جبل الوحش يستعيد زواره بعد قطيعة دامت سنوات طويلة توافد كبير شهدته غابات قسنطينة بعد ارتدائها حلة بيضاء، حافظت عليها أكثر من باقي مناطق الولاية التي لم ينعم سكانها بجمال الثلج سوى ساعات قليلة قبل أن يختفي كعادته في صمت و كأن شيئا لم يكن، الشيء الذي دفع الكثير من العائلات للتوجه نحو الأعالي بحثا عن سيد البياض لمنح أبنائهم فرصة اللعب و التمتع بالضيف الموسمي المتميّز، و بما أن الوجهة كانت واحدة نحو غابتي جبل الوحش و المريج فإن ذلك تسبب في اختناق حركة المرور لساعات طويلة استمرت إلى ما بعد الساعة السادسة مساء بجبل الوحش. عائلات كثيرة اختارت نهار أول أمس العودة إلى أحضان الطبيعة الخلابة بجبل الوحش بعد القطيعة التي فرضتها الكثير من الظروف و الحوادث التي طبعت المنطقة ببصمة اللا أمن و الأمان فعانت هجر الزوار و السواح لسنوات طويلة لا سيما بعد غلق حظيرة التسلية و تدمير مرافقها بعد أن كانت تعد بمثابة رئة قسنطينة النشطة التي تزودها بالأكسجين المضاد للخمول. فغابة جبل الوحش استعادت منذ نهاية الأسبوع المنصرم و إلى غاية اليوم مكانتها و زوارها الذين جاءوا بالمئات لالتقاط صور تذكارية وسط البياض الساحر الذي زادته فرحة الأطفال و صرخات فرحهم جمالا و منحت المنطقة حياة و حركة طالما فارقتها.و لم تفوّت الكثير من العائلات القسنطينية فرصة حلول الضيف الأبيض الذي كان في موعده هذه السنة في بداية فصل الشتاء، مصادفا بذلك موعد العطلة المدرسية، و قدموا لصغارهم فرصة المرح و التمتع بالثلج الذي كانوا ليحرموا منه لو بقوا بأحيائهم وسط المدينة و بالمناطق المنخفضة، لكن العديد أصروا على اقتفاء أثر الضيف الموسمي الأبيض و تبعوه إلى الأعالي و الغابات التي حافظت على بياضها استعدادا لاستقبال الزوار الذين جاءوا من كل حدب و صوب، منهم من اكتفى باللعب و التمرغ في الثلج، و منهم من اختار التقاط صور للعائلة وسط الديكور الطبيعي المغري، و منهم من لم يتأخروا عن تجريب أغراض شتوية اقتنوها خلال أسفارهم بالخارج و طالما بقيت حبيسة الأدراج لشح الطبيعة و عدم جودها بالثلج بباقي السنوات لاقتصار سقوطه على المرتفعات التي تزيد عن ال1000متر، حيث ظهرت الزلاجات و إكسسوارات التزلج بمختلف أنواعها و أشكالها و أحجامها لدى بعض الميسورين مما أثار فضول الصغار الذين تجمعوا حولهم يضحكون على المحاولات الفاشلة لمستعمليها تارة و يطلبون تجريبها تارة أخرى. كما اختار أطفال آخرون استرجاع الألعاب التقليدية للتزلج كاستعمال قطع خشبية، بلاستكية أو معدنية مسطحة قابلة للدفع و السحب، فيما اختارت النساء لعب دور المتفرج و المتأمل لبهاء و سحر الطبيعة، غير أن متعة اللعب و المرح سرعان ما تحولت إلى قلق و توتر بالنسبة للسائقين الذين بقوا عدة ساعات في طوابير السيارات الطويلة تجمدت خلالها أجسام صغارهم من شدة البرد لا سيما بعد الساعة الخامسة مساء بسبب انخفاض درجة الحرارة تحت الصفر، و تبلل ملابسهم و قفازاتهم لكثرة تمرغهم في الثلج السميك. و رغم ذلك تبقى لفرحة اللعب بالثلج نكهة لا تضاهيها أي نكهة أخرى عند الصغار و الكبار على حد سواء.