تبقى عقدة الحوار الذي انطلق بين نائب الرئيس المصري، عمر سليمان، وقوى المعارضة في تنحي الرئيس أو بقائه في الوقت الذي يواصل فيه المحتجون المناوئون للرئيس حشد مئات الآلاف في ميدان التحرير بوسط القاهرة ومدن أخرى. و لم تمنع الترتيبات السياسية التي اتخذها النظام منها بدء الحوار مع عدد من أطياف المعارضة من التخفيف من حدة المظاهرات حيث لازال المعتصمون بالآلاف لليوم الرابع عشر بوسط القاهرة. وقد تجمع المعتصمون حول الدبابات المنتشرة على مداخل ميدان التحرير لمنع عناصر الجيش من أي محاولة محتملة للتقدم داخله كمقدمة لإخراجهم أو لإزالة العوائق التي وضعوها على كل المداخل لمنع أنصار الرئيس مبارك من التقدم داخله. وقد اتفق المتحاورون على ترتيبات وإجراءات سياسية ودستورية لنقل السلطة تتم في الفترة الانتقالية تحت سقف بقاء الرئيس في الحكم لحين إنهاء ولايته بعد 6 أشهر وهو ما رفضته العديد من القوى المعارضة والمتظاهرون مما ادخل الأزمة في مرحلة جديدة من الاحتقان السياسي . وذكرت مصادر المعارضة أن عمر سليمان رفض مطلبها الداعي إلى تفويض سلطات الرئيس إلى نائبه بينما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أن مقترحات النظام لا تكفي لقضية الإصلاح وأنها تؤيد مطالب الشباب المتظاهرين في الشارع وعلى رأسها تنحي الرئيس فورا متوقعة أن يستغرق هذا الحوار وقتا طويلا. وقد جدد رئيس الوزراء أحمد شفيق اليوم الاثنين تأكيد ضرورة بقاء الرئيس مبارك في منصبه حتى نهاية فترة ولايته الرئاسية. وقال شفيق "إننا في مصر نصر على أن يستكمل الرئيس مبارك فترة ولايته الرئاسية حتى نهاية شهر سبتمبر القادم". و اعترف السيد شفيق أن المشكلة لم تنته بالنسبة للوضع الطاريء في مصر الآن وان المناقشات جارية بشأن كافة الأفكار وردود الأفعال معربا عن اعتقاده أن "الأفكار تتقارب الآن أكثر من ذي قبل". ويرى الملاحظون أن طرفي الأزمة دخلا مرحلة المناورات بتبادل الاتهامات الناتجة عن "أزمة الثقة" بينهما كما يقول بعض المحللين. ويشير مؤيدو النظام إلى أن قوى المعارضة "الموروثة من الماضي" كما يقول رئيس تحرير "الأهرام" الحكومية أسامة سرايا تحاول "قطف ثمار الثورة الشعبية" "والسطو" على طموحات الشباب داعيا إياها إلى "التواضع وتلجيم أنانيتها السياسية" واستيعاب هذا الطموح والاتجاه نحو "تقنينه ووضعه في إطار تحول دستوري وتشريعي منظم". ويرى علي السلمي رئيس حكومة الظل لحزب الوفد انه حرصا على "الشرعية الدستورية" يجب على النظام في المرحلة الأولى في خارطة الطريق إصدار إعلان من نائب الرئيس يعدد الإجراءات التي يلتزم بها لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة بنهاية فترة الرئاسة الحالية مع التأكيد على أن تكون الترتيبات الدستورية والسياسية خلال الفترة الانتقالية مؤقتة لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد بما يقطع الطريق أمام محاولات " الالتفاف حولها أو إفراغها من مضمونها". غير أن المطالبين برحيل الرئيس يعتبرون أن الحالة المصرية اليوم وصلت إلى نقطة اللاعودة. ويرى الكاتب الصحفي مأمون افندي أن هذه الحالة تدفع الرئيس "أما أن يتخذ القرار الصعب بان يذهب بهدوء ويبقى النظام أو أن يذهب ويأخذ النظام معه وربما مصر برمتها". وأشار الأستاذ الجامعي حسن نافعة المنسق السابق للجمعية الوطنية للتغيير التي يترأسها المعارض محمد البرادعي إلى أن التفكير في قيام النظام الحالي بإدارة المرحلة الانتقالية بنفسه "سيؤدي حتما إلى احتواء الثورة تمهيدا لإجهاضها ". وفي نفس الاتجاه، طالب عدد من الشخصيات الفكرية الإعلامية في بيان لها بضرورة "تغيير النظام وسياساته وتنحية الرئيس مبارك عن السلطة وتشكيل حكومة وطنية لا يكون من بينها رموز و وزراء السلطة وحل مجلسي الشعب والشورى وإطلاق الحريات وإلغاء قانون الطوارئ وضرورة التحقيق لتحديد "مسئولية القمع الإجرامي للمتظاهرين من قبل وزارة الداخلية وقوات الأمن المركزي وعصابات الحزب الوطني والتحقيق في ملفات التعذيب والقتل وكافة الانتهاكات السابقة". وأكدت هذه الشخصيات تأييدها الكامل لمطالب الثورة الشعبية من أجل إزالة النظام والانتقال لنظام ديمقراطي حقيقي وعدالة اجتماعية وسيادة واستقلال وطني.