مواطن يهدد بالإنتحار مع عائلته لإسقاط إسمه من قائمة السكن الإجتماعي اتصل صباح أمس الأول بجريدة النصر وهو في حالة نفسية سيئة ، مباشرة بعد نشر قائمة المستفيدين من الحصة الأخيرة للسكن الإجتماعي لبلدية بني حميدان بولاية قسنطينة، محملا مسؤولية ماسيحدث في حالة إقدامه على حرق نفسه وعائلته الصغيرة للجنة توزيع السكن ، حيث عملنا على تهدئته ، ووعدناه بزيارته للإطلاع على وضعيته السكنية ، ونقل انشغاله إلى السلطات المحلية . وعند مدخل البلدية كان المواطن تليلاني عبد الحق المدعو عمار ينتظر قدومنا ، وما أن تعرف علينا حتى أخذنا إلى حيث يقيم . ووراء باب حديدي كان يستقبل سابقا رواد المقهى ، بدأت الرؤية تتضح وسط الظلام الذي يخيم على هذا المكان ، لعدم وجود أي منفذ للضوء ولأشعة الشمس ، حيث كانت الزوجة الشابة تقف خلف " الكونتوار " تحضر الغذاء ، فتقدمت منا بعد أن سارعت إلى سد المنفذ المؤدي إليه بآلة الغسيل ، لمنع صغيريها من الوصول إلى الموقد المتمثل في"الطابونة."أخبرتنا وهي تداري دموعها بأنها اضطرت إلى حشر نفسها في هذا الركن من المقهى لحماية طفليها، مما جعل ألسنة النيران تمتد في كثير من الأحيان إلى ثيابها.وقصة معاناة هذه العائلة المصدومة من إقصائها من الإستفادة من الحصة الأخيرة من السكن الإجتماعي تمتد إلى عدة سنوات .يقول المواطن صاحب هذه الشكوى بأنه تقدم بطلب الحصول على سكن اجتماعي منذ سنة 2002 بعد أن اضطرته ظروفه لعائلية القاهرة إلى الإقامة بصفة مؤجر عند أحد الخواص ، في بيت لم يكتمل بناؤه "بلاط فورم وطوبا " قالت زوجته بأنها تحملت برودته القارسة التي تحولت إلى آلام تلازمها إلى اليوم . لكن بعد وفاة صاحبه رواق فرحات رحمه الله ، قام الورثة ببيعه ، وطالبهم المالك الجديد بإخلائه هو وجارين آخرين كانا يقيمان في هذا المسكن . فاضطر مرة أخرى إلى البحث عن مأوى لعائلته ، ولم يجد إلا بيتا قديما يعود إلى العهد الإستعماري يقع عند مدخل البلدية ، لكنهم فروا منه بجلدهم بعد إقامة لمدة 15 يوما ، هربا من الثعابين والجرذان التي تعشش فيه ، حيث أخبرتنا زوجته بأنها كانت لاتنام ولا يغمض لها جفن طيلة الليل ،وهي تحضن طفليها إلى صدرها إلى أن يطلع النهار ، الذي تظل فيه أيضا متوجسة من ظهور هذه الزواحف والحيوانات الخطيرة بين لحظة وأخرى إلى حد إصابتها بالإنهيار .وحاول رب هذه الأسرة أن يجد بيتا للكراء لكنه تعذر عليه ذلك ، حيث اضطر صهره إلى غلق المقهى الذي كان يشتغل فيه بصفة مؤجر لإيوائهم . وقد تحملوا كما قالت لنا زوجته معاناة الإقامة داخل المقهى في هذا البرد ، بالإضافة إلى الظلام وسد جميع المنافذ التي تطل على الشارع في مجتمع جد محافظ يمنع خروج المرأة وظهورها أمام المارة ، حيث كانت تسارع إلى غلق الباب الحديدي كلما نسيه زوجها وهو يرافق المصور لالتقاط صور للمكان. ونتيجة هذا الترحال المستمر ، وظروف الإقامة المتردية ، يعاني الإبن البكر محمد نذير ثلاث سنوات من حساسية تنفسية مزمنة تهدد بإصابته بالربو بسبب البرودة الشديدة التي لم يتحملها جسده الصغير . وأصيب أخوه إياد،11 شهرا ، بمرض جلدي حيث كان دواء " إيوزين " الأحمر اللون يغطي كامل وجهه البريء وأطرافه. وكان أملهم الوحيد في انتشالهم من هذا البؤس معلقا على قائمة السكن الإجتماعي ، خاصة وأنه ليس بمقدور هذا المواطن