عيون ال "بي بي سي وورد" ترفض رصد ايجابيات وجماليات مونديال جنوب إفريقيا تتعمد القنوات التلفزيونية العالمية الناطقة بالانجليزية، وفي مقدمتها ال "بي بي سي وورد" الربط المستمر بين تغطية وقائع مباريات مونديال جنوب إفريقيا ومشاكل هذا البلد الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وكذا رصد الأخطاء التنظيمية وحوادث السرقة والاضرابات والاحتجاجات المسجلة هناك، بل تذهب في أحيان كثيرة إلى التساؤل صراحة عن جدوى تنظيم العرس الكروي العالمي بأقصى جنوب القارة السمراء لتقول بأن الأموال الباهظة التي أنفقت لبناء ملاعب جديدة والتكفل بالضيوف، ربما كان هدر لطاقات بلد عانى طويلا من نظام "الابارتايد". قناة ال "بي بي سي" العالمية، التي خصصت العديد من برامجها لمتابعة التحضيرات لاحتضان المونديال وتغطية وتحليل مباريات الأسبوع الأول من عمره، بدأت بالإشارة إلى انعدام الأمن وتفشي الإجرام في أحياء عديدة بمدن جنوب افريقيا، ثم ركزت على العمال الموسميين الذين تعاقدوا مع أرباب العمل من أجل إنجاز هياكل رياضية ضخمة لكنهم لم يحصلوا على أجورهم، مما جعلهم يحتجون ويتظاهرون قبيل مقابلة فريقي البرازيل وكوريا الشمالية مساء الثلاثاء. اختارت القناة كشعار لتغطيتها لمجريات العرس العالمي: "كأس العالم في بلد قوس قزح" في إشارة إلى التنوع العرقي والثقافي في هذا البلد، مستعيرة عبارة 'قوس قزح" من وصف سياسي ناضل ضد التمييز العنصري لبلاده لكن برامجها لم تسلط الضوء على جماليات وإيجابيات البلد والتظاهرة الرياضية بقدر ما أبرزت الجوانب السلبية... بغض النظر عن التحديات التي رفعها أبناء جنوب افريقيا ليتجاوزوا آثار سنوات التمييز العنصري ومعاناتها ويرفعوا اسم بلدهم عاليا في عرس تحتضنه قارتهم لأول مرة. لقد ذهبت القناة الى حد نقل تعليقات مهمشي جوهانسبورغ الذين قالوا بأن المونديال لا يعنيهم وليس لهم... والنبش في حي "سويتو" الفقير عن آثار عصابات قد تعكر أجواء العرس... حتى تجار الأرصفة الذين منعتهم السلطات المحلية من مزاولة نشاطهم غير القانوني بمناسبة المونديال حظيوا بحضور قوي في تغطية تليفزيون هيئة الاذاعة البريطانية وأظهرتهم التقارير الصحفية كضحايا عملية التجميل والترويج الغالية التكاليف التي قامت بها جنوب افريقيا... وتجنبت هذه التقارير التصريح أو مجرد التلميح الى النجاح الكبير الذي حققه هذا البلد في أول تجربة كروية عالمية بهذا الحجم... حصدت من ورائها الفيدرالية الدولية لكرة القدم، أكبر الايرادات اذ تجاوزت بكثير ما حصدته من تنظيم الدورة السابقة مناصفة بين اليابان وكوريا الجنوبية قبل 4 سنوات، والمعروف أنهما بلدان صناعيان متقدمان... ولدوافع لا يمكن أن نستبعد بأنها بقايا عنصرية دفينة لم يغتنم الغربيون المهتمون بالصاق صفة التخلف والهمجية بالسكان الأصليين الفرحة لتسليط الضوء على الخطوات العملاقة التي قطعها بلد مونديلا في طريق التقدم والازدهار والبناء والتشييد والاستقرار لمسح بعناء كبير، مخلفات قرون من هيمنة البيض واستغلالهم البشع لقدراته البشرية والطبيعية الهائلة... ولم تجذب أنظار طاقم ال"بي بي سي"، المناظر الطبيعية الرائعة للبلد، وهياكله السياحية وكنوزه التراثية والثقافية وكل الجهود المبذولة من طرف أبنائه للتعبير عن فرحتهم بضيوفهم وإنجاح عرسهم...