مرضى مزمنون يتحدون الداء و يصرون على الصوم كشف رئيس الأطباء بمصلحة أمراض الغدد و السكري بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة بأن قرابة 50 بالمائة من مرضى السكري الذين يستعملون الأنسولين يصومون، في إشارة إلى إصرار المرضى المزمنين على الصيام، و رفضهم التقيّد بنصائح الأطباء و حتى رجال الدين الذين يحثونهم على ضرورة الإفطار لتفادي تعريض أنفسهم للخطر. وأوضح البروفيسور لزعر استنادا إلى بحث «إبيديار» الذي شمل 13 دولة إسلامية من ضمنها الجزائر، بأن قرابة 50بالمائة من مرضى السكري صنف1 و قرابة 80بالمائة من مرضى السكري صنف 2 ، الذين يتناولون الأقراص، يصرّون على الصيام، و يرفضون نصائح الأطباء و كذلك المفتين و الأئمة الذين يذكرونهم بضرورة الالتزام بتعليمات الطبيب المعالج، غير أن الحالات التي تسجلها المصالح الاستعجالات الطبية في بداية كل شهر صيام، تؤكد إصرار المرضى من مختلف الفئات العمرية و بشكل خاص المسنين على إتمام هذا الركن الإسلامي، على حساب صحتهم و حياتهم أيضا ،على حد تعبيره. من جهته قال الدكتور عبد القادر جدي رئيس لجنة الفتوى بمديرية الشؤون الدينية و الأوقاف بقسنطينة ،بأن الحملات التحسيسية المنظمة لفائدة المرضى المزمنين بيّنت بأن استمرار بعض المرضى الممنوعين من الصيام في تعريض أنفسهم للخطر ناجم عن سوء توصيل الرسالة من قبل الأطباء المعالجين. و ألّح على ضرورة قيام الأطباء بواجبهم بنوع من الحزم، لأن الدور الأول و الأخير في إباحة الصوم أو منعه يحدّده الطبيب المعالج حسب حالة مريضه. و أضاف بأن الشريعة الإسلامية أباحت الإفطار للمريض الذي يشّكل الصيام خطرا على حياته، و عليه فإن إصرار المريض الممنوع من الصيام، مجازفة و رفض لرخصة منحها الله لعباده. و ذكرت مريضة في العقد السادس مصابة بداء السكري، حضرت فعاليات الأيام التحسيسية حول رمضان و الأمراض المزمنة بقسنطينة، بأنها بكت كثيرا عندما أخبرتها الطبيبة المعالجة بعدم قدرتها على الصوم هذه السنة، لأن حالتها لا تسمح بذلك لعدم توازن نسبة السكر في الدم منذ فترة طويلة و شروعها مؤخرا في العلاج بالأنسولين بدل الحبوب . و أسرت إلينا بأنها لم تتقبل الفكرة رغم الإرشادات و الفتاوى التي سمعتها مباشرة على لسان المفتي في اللقاء الذي خصص لمرضى السكري بحر الأسبوع المنصرم. و سردت كيف أنها بدأت الصيام منذ كانت طفلة صغيرة لم يتجاوز سنها الست سنوات، و تضطر لإخفاء طعامها بالإسطبل لإيهام والديها بأنها تناولت طعامها، حتى لا يجبرانها على الإفطار. و استرسلت قائلة بأنها لم تفطر يوما في حياتها حتى بعد إصابتها بداء السكري منذ خمس سنوات. و قال مريض آخر مصاب بقصور كلوي حاد ،بأنه لم يتعوّد على الإفطار في رمضان و لا يزال يجهد نفسه و يحملها مشقة الصيام حتى في الأيام التي يخضع فيها للغسيل الكلوي، ظنا منه بأن «الثواب على قدر المشقة»إلى غاية التقائه بالمفتي الذي نجح في إقناعه بالإفطار يوم خضوعه لعملية التصفية امتثالا لنصائح و إرشادات الطبيب، لتجنب تعريض نفسه للتهلكة. و ذكر بعض الأطباء بأنهم يضطرون في بعض الأحيان للاستعانة بالأبناء لأداء دور المراقبين للآباء الذين يتظاهرون بأخذ الأدوية بانتظام في حين أنهم يؤجلون ذلك إلى موعد الإفطار، مما يتسبب في تدهور حالتهم الصحية و دخولهم المستشفى في الكثير من الأحيان. و أكد البروفيسور لزعر بأن 4 بالمائة من مرضى السكري يتوفون بسبب الانخفاض المفاجئ و الحاد لمستوى السكر في الدم، و هي حالات يكثر تسجيلها في شهر الصيام عند المرضى الذين لا يلتزمون بتعليمات الأطباء.