كما أخبرنا دفع قيمة كراء المقهى المقدرة ب9000 دينار ، لأنه كان يشتغل عند صهره في المقهى الذي اضطروا إلى غلقه وتحويله إلى مأوى. لذلك كانت صدمة هذا المواطن من إقصائه من الحصة الأخيرة كبيرة ، متسائلا عن المقاييس المعتمدة في توزيعها ، هو الذي اكتوى كما قال من إقصائه في المرات السابقة أيضا ، بدليل توزيع سكنات على من لا يستحقها ، أدت إلى نزع مسكنين منها ، تم توزيعهم ضمن الحصة المعلن عنها أمس الأول ، بالإضافة إلى استفادة أشخاص غرباء عن البلدية ، قاموا كما أكد ببيعها والعودة إلى مقر إقامتهم الأصلية ، واستفادة آخرين أودعوا حديثا طلبات سكن على حساب من ينتظرون منذ عدة سنوات ، والبعض من المستفيدين مازالت سكناتهم شاغرة إلى اليوم ، وغيرها من "التجاوزات" التي جعلته يشعر بالحقرة والتهميش وبإحباط نفسي كبير، ومع ذلك كما قال لم يلجأ إلى قطع لطريق أو التخريب ، وكل أمله في إيصال ندائه إلى الوالي الجديد لرفع الغبن عنه أو توفير سقف بيت لعائلته ، لأنه أنهكهم الترحال المفروض عليهم وظروف الإقامة المؤقتة خاصة والشتاء على الأبواب . رئيس البلدية يشكو ضعف الحصص السكنية وصعوبة تحديد أصحاب الأولوية رئيس البلدية الذي كان على اطلاع بقضية هذا المواطن أخبرنا بأنه اتصل به بعد طرده من البيت الذي كان يقيم به ، وذلك بعد انتهاء لجنة توزيع السكن الاجتماعي من دراسة الملفات وإعداد قائمة المستفيدين من حصة 40 مسكن +02 فلم يعد بالإمكان فعل أي شيء من أجله . كما نفى أن يكون هناك أي إقصاء أو تهميش لهذا المواطن الذي استفاد أخوه سابقا من سكن إجتماعي . وأكد أن هناك طلبات سكن اجتماعي تعود إلى سنتي 93 و94 مازال أصحابها ينتظرون دورهم ، ولم تثر حسبه عملية نشر قائمة المستفيدين من الحصة الجديدة أي احتجاجات ، إلا من بعض المواطنين الذين استقبلهم في مكتبه ، واستمع إلى انشغالهم . مشيرا إلى أن مسألة الأولوية في الإستفادة تطرح بحدة في كل مرة ، بسبب ضعف الحصص التي يقومون بتوزيعها ، حيث تمت دراسة 675 ملف مقابل الحصة المذكورة ، وتم إلغاء 26 ملفا منها أصحابها استفادوا من سكن اجتماعي ، وإلغاء 116 آخر استفادوا من البناء الريفي ، و43 ملفا لغير المقيمين بتراب البلدية ، و11 ملفا أصحابه توفوا ، بمجموع 169 ملف سقط حق استفادتها من هذه الحصة . وبعد دراسة الملفات تم فرز 236 ملف ليست لهم الأولوية لأسباب مختلفة، وتوجيه 142 إلى البناء الريفي ، وإخضاع 111ملف ملف للمعاينة الميدانية .ولصعوبة مهمة توزيع السكنات على من يستحقها قال بأنهم زاروا بعض الحالات بمعدل ثلاث مرات للمقارنة بينهم وتحديد مدى أولويتها ، حتى لا يظلم أحد .وهو يدعو أي مواطن لديه دليل على عدم أحقية أي شخص ورد إسمه في القائمة بالطعن فيه كتابيا بالطرق القانونية المعروفة ، على مستوى اللجنة الولائية الكائنة بمقر ديوان الوالي . ونحن نغادر مقر البلدية كان بعض المواطنين يطالعون قائمة المستفيدين ، وعندما تقدمنا منهم نسألهم عن رأيهم فيها التقينا بالأمين العام لدائرة زيغود يوسف الذي حضر هو الآخر لجس نبض الشارع ، حيث أكد له من كانوا حاضرين وعلى مسمع وسائل الإعلام بأحقية أصحابها ، إلا من بعض العيون التي بقيت تتفرج على هذا المشهد في صمت ، وتبعتنا لتهمس لنا عن عدم رضاها ، وأن سكوتها هو بسبب الخوف من الإنتقام منها في الحصص القادمة .