رضا، فإن الخوف من عدم التمكن من الحصول على الدواء أو حدوث انقطاع في التزوّد به حوّل حياته إلى كابوس يؤرق لياليه، أمام ندرة الأدوية و مشكلة عدم توّفره في الصيدليات، مثلما حدث له في الشهرين الأخيرين، حيث اضطر للاستعانة بمحسنين من ولاية عنابة للحصول على دواء "الميوزين" بعد توقف علاجه لمدة شهر كامل بسبب انعدام الدواء بالمراكز الاستشفائية بقسنطينة و الصيدليات. رضا الذي لم يمنعه المرض من العمل و كسب الرزق جرّب عدة وظائف مؤقتة ضمن الشبكة الاجتماعية، حيث عمل بقصر أحمد باي، و مديرية مسح الأراضي و مديرية المالية قبل حصوله على منصب قار بالجامعة المركزية قسنطينة 1، غير أن مواجهته المستمرة لصعوبة التنقل قللت من عزيمته و جعلته يستسلم للمرض و المكوث بالبيت مضطرا لعدم قدرته على صعود و نزول المسالك الوعرة بمكان سكناه. و قال رضا بأن أمله اليوم الاستفادة من حظ السفر إلى الخارج لأجل الخضوع للعلاج بالخلايا الجذعية التي حققت نتائجا إيجابية تبعث على التفاؤل، و ناشد المحسنين و المسؤولين للأخذ بيده و مسح الغبن عنه بمساعدته على جمع تكاليف العلاج التي قدّرها المختصون بأكثر من 250مليون سنتيم. و قال بنبرة يطبعها الأمل"عسى أن استعد عافيتي و أفتح بيتا و أسرة تنسيني سنوات الألم و المعاناة". كما تحدث عن حلم الحصول على محل صغير يديره و يسترزق منه للتخلص من معاناة التنقل و ركوب الحافلات مؤكدا بأنه لم يعد يتحمّل نظرات الشفقة و لا استهزاء الأطفال من طريقة سيره.