عدد ضحايا "خو دراري" بلغ 400 طفل بقسنطينة يبقى المعتقد الشعبي المعروف باسم "خولولاد"يجني المزيد من ضحايا الصرع و مختلف أمراض الأعصاب الخطيرة في أوساط البراءة، حيث يتماطل الكثير من الأولياء في نقل صغارهم إلى المستشفيات أو عرضهم على الأطباء المختصين لثقتهم في نصائح المسنين و الجيران الذين لا زال الكثيرون منهم يربطون بعض أعراض الحمى المصاحبة بالتشنجات الشديدة بالعديد من الخرافات و يقنعونهم باللجوء إلى الرقاة أو المشعوذين أو الطب البديل، و لأن المرض لا يعرف الانتظار فإنه يفعل فعلته بمضاعفاته الخطيرة مثلما حدث مع العديد من الأطفال الذين زارت النصر بعضهم لنقل معاناتهم و معاناة أولياء لم يعرفوا طعم النوم بعد إصابة فلذات أكبادهم بأكثر الأمراض العصبية انتشارا ببلادنا حسب المختصين. الطفلة سجود ضحية تشخيص متأخر لم تتوّقف سجود عن الأنين و الحركة تعبت والدتها التي كانت تحملها على ركبتيها من التحكم فيها طيلة تواجدنا معها، حيث سردت أم سجود و الدمع لا يكاد يفارق عينيها كيف أن حالت ابنتها البالغة من العمر اليوم خمس سنوات ونصف ساءت و هي في شهرها الثامن بعد إصابتها بأعراض قالت أنها بدت لها عادية، حيث تكررت معها حالة التقيؤ و الحمى و لنقص خبرتها في تربية الأطفال كون سجود أول طفل ترزق به بعد زواجها، فقد طلبت النصح من قريباتها و جاراتها اللائي طمأنها و أخبرنها بأن الحالة عادية و تحدث كثيرا مع الرضع و هو ما يعرف بالعامية باسم "خولولاد" و نصحوها بقطعه أي اللجوء إلى مختص في الطب الشعبي لكن حالة سجود لم تكف عن التدهور و تفاقمت أكثر بعد بلوغها شهرها الثامن لتيقن هي و زوجها بضرورة عرض صغيرتها على طبيب لمعرفة ما يجري معها ليكتشفا أن سجود مصابة بداء الصرع، و تبدأ رحلة البحث عن العلاج أمام صعوبة الحصول على الأدوية الضرورية بانتظام الشيء الذي أدخل الصغيرة في دوامة النوبات و الغيبوبة المتكررة و هي اليوم تعاني من إعاقة مستديمة. حالة الطفلة نورهان صاحبة السبع سنوات لا تكاد تختلف عن حالة سجود من حيث الأسباب التي ساهمت في حرمان الصغيرة من الاستفادة من العلاج المناسب لو هي خضعت للتشخيص المبكر حسب والدتها التي التقيناها بمصلحة أمراض الأعصاب بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة،أين كانت في انتظار الطبيبة المختصة، حيث أخبرتنا أم نورهان بأن الجهل كان وراء تدهور صحة صغيرتها و كذا التشخيص المتأخر لحالتها، آسرة بأنها لم تغفل يوما عن أخذ درجة حرارة جسم رضيعتها كما فعلت دائما بحذر شديد مع باقي أطفالها الثلاثة، لكن حالة نورهان فاجأتها، حيث لم تكن تعرف شيئا عن التشنجات الناجمة عن الحمى الشديدة،تضيف أم نورهان التي تنهدت طويلا و هي تسترجع كابوس الأيام الأولى من ظهور الأعراض على صغيرتها قائلة بأن لونها كان يتغيّر و يكاد يكون أزرقا من شدة التشنجات، أخبرتها حماتها بأنه ما يعرف بالكثير من المناطق باسم "خولولاد"أو "خو الدراري" و رافقتها إلى عجوز بالحي تعوّدت على ممارسة عادة "القطع" كما قالت و هي طقوس يقوم بها بعض ممن يدعون بأنها كرامات يتمتعون بها دون غيرهم و توارثوها أبا عن جد ، و استرسلت أم نورهان و كأنها تحاول إقناع نفسها و من حولها بأن ابنتها تحسنت بعد ذلك، لكن حالتها ساءت من جديد بعد بلوغها عامها الثاني و عند عيادة طبيب الأطفال وصف لها أدوية عادية ضد الحمى، غير أن الحالة نفس الأعراض تكرّرت لديها لتضطر لتغيير الطبيب و رؤية طبيب مختص أكد بعد فحصها بأنها مصابة بالصرع و طلب منها التحاليل الطبية اللازمة و وصف لها الدواء، لكن مشكلة الانقطاع المتكرّر الذي مر به سوق الدواء ببلادنا أرغمها كغيرها كثيرين على التوّقف عن العلاج و هو ما عرضها لمضاعفات خطيرة لا زالت تدفع اليوم ثمنها غاليا. أم صلاح التي التقيناها بجمعية "طفولة و أمل لمساعدة مرضى الصرع"الكائن مقرها بحي أحمد سيساوي بالكيلومتر السابع طريق باتنة – قسنطينة، بكت بحرقة