الجزائر - يسود الهدوء الحذر ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة بعد ثلاثة أيام من المواجهات بين متظاهرين مناهضين للمجلس العسكري الحاكم وقوات الامن والجيش أثارت "قلق" بعض العواصم و المنظمات الدولية نظرا لما خلفته من ضحايا. وذكرت التقارير الاعلامية الواردة من القاهرة أنه بعد ليلة من الكر و الفر بين الطرفين المتواجهين يشهد تقاطع شارعي الشيخ ريحان وقصر العينى على بعد أمتار من ميدان التحرير وسط القاهرة اليوم تجمعات "بسيطة" من المتظاهرين معظمهم من الصبية الذين يقومون باشتباكات لفظية ورشق قوات الامن الموجودة بالشارع بالحجارة. و كانت هاتين المنطقتين طيلة الايام الثلاثة الماضية مسرحا لاشتباكات بين متظاهرين غاضبين بسبب "تعنيف" قوات أمنية زميلا لهم و قوات الجيش الذي تدخل ل"حماية" المبانى الحكومية و منها مقر مجلس الوزراء بعدما أضحى/المجلس/ هدفا للمحتجين الذين أحرقوا مبنى "قصر العينى" الذي يحتوى على ثراث و تاريخ و ثقافة مصر بعدما استحال عليهم اقتحام مقر مجلس الوزراء. وقالت التقارير أن ميدان التحرير شهد فجر اليوم عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الامن والشرطة العسكرية حيث قامت قوات الامن باقتحام الميدان واخلائه من المتظاهرين الذين تراجعوا الى مناطق قريبة ما دفع بالقوات الى ترك الميدان لافراد الشرطة العسكرية والانسحاب منه الا أن المتظاهرين عادوا مرة أخرى وأحكموا قبضتهم على الميدان وسط أنباء عن قيامهم باحتجاز مجندين ثم اطلاق سراحهما فيما بعد. وحسب آخر الاحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة المصرية فقد أودت الاشتباكات بالقاهرة حتى الان بحياة 11 شخصا واصابة 201 بجروح. وكانت المحادثات التى قادها عضو بمجلس الشعب المصري عمرو حمزاوي ومجموعة من نشطاء المجتمع المدني قد أخفقت في التوصل إلى هدنة لوقف الاشتباكات وسط القاهرة. وقالت مصادر اعلامية أمس إن حمزاوي وعددا من نشطاء المجتمع المدني وأحد رجال الأزهر حاولوا مخاطبة المتظاهرين ورجال الأمن فى شارع العينى إلا أن كل جانب حمل الجانب الآخر مسؤولية استمرار المواجهات. واوضحت المصادر "أن المتظاهرين لا يرغبون سوى في عودة الاعتصام السلمي أمام مجلس الوزراء تأكيدا لحق أقرته القوانين طالما كان التظاهر أو الاعتصام سلميا وهو ما يحرص عليه المعتصمون". ويطالب المتظاهرون برحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم عن السلطة وتسليمها إلى مجلس رئاسي مدني منتخب وتشكيل "حكومة إنقاذ وطني ثورية" بدلا من حكومة كمال الجنزوري الذي يعتبرونه "أحد رموز" نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وأثار تفجر أحداث العنف مجددا فى العاصمة المصرية و ما خلفه من ضحايا "قلق" عدد من المنظمات الدولية و العواصم. فقد أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن "أسفه الشديد" لما آلت إليه أحداث العنف التي جرت في ميدان التحرير بالقاهرة والشوارع المحيطة بمقر مجلس الوزراء وما رافقها من استخدام للقوة. وعبر العربي فى بيان عن "حزنه وأسفه الشديدين لسقوط هذا العدد الكبير من القتلى و الجرحى جراء تلك الأحداث" محذرا من جر البلاد نحو حالة من حالات الفوضى والاضطراب الأمني والسياسي. وناشد جميع القوى السياسية المصرية التحلي بأقصى درجات المسؤولية وضبط النفس حتى يمكن تجنب الفوضى وانجاز عملية التحول الديمقراطي التى باشرت بها البلاد بعد سقوط نظام الرئيس مبارك. و بدوره أعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن "قلقه" من تجدد العنف بالعاصمة المصرية ودعا السلطات الإنتقالية إلى ممارسة ضبط النفس. وقال بان كي مون في بيان إنه "منزعج جدا استخدام القوة المفرطة من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين" مشددا على "أهمية توفير مناخ من الهدوء" لدعم العملية الانتخابية في مصر. واتخذت الادارة الامريكية نفس الموقف اذ عبرت على لسان وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون عن "قلقها العميق" ازاء تجدد أعمال العنف فى مصر, داعية الطرفين المعنيين الى ممارسة ضبط النفس. وحثت كلينتون قوات الأمن المصرية على "احترام وحماية الحقوق العامة لجميع المصريين بما فيها الحق فى حرية التعبير والتجمع السلمى" كما دعت المحتجين على الامتناع عن أي أعمال عنف. من جهتها أدانت فرنسا أعمال العنف فى مصر و دعت الى التحلي بالهدوء و المسؤولية. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو "ان فرنسا تدين بشدة أعمال العنف التى أوقعت عددا من القتلى و الجرحى و كذا الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين". وتجددت أعمال العنف فى مصر فيما تجرى الانتخابات التشريعية الاولى من نوعها منذ الاطاحة بالرئيس مبارك فى فبراير الماضى فى احتجاجات شعبية مناهضة. و تنظم هذه الانتخابات التى انطلقت يوم 28 نوفمبر على ثلاث مراحل وتنتهى فى 10 يناير 2012 فى اطار المسيرة الديمقراطية التى أطلقتها مصر عقب سقوط نظام مبارك قصد الانتقال بالبلاد الى دولة ديمقراطية ينشدها المصريون منذ زمن طويل.