تجمع سقدال قريب من شبكتي الماء و الغاز بعيد عن المسؤولين لا يفصل سكان تجمع سقدال بأقسامه وفضاءاته الثلاث عن مقر ومركز بلديتهم القرارم قوقة ولاية ميلة ،سوى طريق واحد مغطى بالخرسانة المزفتة يمتد على مسافة أربع كيلومترات فيها منعرج واحد كذلك ،غير أن هذا الطريق بطوله غير الكبير وهذا المنعرج الوحيد عليه ،كانا كافيين لحرمان هؤلاء السكان حتى هذه الساعة من جملة من الامتيازات القاعدية التي يتمتع بها أبناء بلدتهم بمركز البلدية. هذا الموقع وضع سكان هذا الحي ضمن خانة ما يعرف سكان الريف مع ما يترتب عن هذا المصطلح وهذه التسمية من نقص في الهياكل الأساسية والمرافق الضرورية للحياة اليومية وصعوبة العيش بالنسبة لسكانه الذين كثيرا ما يتجاهلهم الناس طيلة فصول السنة باستثناء فصل الربيع وبداية الصيف ،حيث تزهر الأرض وتعلو الخضرة الأرض ،وبعد أن يحل وقت جني الثمار فينتبه إليهم الناس ويحجون نحوهم ولسان حالهم يقول كم هي جميلة سقدال وكم هو حلو مذاق لبنها، وفي تلك الغمرة من الفرحة والانتعاش تتمنى العائلات التي تقضي يومها الربيعي هناك العيش في ذاك المكان، قبل أن تقفل راجعة في المساء أو بعد انقضاء وقت الفرجة لينسى الكل ذاك المكان،إلى أن يحل ربيع آخر ويمتلئ ضرع أبقارها من جديد حليبا وشهد نحلها عسلا حيث تكون العودة مجددا . سقدال إذا هو التجمع السكني الموصوف بالريفي المتواجد في قلب الأراضي الفلاحية يجده زائره منتصبا ومطلا من الناحية الشمالية الشرقية لمدينة القرارم قوقة، بل هو مسيطر عليها كونه أعلى منها ارتفاعا لا يستطيع قاصده غير المالك لسيارة خاصة الوصول إليه، إلا عبر سيارات النقل الجماعي ( جي 5 )التي تخلصت منها كل خطوط الولاية إلا سقدال وهي تعمل بنظام ( الفرود) يقتات منها أصحابها الذين هم ليسوا أحسن حالا من أولئك الذين يسعون لخدمتهم وفق هذا النظام في غياب ترسيم خط منظم ومواقف حافلات تشعر السكان بوجودهم ،مثلهم مثل باقي التجمعات التي تملك خطوط نقل معلومة ومنظمة . فإذا كان لكل فصل من فصول السنة عيوبه ومزاياه يحس بها كل الناس على اختلاف مواقعهم وحالتهم الاجتماعية مع اختلاف في الحدة، فإن هذه الحدة بالنسبة لسكان سقدال متواجدة دوما وفي أعلى درجاتها وكوابيس كل فصل تقض مضاجعهم وتبعد النوم عن عيونهم ،فتجدهم دائمي البحث يقول ممثل التجمع السيد حسين بوالجدرة عن ضالتهم في الصيف كما هو الحال في الشتاء ،كيف لا وهم يعانون من نقص المرافق والتجهيزات القاعدية التي تهدئ من روعهم وتعيد لهم ولأبنائهم السكينة التي تطلبها النفس. ففي فصل الشتاء تريح البئر الوحيدة السكان من عناء البحث عن ماء الشرب وتوفر لهم حظهم وحاجتهم منها من خلال الدلاء التي تمتد داخل البئر ،لتغرف منها عبر حبال طويلة لتحول بعدها نحو السكنات على ظهور الحمير التي لا يمكن لسكان سقدال الاستغناء عنها ،لما تقدمه من خدمات يومية لهم لكن سرعان ما تعود هذه الدلاء خائبة من وسط البئر جافة حال حلول فصل الحر ( الصيف ) ،حيث يجف ضرع البئر فتجد السكان يتحولون لطلب الماء عن طريق الشاحنات ذات الصهاريج التي تبيعهم إياه ،مقابل مبالغ مالية أثقلت حتى هذه الساعة كاهلهم وأفرغت جيوبهم برغم اطلالة مساكنهم على حوض ومياه سد بني هارون العملاق . وفي ظل عدم تجسيد مشروع تمكينهم من الشرب الذي يقال لهم في كل مرة أن الحل قريب ،وآخرها هي عزم الجهات الوصية على انجاز دراسة تقنية جديدة لتنقيب في منطقة تواجد البئر للرفع من منسوب الماء المحصل عليه، غير أن ذلك يبقى مجرد مشروع لأن الناس تؤمن اليوم بالملموس لا