تسيطر حالة الخوف والترقب على الشارع المصري في انتظار الأحداث المتلاحقة بعد الدعوة التي وجهتها حركات الشباب الاحتجاجية التي تعتصم بميدان التحرير وسط القاهرة لمظاهرات "جمعة الرحيل" أو"جمعة الخلاص كما يسميها البعض الآخر للضغط على الرئيس مبارك للتنحي. وتأمل الحركات الاحتجاجية والقوى المعارضة في أن يكون حجم المشاركة في تظاهرات اليوم مماثلا على الأقل ليوم الثلاثاء الماضي عندما تجاوزت أعداد المحتجين في أنحاء مصر المليون شخص. وقد بدا صباح اليوم الجمعة عدد المتظاهرين بالتضاعف قادمين بالآلاف إلى ميدان التحرير حاملين دروعا من الخشب وعلى مقربة منهم كميات كبيرة من الحجارة لصد أي هجوم محتمل إلى جانب وجود مدرعات تابعة للجيش على جميع مداخل الميدان. وقد زار وزير الدفاع المصري المشير حسين الطنطاوي محاطا بعدد من قادة الجيش المتظاهرين بالميدان وتبادل مع بعضهم الحديث في الوقت التي سمعت فيها هتافات احتجاجية من الميدان. وكانت قوات الجيش المصري قد جددت تأكيدها أنها لن تفتح النار على المتظاهرين فيما أكد رئيس الوزراء المصري احمد شفيق أن تعليمات وجهت لوزير الداخلية محمود وجدى بعدم التعرض لأي مسيرات سلمية تنظم اليوم. ويروي بعض المحتجين المتواجدين في الميدان ل (وأج) كيف واجهوا طيلة ليليتن متتاليتين "الغارات" بالزجاجات الحارقة والقطع الحديدية ... الذي تعرضوا لها من قبل المتظاهرين المناصرين للرئيس مبارك الذين يرابطون بعيد نوعا ما بعد أن منعهم أفراد الجيش بالوقوف على جسر 6 أكتوبر المقابل للميدان واقام مسافة بين الطرفين لمنع المشادات. كما وضع أفراد الجيش الأسلاك الشائكة على جميع منافذ الميدان لمنع الاحتكاك. وأشاروا إلى انههم توزعوا على جميع مداخل الميدان من جميع الجوانب ونظموا أنفسهم لصد أي محاولات من "بلطجية" كما قالوا باختراق الميدان وترويع المعتصمين الذين اسروا العديد منهم وسلموهم إلى أفراد الجيش. واقام المتظاهرون مستشفى ميداني و الذي شهد إقبالا كبيرا من الأطباء المتطوعين لإسعاف المصابين. كما زود المستشفى بأدوية الإسعافات الأولية من اجل تضميد الجراح. وقد بدى ميدان التحرير "كساحة حرب" حيث هدمت أرصفته وتلونت بدماء المصابين إلى جانب بقايا أحجار مترامية في كل الأنحاء محاطا بمتاريس والأسوار من المعادن يصعب على أي أحد الدخول بسهولة وحتى الصحافين. وشكل المعتصمون لجان لتفتيش جميع الوافدين على الميدان للتأكد من عدم دخول عناصر "مندسة بينهم" كما قال فريد منشاوي احد الناشطين في حركة شبابية . فيما وقف عدد من المتظاهرين الموالين للرئيس مسلحين بالهراوات والأسلحة البيضاء في الشوارع المحاذية المؤدية إلى الميدان من اجل منع الإمدادات للمتظاهرين سواء كانت أدوية أو أغذية أو مشروبات تنهال عليهم منذ أمس من قبل المتطوعين. ونقلت مصادر إعلامية عن الأوساط من المؤيدين للرئيس قولها أنها أطلقت شعار "يوم الوفاء" في إشارة إلى تمسكهم بالرئيس المصري حتى نهاية ولايته الخريف المقبل. ورفع المعتصمون في الميدان سقف مطالبهم حيث أضحت ليس " إسقاط الرئيس " فحسب وانما "محاكمة النظام " على الجرائم التي ارتكبت بحق المتظاهرين. وتتحدث الأنباء عن أن المشهد مكرر في مختلف المحافظات التي تستعد فيه حشود كبيرة للمشاركة في مظاهرات اليوم. وتأتى هذه الأحداث المتلاحقة في الوقت الذي تسابقت فيه أركان الحكم في مصر أمس الخميس في إطلاق العديد من المبادرات لتهدئة الأجواء بعد الادانات المصرية والدولية لاعمال للاعتداءات التي تعرض لها المعتصمون ليلة أول أمس أسفرت عن العديد من القتلي والمئات من الجرحى. وقد قدم رئيس الوزراء السيد احمد شفيق "اعتذارا" عما حصل من مواجهات نتيجة "تسلل مجموعات غير واضحة الهوية " كما قال إلى الميدان واستخدامها الجمال والخيول وقال أنها " أمر مرفوض ومخالف لكل منطق ". واضاف أن هناك تحقيقا يجرى في هذه الأحداث وستصدر قرارات بإحالة ومحاكمة كل من تسبب فيها سواء بإهمال أو عمد أو سوء نيه. وكما طالب نائب الرئيس المصري عمر سليمان في مقابلة مع التلفزيون المصري أمس الخميس المتظاهرون بإخلاء الميدان وقال انه بدأ إجراء حوار مع أحزاب معارضة وشخصيات سياسية باستثناء حزبي الوفد والتجمع مؤكدا أن الحوار سيشمل الإخوان المسلمين. وترفض الأحزاب السياسية الرئيسية وقوى المعارضة منها جماعة الاخوان المسلمين حتى الان البدء في أي حوار قبل تنحي الرئيس المصري. وجلب الانتباه الحوار الذي أجراه الرئيس مبارك مع شبكة "أي بي سي" التلفزيونية الذي نشرته الصحف أو الذي ذكر فيه أنه إذا استقال اليوم فإن ذلك سيجلب الفوضى لمصر. وقال الرئيس المصري المحاصر أنه " سئم " بقائه رئيسا وأنه يود ترك منصبه الآن بيد انه كما قال " لايمكنه الإستقالة الآن خوفا من أن تغرق البلاد في الفوضى.