شرح وزير الشؤون الخارجية، مراد مدلسي، يوم الأحد، أمام رؤساء البعثات الدبلوماسية و ممثلي الهيئات الدولية المعتمدة بالجزائر الخطوط العريضة للخطاب الذي وجهه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للأمة وكذا موقف الجزائر الرسمي إزاء أهم الملفات الدولية الراهنة. خلال اجتماع إعلامي ولتبادل وجهات النظر حول قضايا الساعة الوطنية و الدولية عقد بإقامة الميثاق قدم رئيس الدبلوماسية توضيحات حول"أهداف و رهانات البرنامج الطموح الذي يحمل تغييرات مؤسساتية ذات بعد تاريخي". وأبرز بهذا الخصوص مشروع الاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية و السياسية العميقة التي "ستكون لها انعكاسات إيجابية على وضعية الحريات و تحسين المستوى المعيشي وسوق الشغل وعموما على التنمية الاقتتصادية و الاجتماعية و الثقافية." وتطرق السيد مدلسي للتعديلات التشريعية و مراجعة الدستور التي ستتم مباشرتها " بما يكفل ترسيخ الديمقراطية و تعزيز دولة الحق و القانون من خلال مطابقة الترسانة القانونية الجزائرية مع أحدث معايير الديمقراطيات الممثلة". و يتعلق الأمر بقانون الانتخابات و قانون الأحزاب و الجمعيات أو بتكريس تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة الذي تم دمجه في الدستور. وأشار السيد مدلسي إلى قانون الإعلام الذي سيتم مراجعته و إتمامه من خلال "ادراج معالم مدونة أخلاقيات المهنة و رفع التجريم عن جنح الصحافة الذي هو محل مشروع قانون يجري استكماله على مستوى الحكومة". كما أبرز "تعزيز المكاسب في مجال حقوق الانسان و تكريسها من خلال العمل الدائم على نشر ثقافة حقوق الانسان بين المواطنين و داخل مؤسسات الدولة". واعتبر الوزير أن "خارطة الطريق" هذه تدخل في إطار حركية متعددة الأشكال انتهجتها الجزائر خلال العشرية الأخيرة و تستجيب "بكل تأكيد لتطلعات الشعب الجزائري العديدة و المشروعة". و على الصعيد الدولي تطرق السيد مدلسي إلى التطورات السياسية و الاجتماعية في العالم العربي قبل أن يذكر "بموقف الجزائر الثابت" المتمثل في "رفض كل تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للدول و احترام قرار كل شعب ينم عن سيادته الوطنية و عن حقه الشرعي في تقرير المصير". و أكد أنه بالنسبة للجزائر فهذا الموقف "مقدس حين يتعلق الأمر بالعلاقات بين الدول" و أنه "غير قابل للمراجعة حسب الظروف أو القراءات الظرفية". و أضاف أنه تم التعبير عن هذا الموقف في كل مناسبة "سواء تعلق الأمر بتونس أم مصر أم كوت ديفوار و هو معلن اليوم و بكل قوة فيما يتعلق بليبيا". وبخصوص الوضع في ليبيا أوضح السيد مدلسي أن الجزائر التي تنضم إلى اللائحتين 1970 و 1973 لمجلس الأمن الأممي و التي "تلتزم بها بكل صرامة" دعت منذ بداية الأحداث إلى تسوية الأزمة "بطرق سلمية من منطلق قناعتها أن حقن الدماء و وقف الاقتتال سيسمحان لأطراف النزاع بمباشرة مفاوضات دون تدخل أجنبي في سبيل التوصل إلى حل سياسي للأزمة". و ذكر بأن هذا الحل أوصى به الاتحاد الأفريقي. كما أكد أن الأزمة في ليبيا تشكل "مصدر انشغال كبير" بالنسبة للجزائر بسبب "التأثير المباشر لاستقرار هذا البلد على تطور الوضع الأمني في كل المنطقة بما فيها الحدود مع الجزائر" و أيضا لأن"ليبيا قريبة من منطقة الساحل حيث تنشط مجموعات ارهابية و شبكات الجريمة المنظمة". وأضاف السيد مدلسي أن إعادة نشر قوات الجيش الليبي فتح أمام المنظمات الاجرامية إمكانيات "للتسلل و الاستحواذ على الأسلحة المتطورة على غرار القذائف طويلة المدى التي تشكل تهديدا حقيقيا لسلام و أمن دول الجوار". و من جهة أخرى أشار الوزير في معرض حديثه عن الوضع في كوت ديفوار أن الجزائر كانت قد دعت إلى احترام الشرعية في هذا البلد و شرعية الاقتراع السيد للشعب الايفواري لصالح الرئيس واتارا و أشادت ب"مشروع المصالحة" الذي يعتزم الرئيس المنتخب تجسيده "لتوحيد البلد". وفي الأخير، أوضح السيد مدلسي أن الجزائر حريصة على "ترسيخ الاستقرار والأمن" في القارة الافريقية و العالم العربي و "ستستمر في احترام التزاماتها إزاء التضامن و التآزر مع الشعوب الشقيقة و الصديقة مع تفضيل سبل الحوار و التشاور لتعزيز جهود التنمية و الرقي الاجتماعي".