بالدراسات التي تبقى أوراقها على رفوف المكاتب أو ضمن ذاكرة الحواسيب. وإذا كان خير الشتاء في توفير ما يشربه الناس هناك كبيرا ،فإن عيوب هذا الفصل أشد وقعا على الناس لشدة البرد وحاجتهم الكبيرة للتدفئة التي تتم عن طريق قارورات الغاز أو مدافئ الكهرباء ،مع ما يصاحب ذلك من مصاريف إضافية ضخمة ،وهذا بالرغم من مرور قناة النقل لغاز المدينة على بعد لا يتجاوز ال 70 متر عن سقدال وهو ما يجعلهم يحلمون بالربط منها يوما ليتخلصوا وإلى الأبد من مشكلة التدفئة، ووقتها لن تجد ما يدفعهم لمغادرة سقدال نحو مركز القرارم أو غيرها من المراكز الحضرية التي يطلبها الناس. ثم أن الحركة وقت الشتاء تصبح بين مساكن الحي صعبة للغاية، إذ أنه باستثناء الطريق السالف الذكر الذي يربط هذا التجمع بمقر ومركز البلدية والذي هومعبد كما أسفلنا ونصفه ينتمي للطريق الوطني رقم 27 الرابط بين قسنطينة وجيجل مرورا بالقرارم قوقة وولاية ميلة عموما، فإن المسالك الأخرى التي تربط سكنات الحي ببعضها البعض كلها ترابية تجعل الأقدام تغوص وقت الشتاء في الطين والأوحال، ناهيك على أن السكنات تتهددها الشعبة المارة وسط التجمع والتي تفتقر لأدنى تهيئة وتوجيه بالفيضان الذي يزيد الأمر سوءا وقت الحمولة التي يأتي بها من أعلى التجمع. وعلى ذكر الشعبة المارة وسط تجمع سقدال العلوي بالخصوص، فإنها تمثل الفضاء أو المكان المناسب الذي يستغله السكان في رمي فضلاتهم المنزلية ذلك أن شاحنة القمامة البلدية لا تزورهم فهم خارج اهتمامها، وإذا كان هذا وضعهم مع شاحنة القمامة فكيف لهم الطمع في شبكة التطهير الغائبة هي الأخرى عن التجمع وسكناته ،حيث يلجأ القاطنون هناك إلى إقامة الحفر الصحية في انتظار تجسيد المشروع المسجل وتحويل الدراسة التقنية إلى واقع ملموس ونفس الشيء بالنسبة لشبكة مياه الشرب التي تعود دراستها حسب ما أفادنا به محدثنا بوالجدرة ومثلما قيل لهم الى عام 2009. محدثنا أشار إلى الضعف الكبير الذي تعاني منه شبكة الانارة العمومية التي من حيث رقعة التغطية ،حيث لا تصل لكل الأزقة ومن حيث شدة الاضاءة، ثم أن المصابيح المحترقة منها لا يتم اللجوء إلى تعويضها واستبدالها إلا مرة في 6 أشهر، فالمتابعة الدورية لها غائبة ولا يتم ذلك إلا بإلحاح وتبليغ دائم من السكان . ومع أن سقدال منطقة ريفية، إلا أن حصة سكانه من مشاريع البناء الريفي تبقى ضعيفة جدا ،ذلك أن حظهم في حصة البلدية الموزعة مؤخرا يضيف مصدرنا توقف عند الرقم 2 وهو ما يجعلهم يلتمسون الزيادة في الحصة، مثلما يلح شباب التجمع على تمكينهم من ساحة لعب مهيأة علما وأن أغلب الأراضي هناك تابعة مثلما قال محدثنا لأملاك الدولة الأمر الذي لا يطرح مشكلا في تخصيص قطعة مناسبة لهم . المجمع الإداري المنجز لفائدة السكان وتقديم الخدمات لهم لم يعرف هذه الوظيفة مما جعل أحد المواطنين يحوله لمنزل عائلي على الأقل يستر فيه أبناءه وتبقى قاعة العلاج تؤدي دورها لغاية منتصف النهار من كل يوم مثلما تمت إفادتنا به. رئيس بلدية القرارم قوقة، اكتفى بالقول أن خزينة البلدية لا تستطيع سوى التكفل بالقضايا غير المكلفة ماليا كثيرا في هذا التجمع السكاني ،فيما تسعى لتسجيل العمليات الكبيرة مثل شبكة الصرف وشبكة الغاز وشبكة مياه الشرب ضمن البرامج القطاعية . ويبقى سقدال من الأمكنة التي يلهث الناس للوصول إليها في فصل الربيع ،مثلما أسلفنا لما توفره من متعة وراحة للنفس وسط الخضرة وروعة المكان والذي لا يطلب أكثر من حظه من البنية التحتية القاعدية التي تغني الناس هناك عن طلب المزيد .