يعود شهر رمضان الفضيل علينا ككل عام، مذكّرا بفريضة الصوم المفروضة على كل مسلم ومسلمة، ويعود أيضا معه الجدال السنوي القائم بين المريض والطبيب وكذا أهل الشرع حول ما مدى قدرة بعض المرضى، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة كالسكري وضغط الدم، والتي تستدعي متابعة طبية دقيقة من خلال أخذ كافة الإحتياطات اللاّزمة، تفاديا لأية أعراض جانبية ومضاعفات قد تودي بحياة المريض في حال تهاونه. «السياسي» حاولت استقصاء آراء الأطراف المعنية من خلال تسليط الضوء حول الأخطار المهدّدة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، ورأي أهل الإختصاص في الأمر. عواقب وخيمة لمرضى يصرون على الصيام رغم تحذيرات الأطباء المختصين من التأثير السلبي للصيام على صحة بعض المرضى، كون أن أجسامهم لا تستطيع تحمل الجوع والعطش لفترة طويلة مع ضرورة تناول الأدوية اللازمة، خاصة أولئك الذين يقومون بنشاطات خارجية، مما يؤدي بهم إلى الإعياء بصورة مفاجئة، وبالتالي، ضرورة تناولهم للدواء، كما أن المرضى المصابون بداء السكري يستوجب عليهم أخذ جرعات الأنسولين في أوقات محددة، تفاديا لأية مضاعفات خطيرة على صحتهم، غير أن كافة هذه النداءات لم تجد آذانا صاغية لدى بعض المرضى ويعتبرون أن الأمر مبالغ فيه كون أن الصيام صحة وتتردد سنوياً في شهر رمضان تساؤلات المرضى بصورة عامة، ومرضى السكري بصورة خاصة مفادها هل أصوم أو لا أصوم؟ وما هو رأي الطب والدين وحتى العرف في حال الإفطار؟ بيد أن الإجابة على كل هذه التساؤلات صريحة وواضحة تجبّر المريض على الإفطار. اقتربنا من بعض المواطنين الذين من المفروض أنهم لا يقدرون على الصيام بسبب المرض غير أن نورة لا تعير الموضوع أهمية، حيث أكدت لنا أن الصيام فرض عليها ولا يمكنها التفريط فيه، على الرغم من أنها تعاني من ضغط الدم، ورغم ما تجده من صعوبة في إكمال صيام النهار حيث أنها تجد نفسها مجبرة على ملازمة السرير والإعياء الدائم طوال فترة الصيام ما جعل طبيبها يؤكد احتمالية تعرضها لخطر لا يمكن التعامل معه، وأن حياتها مهددة، ولكن فاطمة، وهي مريضة بداء السكري، وفي عقدها الخامس وكغيرها ممن يؤمنون بمثل فكرها، يجدون عدم الصيام في رمضان جريمة وخيانة لا تغتفر، حتى وإن كان الصيام يهدد حياتهم، وتقول المتحدثة، «في كل سنة يشتد الجدال بينها وبين أطبائي وأسرتي، وحتى صديقاتي، حول صيامي من عدمه»، مضيفة «ودائماً ما يكون القرار في النهاية لي، فأجازف وأصوم، إيماناً مني أن الصيام تطهير للروح والجسد، وهو شفاء»، ومؤكدة في ذات السياق «لا يمكن أن أفوّت هذه المناسبة العظيمة التي يشترك فيها جميع المسلمين، فهو شهر خير ورحمة وبركة». لتضيف أنها بحاجة إلى جرعات الأنسولين من مرتين لأربع مرات في غالب الأوقات «وأجد معارضة شديدة من قبل الطبيب المعالج على قرار صومي، وحتى زوجي أحضر لي فتوى تؤكد أنني معفاة من هذا الفرض، إلا أنني لم أعتد أن أترك الصيام على الإطلاق وذلك إيمانا مني بقوله، صلى الله عليه وسلم: صوموا تصحوا». بوستة: «استشارة الطبيب ضرورية لتفادي مضاعفات مرض السكري» وفي اتصال ل«السياسي» مع رئيس الفيدرالية الجزائرية لمرضى السكري، نور الدين بوستة، أكد على أن الحملات التحسيسية متواصلة على مدار السنة، كون الفيدرالية على اتصال مباشر مع المرضى، ومع حلول شهر رمضان، يشرع في تنشيط حملات توعوية خاصة بداء السكري