إغلاق الطريق الولائي 27 بعد اتساع دائرة الانهيار الأرضي بقالمة أغلقت مديرية الأشغال العمومية بقالمة الطريق الولائي 27 الرابط بين بلديتي بوحمدان و برج صباط في وجه حركة المرور مساء أول أمس السبت بعد اتساع دائرة الانهيار الأرضي الكبير الذي ضرب الطريق و أحدث انخسافا و تصدعات تشبه آثار زلزال عنيف و هوت الطبقات الخرسانية السوداء و كأنها كانت فوق فراغ سحيق. و قد تنقلنا إلى موقع الانهيار في ساعة متأخرة من مساء السبت و وقفنا على حجم دمار كبير ضرب أحد أهم الطرقات الولائية بقالمة بعد سنة فقط من انتهاء عملية الإنجاز و تدشين الطريق و إدخاله مرحلة الاستغلال على مسافة تفوق 25 كلم تبدأ من بلدية بوحمدان إلى بلدية بن باديس بقسنطينة مرورا ببرج صباط و تجمعات سكانية أخرى ظلت تعاني من عزلة خانقة و تنتظر المشروع الحلم الذي صار حقيقة قبل سنة لكنه لم يصمد طويلا أمام المؤثرات المناخية و الطبيعة الجيولوجية المعقدة. توقفت حركة السير بعد نشاط كثيف أعاد الروح لسكان المنطقة ،الذين أصبحوا مجبرين على عبور مسارات أخرى ملتفة و طويلة للوصول إلى المدن و القرى المجاورة و وضعت مديرية الطرقات إشارات مخططة بالأبيض و الأحمر تمنع العبور و حتى الاقتراب من موقع الانهيار الذي يواصل نشاطه كالبركان حيث رأينا كيف كان سطح الطريق ينهار و الطبقات الطينية الضخمة تغوص في الأعماق محدثة شقوقا و تصدعات سحيقة يمكنها ابتلاع شاحنة وزن ثقيل. و حسب السكان الذين وجدناهم بموقع الانهيار فإن المكان معروف بكثرة المياه الجوفية و تحرك الطبقات الطينية كل شتاء لكن المشرفين على إعادة تأهيل الطريق أبقوا على المسار القديم الذي يقع قرب حفرة كبيرة أحدثتها آليات استخراج المادة الأولية لصناعة الآجر بمركب برج صباط ، و أضافوا بان مؤشرات الانهيار بدأت تظهر بالموقع قبل تعبيده و دعمه بنظام إسناد لم يصمد أمام تحرك الطبقات الطينية الضخمة. و قالت مصادر مطلعة بان مهندسي الطرقات يعملون حاليا على إيجاد منفذ بديل لضمان استمرارية حركة السير غير أنهم يواجهون وضعا ميدانيا مستعصيا حيث يصعب اختراق الحقول الزراعية الموحلة أو وقف الانهيار و الانخساف الكبير باتجاه منجم الآجر. و يتوقع أن يظل الطريق مغلقا أو صعب الحركة لفترة طويلة قد تمتد إلى الصيف القادم حيث ينتظر المهندسون جفاف المنابع الجوفية و انكماش الطبقات الطينية الهشة حتى يتمكنوا من إنجاز نظام صرف للمياه الباطنية أو إيجاد مسار بديل يبعد الطريق عن موقع الانهيار الكبير الذي يصعب وقفه و التحكم فيه بالنظر إلى قوته التدميرية الهائلة و اتساع دائرته كلما سقطت الأمطار التي كشفت عيوب الدراسات الجيوتقنية و أحدث كارثة شبيهة بتلك التي ضربت الطريق الوطني 20 قرب الأرض الكحلة قبل 30 سنة. السكان يحملون مكاتب الدراسات المسؤولية و يطالبون بالتدخل العاجل "هذا أمر مؤسف و خسارة كبيرة لا يمكن السكوت عنها ، لقد عادت العزلة من جديد لتطبق على المنطقة ، أين الرقابة على المشاريع و أين هم المهندسون المتخصصون في الجيولوجيا و أنظمه صرف المياه الجوفية و بناء الشبكات ، لقد أصابنا الإحباط و نحن نرى مشروعا كبيرا تحول إلى دمار في لحظات» هكذا تحدث الدراجي بن زيدان أحد سكان برج صباط و هو يقف رفقة صديق له أمام الصدع الكبير ، بدا الرجل حزينا و هو يتذكر فريقا من المهندسين كان يعمل هنا قبل سنة لدراسة الموقع الذي ينام على مياه جوفية غزيرة و طبقات طينية هشة و دائمة الحركة خلال فصل الشتاء. و يضيف الرجل بان جدلا كبيرا دار بين أعضاء الفريق في ذالك الوقت منهم من اقترح تغيير مسار الطريق و إبعاده عن منجم الآجر و تمريره عبر ممتلكات مواطنين في إطار المنفعة العامة ، و منهم من قرر الإبقاء على المسار القديم و دعمه بنظام إسناد و تمت الموافقة على القرار الأخير و كانت النتيجة انهيار طريق أنجز منذ سنة فقط و ملايير من الدينارات تهوي في باطن الأرض. و قال سائق حافلة تعمل على خط برج صباط بوحمدان قالمة « أوقفنا العمل هذا المساء ، نخشى أن تطول العزلة و المعاناة ، لن تكون هناك حافلات تعبر الإقليم غدا و لا حتى سيارات ، هذا أمر محزن ، لماذا فعلوا هذا أين الرقابة و أين المهندسين و المسؤولين». و قد تجمع عدد من سكان المنطقة و عابري الطريق حول موقع الانهيار الكبير و قد أصابتهم الدهشة و امتلكهم الخوف كما حدث لعائلة كانت متوجة إلى قسنطينة بالكاد عبرت من منفذ ضيق انهار بعد مرور السيارة السياحية الصغيرة. و قد وجه السكان نداء عاجلا إلى والي الولاية و طالبوه بالتدخل لفك الحصار الذي ضرب على المنطقة من جديد و فتح تحقيق حول الانهيار و البحث عن مسار بديل حتى لا تتكرر الكارثة مرة أخرى.