انطلقت يوم الثلاثاء بمدينة إن صالح بولاية تمنراست فعاليات الملتقى الثالث حول المقاومة الشعبية بتدكلت بمبادرة من الجمعيات المحلية المهتمة بالتاريخ بالتعاون مع قسمة المجاهدين. وتأتي هذه التظاهرة التاريخية التي احتضنها مقر المعهد الإسلامي لتكوين الإطارات الدينية بمدينة إن صالح متزامنة وإحياء ذكرى أحداث معركتي" لفقيقيرة" (28 ديسمبر1899) و "الدغامشة" (5 يناير1900). ويهدف هذا الملتقى التاريخي الى "العمل على تفعيل الذاكرة الشعبية و مكافحة النسيان و تسليط الأضواء على جانب من ماعرفته المنطقة من مقاومات شعبية تعكس مدى حرص مواطني هذه الجهة على التماسك بين جميع مناطق الوطن و تكريس وحدة الشعب الجزائري" كما أوضح المنظمون. وقدمت بالمناسبة عدة مداخلات خلال أشغال هذا اللقاء التي تواصلت على مدار يوم كامل و نشطها باحثون وأساتذة جامعيون ومهتمون بالتاريخ. وفي هذا الإطار أبرز الأستاذ حكوم سليمان و هو مهتم بالتاريخ في مداخلة له تحت عنوان" الترابط والتواصل في مقاومات الجنوب" أهداف المقاومات الشعبية التي شهدتها العديد من مناطق الوطن والتي كانت "تعبر في بعدها النضالي عن تاريخ الجزائر المشترك والهدف الواحد الذي كان يتمثل في رفض التواجد الإستعماري في البلاد والدفاع عن الوطن وحماية الجزائريين". كما تحدث المتدخل أيضاعن وحدة التراب الوطني و وحدة السكان مؤكدا "بأن الصحراء كانت دوما ذات بعد استراتيجي في تحقيق الوحدة الوطنية وأن الترابط بين سكان هذه المنطقة ومختلف المقاومات الشعبية في مناطق أخرى كان دائما حاضرا حيث حظيت مقاومة الأمير عبد القادر بتأييد واسع من قبل سكان المنطقة مثل قبيلة سعيد عتبة وأولاد ميمون من توات وقبائل الشعانبة". وذكر الأستاذ حكوم أيضا في نفس الإطار بأن معظم قبائل الجنوب قد ساندت مقاومة الشيخ باي منها عائلة "بن الساسي" مشيدا بدور الزاوية الرحمانية في مساعدة الشيخ المقراني في مقاومته ضد الإستعمار والتي جمعت جنبا إلى جنب بين مجاهدين من الشمال و الجنوب. ومن بين المقاومات الشعبية التي شهدتها مناطق الجنوب ذكر المتدخل ملحمة قبائل "أهنت" و "تايتوق" من التوارق وما شهدته منطقة إن صالح من معارك طاحنة ومقاومات شعبية عارمة مثل مقاومة "الأسبوع" التي جرت في الفترة ما بين 28 ديسمبر 1899 إلى 5 يناير 1900 و التي عرفت بمعركتي" لفقيقيرة " و" الدغامشة" و التي دافع فيهما سكان المنطقة دفاعا مستميتاعن الوطن. ومن جهته تعرض الأستاذ باحمد محمد العضو بجمعية 8 ماي 1945 في مداخلة تحت عنوان "مراحل استكشاف إن صالح" إلى الإهتمام الذي أولاه الغرب ومنذ القديم لاستكشاف المنطقة بهدف "جمع المعلومات وشق طرق المواصلات من أجل تسهيل احتلالها". وأكد المحاضر في هذا الصدد أن كل أهداف الإستكشاف التي قام بها المستعمرون لمناطق الصحراء "قد تحطمت بفضل فطانة سكان المنطقة" الذين أجهضوا في الكثير من الأحيان هذه الأهداف. وبدوره ساهم الأستاذ الجامعي الدكتور محمد القنطاري في مداخلة تحمل عنوان "إستراتيجية منطقة الجنوب الجزائري بين الماضي و الحاضر وآفاق المستقبل في النظام الدولي الجديد" داعيا "الشباب والطلبة إلى ضرورة التفطن للحيل و الحملات التي تحمل في طياتها تفريق الشعوب" مؤكدا "ضرورة استعمال جميع الوسائل المتاحة من تكنولوجيا و تطور لمواجهة هذا الخطر". ومن جهته قدم باقلاب عبد القادر وهو عضو في جمعية "القصبة" بإينغر (إن صالح) نبذة عن ملحمة إينغر و التي تعكس التضحيات الجسام التي قدمها سكان منطقة إينغر من أجل حماية الأرض ومحاربة الإستعمار. كما قام المشاركون في ختام هذا الملتقى بالترحم على أرواح الشهداء بمقبرتي "لفقيقيرة" و "الدغامشة".