تكتسي مدينة تلمسان حلة جميلة مع اقتراب الانطلاقة الوطنية الرسمية لتظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2011" المقررة يوم 15 فيفري الجاري تزامنا مع احياء المولد النبوي الشريف. وبالفعل فقد مست عمليات التهيئة وتزيين المحيط مختلف الشوارع الرئيسية والساحات العمومية والمساحات الخضراء. كما تمت اعادة تأهيل المعالم السياحية حتى تسترجع عاصمة الزيانيين بهاءها ولاعطاء صورة تكون في مستوى هذا الحدث الثقافي الدولي. كما جسدت أشغال خاصة باعادة الاعتبار لنافورات المدينة مثل تلك المتواجدة بأحياء "إمامة" و"سيدي شاكر" و"الحرطون" حيث أشرفت على العملية مؤسسات متخصصة الشيئ الذي جعل هذه المواقع تساهم في تحسين المنظر الجمالي الخارجي لتلمسان بامتزاج المياه المتدفقة البراقة والزهور المحيطة بها في ديكور ساحر. أما الساحات العمومية التي تتوسط الشوارع والطرقات فقد شملتها أشغال التهيئة والتجميل بعد أن تم تبليط الأرصفة وتعبيد الطرقات وتهيئتها في سياق السهر على أن تكون المدينة جاهزة لاستقبال ضيوفها. ومن جهة أخرى، شهدت المدينة العتيقة بدروبها وأزقتها الضيقة المتشاعبة وساحتها ومعالمها المختلفة من مساجد وحمامات تقليدية وأفران عملية واسعة النطاق للترميم والتهيئة بغلاف مالي يفوق 1 مليار دج حسب مسؤول بمديرية الثقافة. وتمكن هذه العملية التي تجسد جانب كبير منها وتوشك الأشغال المتبقية على الانتهاء، من تثمين هذا الموروث المعماري والحضري وكذا من اعادة بعث الصناعات التقليدية عن طريق خلق فضاءات ثقافية وتجارية لعرض المنتوج التقليدي. كما خصص غلاف مالي قدره حوالي 1 مليار دج لترميم وإعادة الاعتبار للمعالم الأثرية الهامة التي تزخر بها مدينة تلمسان مثل المجمع الديني لسيدي بومدين ومدرسته الخلدونية وقبتها المتميزة بزخرفتها الفنية الرائعة وباب القرمادين وحمام الصباغين والجامع الكبير ومنارة المنصورة. وقد سهر العديد من مكاتب الدراسات والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال على إعطاء الوجه اللائق لهذه المعالم وتدعيمها تحسبا لتظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011" حسب نفس المصدر. ولعل من أهم عمليات الترميم التي شهدتها المدينة في هذا الإطار تلك المتعلقة باعادة تشكيل هيكل للقصر الملكي الذي يعود الى عهد الزيانيين والواقع بقلعة "المشور" العتيق حيث تم إعادة "بنائه من أطلاله" بعد اكتشافها من قبل فرق مختصة من المركز الوطني للبحوث الأثرية من أجل استرجاع هذا التراث الذي ظل تحت الأنقاض لمدة طويلة حسب محافظ التراث الثقافي والأثري لتلمسان. وبالموازاة مع قطاع ثقافة أشرفت مديرية الشؤون الدينية والأوقاف من جهتها خلال الأشهر الأخيرة على أشغال ترميم 12 مسجدا عتيقا عبر مختلف أنحاء الولاية بغلاف مالي قدره 330 مليون دج حسب مسؤول القطاع بالولاية الذي أوضح أن العملية تهدف إلى اعطاء الوجه اللائق لهذه المرافق الدينية. وقد مست الأشغال الجامع الكبير الواقع وسط مدينة تلمسان حيث تم تدعيم سقفه الخشبي وتثمين محرابه المزدان بالزخرفة الفنية المتميزة .كما أجريت بعض الأشغال لتهيئة صحن الوضوء والمرافق التابعة للمسجد مثل درب سبعة أقواس ودار القاضي المجاورين لقاعة الصلاة. كما شملت العملية مسجدي "زهرة" و"الخميس" العتيقين ببلدية بني سنوس (جنوب عاصمة الولاية) ومسجد "سيدي منديل" بمدينة ندرومة إلى جانب المساجد القديمة الواقعة بدروب وأزقة المدينة القديمة لعاصمة الزيانيين منها "سيدي اليدون" و"أولاد سيدي اليمام" و"سيدي ابراهيم الغريب". وتدعمت مدينة تلمسان تحضيرا للتظاهرة الدولية المنتظرة بعدة مرافق ثقافية ودينية هامة من شأنها اعطاء دفع نوعي للحركة الثقافية المحلية. ومن بين هذه الهياكل الجديدة تجدر الاشارة الى قصر الثقافة ومركز الدراسات الأندلسية اللذين يتميزيان بهندستهما المعمارية العربية الإسلامية ويتوفران على كل المرافق الضرورية للإبداع الفني والثقافي والبحث العلمي في شتى التخصصات. فقصر الثقافة الذي سيحتضن العديد من الأنشطة الثقافية والفنية بالمناسبة يتربع على مساحة إجمالية تقدر بحوالي هكتار واحد ويتضمن قاعة كبرى للاحتفالات بطاقة 1300 مقعد وأخرى للمحاضرات تتسع ل 300 شخص لاقامة شتى الملتقيات والمحاضرات العلمية ومكتبة وميدياتيك وبهو للمعارض ومطعم. أما معهد الدراسات الأندلسية فسيكون فضاءا رحبا للقيام بأبحاث معمقة في التخصاصات ذات الصلة بالتراث الأندلسي من موسيقى وأدب وفلسفة و هندسة معمارية حيث يتوفر على ورشات ومخابر وحجرات مختصصة. ويضاف إلى هذين المرفقين الهامين عدة منشآت أخرى منها مسرح في الهواء الطلق وجناحان للمعارض ومكتبة جهوية ومتحفان. ومن جهته، حظي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف بمركز ثقافي إسلامي الجاري إنجازه بناحية "إيمامة" ببلدية منصورة بجوار القطب الجامعي لتلمسان وفق المدير الولائي للقطاع الذي أكد أن هذا المشروع يتضمن على الخصوص قاعة للعروض تتسع ل 200 مقعد ومكتبتين الأولى تقليدية والثانية إلكترونية فضلا عن بهو لتنظيم مختلف المعارض وقاعات تعليمية. كما هناك مشروع آخر خاص بانجاز مدرسة قرآنية بامكانها استقبال 500 طالب من بينهم 200 طالب سيستفيدون من النظام الداخلي لتعلم أصول الدين ومختلف العلوم الخاصة بالقرآن الكريم وطرق تلاوته وتجويده. أما مركز البحوث والدراسات الإسلامية فسيتولى مهمة القيام بالدراسات والبحوث التي تهتم بالمذهب المالكي وكذا العناية بالمخطوطات النفيسة التي تزخر بها المكتبات المحلية. ويتوفر هذا المرفق العلمي الذي يعد الأول من نوعه على المستوى الوطني على عدة قاعات وحجرات للدراسة ومخابر للبحث التطبيقي وورشات متعددة التخصصات ومكتبة متخصصة.