والصيام في كل ولايات الوطن. مؤكدا أن على كل المصابين بداء السكري على المستوى الوطني ومهما كانت نوعية العلاج المتبع سواء عن طريق الأنسولين أو الأقراص المضادة للسكري، أو اتباع حمية غذائية، بضرورة المتابعة الطبية خاصة مع إقتراب شهر رمضان، واستشارة الطبيب المعالج لمعرفة كل شاردة وواردة، وبالتحديد فيما يتعلق بجرعات الأنسولين، وذلك تفاديا لأية مضاعفات قد تودي بحياة المريض، كما أشار المتحدث في هذا السياق، أن هناك من المرضى ممن توفوا لا لشيء سوى لإصرارهم على صيام شهر رمضان، مبرزا على ضرورة إتباع المريض للإرشادات والنصائح المقدمة من طرف الطبيب، فهي سبيل الأمان، وإذا حدث العكس، فقد يودي بنفسه إلى التهلكة. الفيدرالية الجزائرية لمرضى السكري تناشد المعنيين للتكفل بهذه الفئة بلغة الأرقام، أكد بوسنة أن ما يفوق ال3 ملايين و500 ألف مصاب بالسكري في الجزائر، وعن النشاطات التي تقوم بها الفيدرالية، أشار إلى أنه فيما يخص الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية، تعمل الفيدرالية وبالتعاون مع الجمعيات الموزعة عبر كامل التراب الوطني من أجل توزيع الوجبات خلال الشهر الفضيل، كما أبدى المتحدث تأسفه نتيجة عدم توفر بعض المرضى للتأمين الصحي، كونهم باتوا عرضة للمضاعفات الخطيرة، وعليه، يناشد بوسنة المعنيين بالأمر من أجل التكفل بهذه الفئة. ووجّه بوستة كلمة للمرضى المصابين بداء السكري ملحا عليهم بضرورة إتباع النصائح والإرشادات المقدمة من طرف الطبيب لتفادي أية مضاعفات، كما أبرز أن الفيدرالية الجزائرية لمرضى السكري تدق ناقوس الخطر نظرا للإرتفاع المذهل والمخيف لأعداد المصابين بمرض السكري في الجزائر. زبدي: «نعمل بالتنسيق مع جمعيات ناشطة في إطار تحسيسي وتوعوي» وفي اتصال ل«السياسي» مع مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك، أكد أنه فيما يتعلق بصوم الأشخاص المرضى، فإن الأطباء هم الذين يتوجب عليهم إخبار المريض بمدى قدرتهم على الصوم من عدمها بحسب نوعية المرض والأدوية التي يتوجب عليهم أخذها في الأوقات المحدّدة، وعن نشاط هيئته في هذا الإطار، فقد أكد أنه لم يتم التحضير لحملات خاصة فيما يتعلق بصوم المرضى وما عليه من مضاعفات لا تحمد عقباها، مؤكدا على أن جمعيات أخرى على غرار جمعية مرضى السكري ناشطة هي الأخرى في هذا المجال وتقوم بحملات تحسيسية «ونحن نعمل بالتنسيق فيما بيننا بما يخدم فائدة المستهلك والمريض بالخصوص». إمام مسجد: «على المعفي من الصيام إفطار مسكين وإخراج 100 دج للفقراء»
خلال اللقاء التحسيسي الذي عقد بسوق أهراس حول كيفية تعايش المريض مع داء السكري، دعا نسيب كربوسة، إمام مسجد «الكوثر» بسوق أهراس المرضى إلى ضرورة إتباع نصائح الطبيب المعالج إما بالإفطار أو بصوم شهر رمضان الكريم، معتبرا أن رخصة الصوم قد منحها اللّه، سبحانه وتعالى، قبل الطبيب وهي الرخصة الموجهة أساسا للمرضى قبل أن يؤكد على أهمية الإلتزام بنصائح الطبيب وإلا قد يلقي المريض بنفسه إلى التهلكة، وهو الأمر المحرم في ديننا، كما إعتبر المتحدث أن تخلي هذه الفئة عن تطبيق هذه الرخصة الشرعية يعد تماديا في عدم تطبيق نصوص القرآن الكريم، ورد الإمام على أسئلة الحضور التي تركزت في معظمها حول الطرق الشرعية لتدارك إفطار شهر رمضان بالنسبة لمرضى السكري، حيث أكد على وجوب إفطار مسكين أو فقير كل يوم وإخراج 100 دج للفقراء.