نظمت يوم الإثنين مسيرات في العاصمة الليبية طرابلس مؤيدة لمبادرة سيف الإسلام القذافي نجل قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافى الداعية للحوار فيما طالت الاحتجاجات للمطالبة باصلاحات سياسية العاصمة وتضاربت الأنباء حول عدد ضحايا الأحداث التي تعرفها بعض مناطق شرق البلاد منذ أسبوع. وعبر المشاركون في هذه المسيرات التي نقلتها وسائل الإعلام الرسمية عن تأييدهم لدعوة سيف الإسلام في تدخل متلفز لحوار وطني حول الدستور وطرح "مبادرة وطنية" تتضمن إقرار مجموعة من القوانين مثل قانون الصحافة والمجتمع المدني وقانون عقوبات جديد وفتح آفاق الحرية. وخير سيف الإسلام القذافى الليبيين بين "العودة إلى الرشد وبناء ليبيا الجماهيرية الثانية أو المقامرة بالدخول بها في مستقبل غامض من شأنه إحلال المآسى على الجميع حيث لن يخرج أحد من الليبيين رابحا من الفوضى والاقتتال" حسب قوله. وإعتبر أن ما يجري في ليبيا "مؤامرة" وقال "هناك مخطط لليبيا يريدون تحويل البلاد إلى مجموعة إمارات ودويلات" متهما من وصفهم ب"مجموعة خونة يعيشون في الخارج" بالوقوف خلف الاضطرابات التى اندلعت فى عدد من المدن الليبية. وأقر سيف الإسلام القذافي بوقوع "معارك عنيفة" في عدد من مدن البلاد ذاكرا منها تحديدا بنغازي والبيضاء (شرق) حيث قال إن المتظاهرين "احتلوا معسكرات وسيطروا على أسلحة" لكنه حذر من أن "الجيش قادر وسيكون له دور أساسي في فرض القانون والأمن بأي ثمن" مضيفا "لا بد من وقفة حازمة وجيشنا سيكون في ليبيا حتى أخر لحظة", وقال "الآن كلنا مسلحون". وتشهد ليبيا منذ الثلاثاء الماضى مظاهرات واحتجاجات شعبية فى عدة مدن منها بنغازي ثاني أكبر مدن البلاد والبيضاء ومصراته حتى وصلت إلى أطراف طرابلس العاصمة تطالب باصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. ونقلت وكالة الجماهيرية للانباء عن مصادر وصفتها بالمؤكدة أن هذه الاعتداءات "استهدفت نهب مصارف وإحراق وإتلاف ملفات قضايا جرائم جنائية منظورة أمام المحاكم تتعلق بالقائمين بهذه الاعتداءات أو أقاربهم". وامتدت تلك الاحتجاجات أمس إلى العاصمة طرابلس حيث تم حرق وسلب عدد من المبانى العامة في عدد من الاحياء من بينها محطة تليفزيون ومراكز شرطة ومقرات للجان الثورية قرب الساحة الخضراء. ومن جهتها أعلنت مصادر أمنية ليبية اليوم بأن كميات من الأسلحة تمت سرقتها من "قبل عصابات إرهابية" في بعض المدن الشرقية من مقرات الشرطة والأمن الشعبي ومراكز تدريب الشعب المسلح (القوات المسلحة) واستولت على رشاشات وأسلحة وتقوم بترويع المواطنين. وتضاربت التقارير حول حصيلة ضحايا هذه الاحداث التي تشهدها ليبيا مند أسبوع وخاصة مدينة بنغازي حيث اعتمدت التقارير الاعلامية على الاتصالات الهاتفية من شهود العيان والمصادر الطبية اذ من الصعب التحقق من صحة الأرقام بعد أن منعت السلطات الليبية الصحفيين الأجانب والمستقلين من دخول المدينة منذ بدء المظاهرات. ففي الوقت الذي ذكرت فيه تقارير اعلامية عن سقوط أكثر من 200 قتيل جلهم في مدينة بنغازي على يد قوات الأمن أقر سيف الاسلام أن 84 متظاهرا لقوا مصرعهم في تلك المدينة. وعلى صعيد آخر حذرت الصحافة الليبية مما أسمته ب"المؤامرة التي تستهدف الوطن العربي" وتساءلت صحيفة (الشمس) هل ما يجرى فى الوطن العربى الآن محض صدفة بحتة .. أم أنه نتاج فعل منظم من جهات لا تريد خيرا للوطن العربى . وأكدت أن "ما يجرى ليس صدفة وهو من ثم نتيجة عبث خارجى مدروس إلا أن ذلك يمثل أحد وجهى الصورة فقط ذلك أن المقاربة الموضوعية تقول إنه من غير العلمى أن نتسرع فنرجع كل أسباب هذه الفوضى إلى العامل الخارجى فقط دون أن نلتفت إلى أنفسنا لندرك أن فقدان العامل الداخلى للحصانة الوطنية بمعناها الاقتصادى والاجتماعى والسياسى هو الذى شكل القنطرة التى مرعليها فعل العامل الخارجى ومكناه من أن يفعل فعله". وفي هذا الاطار يأتي تهديد ليبيا بمراجعة سياستها ازاء الاتحاد الاوروبي بسبب تصريحات صدرت بشأنها عن الناطقة باسم الممثل الاعلى للشؤون الخارجية والسياسية الامنية للاتحاد الاوروبى والتى أكدت طرابلس انها "تدخل فى شؤونها الداخلية". وذكرت مصادر اعلامية أن وزارة الخارجية الليبية استدعت الليلة الماضية بطرابلس سفير المجر لدى الجماهيرية العظمى الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي لتبليغه بأن تصريحات الناطقة باسم الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية للاتحاد الأوروبي حول الجماهيرية العظمى يعتبر "تدخلا في الشؤون الداخلية" وأنه في حال تكرار مثل هذه التصريحات "ستراجع الجماهيرية العظمى سياستها مع الاتحاد الأوروبي". و أمام تأزم الاوضاع في عديد من المدن الليبية قررت عديد من الدول سحب رعاياها من هذا البلد فيما نصحت حكومات أخرى رعاياها بتجنب السفر اليه. وفي هذا الصدد قالت وزيرة الخارجية الاسبانية ترينيداد خيمينيث اليوم على هامش اجتماع مع نظرائها الاوروبيين في بروكسل أن الاتحاد الاوروبي عازم على إجلاء رعاياه من ليبيا وخصوصا من مدينة بنغازي. كما طلب الاردن من السلطات الليبية تسهيل نقل رعاياه الراغبين بمغادرة ليبيا بسبب الاضطرابات الجارية فيها. فيما نصحت السلطات الصينية رعاياها وشركاتها من المخاطر الامنية نتيجة موجة الاحتجاجات في ليبيا. وشرع أعضاء الجالية التونسية بليبيا في العودة إلى بلادهم تخوفا من تطورات الاوضاع الامنية بالجماهيرية الليبية. و أفادت مصادر ديوان التونسيين بالخارج أن عدد التونسيين الذين وصلوا مساء أمس بلغ 2300 شخصا نقلوا من بلدة "رأس الجدير" الحدودية باتجاه مختلف المناطق التونسية.