و هي تسرد ما حدث مع صغيرها الوحيد و محنتها المستمرة في البحث المتواصل عن الأدوية، آسرة بأن سعر علاج صغيرها صلاح لا يقل عن 12مليون سنتيم و نصف سنويا و هي التي ليس لديها أي دخل أو مصدر مالي وعزاؤها الوحيد في المساعدات التي يقدمها لها المحسنون بفضل جمعية أمل و طفولة التي أكدت بأنه لولاها لما تمكنت من توفير العلاج لطفلها، مؤكدة بأنها خائفة جدا من أن يكون مصيره كمصير الكثير من الأطفال مرضى الصرع الذين لم يحالفهم الحظ في أخذ علاجهم المناسب بانتظام و بالتالي التعرّض للإعاقة. أم صلاح التي أبكت من حولها من الحضور لعدم تمكنها من حبس دموعها قالت بحرقة بأن مشكلة الأطفال مرضى الصرع تكاد تكون واحدة و هي عدم توّفر الأدوية المناسبة و التي يستمر الأطباء في وصفها لهم رغم تأكدهم من عدم توفرها بالصيدليات الجزائرية. الأطباء يواصلون وصف أدوية غير موجودة في الصيدليات أغلب الأولياء الذين تحدثنا إليهم خلال قيامنا بهذا الاستطلاع أكدوا لنا بأن الكثير من الأطباء يواصلون وصف أدوية لم تعد موجودة في الصيدليات الوطنية و يؤكدون على الأولياء ضرورة جلبها من الخارج إن هم أرادوا أن تتحسن حالة أبنائهم قبل فوات الأوان الشيء الذي يدخلهم في حالة بحث و تسابق مع الزمن، حيث ذكر أب ياسين أنه يضطر للتوّسل لسائقي سيارات الأجرة المتوجهين إلى تونس لأجل شراء بعض الأدوية و على رأسها "الديباكين"، و قال آخر بأنهم يطلبون من القادمين من الخارج و بشكل خاص من فرنسا من جلبه لهم لكن الظروف اليوم تغيّرت بالمطارات و بات من الصعب تمرير علبة دواء دون وصفة تحمل ختم طبيب فرنسي مثلا. رئيس جمعية أمل و طفولة رضا حمراوي أكد بأن الأولياء يواجهون مشاكل كثيرة لجلب الدواء من الخارج بعد الانقطاع المتكرّرة التي تشهدها سوق الأدوية ببلادنا بالإضافة إلى رفض الكثيرين استعمال الأدوية الجنيسة التي يرى البعض بأنها لا تعطي نفس النتائج و ليست بنفس النجاعة التي توفرّها الأدوية الأصلية حسب اعترافات الكثير من الأولياء الذين أكدوا بأن حتى الأطباء المعالجين ينصحونهم بفعل المستحيل لأجل اقتناء الأدوية الأصلية إن هم أرادوا الحصول على نتائج إيجابية.الشيء الذي يدفع الكثير من الأولياء اللجوء إلى كل الطرق لأجل الحصول على الدواء ، مما يدخلهم في حالة قلق و توتر دائمين يقول رئيس الجمعية دائما موضحا بأنهم يضطرون لتقديم ما أطلق عليه "خدمة مقابل خدمة"إشارة إلى دفع ثمن الخدمات التي يقدمها بعض الناقلون الخواص دون أن ينفي وجود محسنين يقومون بذلك لوجه الله و دون مقابل. مات قبل يوم من وصول الدواء أحصت جمعية الأطفال مرضى الصرع بقسنطينة 400طفلا مصابا بالصرع، حسب رئيس الجمعية الذي أكد بأن العدد لا يعكس الواقع ، لانعدام إحصائيات رسمية لهذه الفئة من المرضى، مشيرا إلى سوء التشخيص و جهل بعض الأطباء الجدد لهذا المرض مما يعرّض الأطفال المرضى إلى خطر تأخير العلاج و بالتالي إصابتهم بأعراض و مضاعفات خطيرة و تحول دون استفادتهم من العلاج في الوقت المناسب و عليه تتقلص نسبة الأمل في الشفاء. و أضاف رضا حمراوي و هو نفسه والد لطفل أنعم الله عليه بالشفاء بعد صراع طويل مع داء الصرع، مناشدا المسؤولين بضرورة التفكير في آليات تمنع انقطاع الأدوية الأساسية للأمراض المزمنة و الخطيرة و التي تعرّض حياة المرضى للخطر أو تؤثر على علاجهم و تحول دون شفائهم بل الأخطر من ذلك تجعل منهم معاقين للأبد مثلما حدث مع الكثير من الحالات التي تابعت الجمعية أخبارها مثلما قال، كاشفا بأن أربعة أطفال توفوا بسبب المضاعفات الخطيرة التي أصابتهم جرّاء اختفاء بعض الأدوية الأساسية لعلاجهم، و ذكر بتأثر كبير قصة طفل قال أنه عمل المستحيل لمساعدة والده للحصول على الدواء و بعد شهر من البحث و التوّسل للمحسنين داخل و خارج الوطن تمكن من الحصول عليه ، و عند اتصاله بوالد الصغير ليطمئنه أخبره هذا الأخير بأن الصغير لفظ أنفاسه قبل يوم من وصول الدواء.