الجزائر - دخلت مهمة بعثة مراقبي جامعة الدول العربية يوم الخميس يومها الثالث في سورية من خلال الشروع في الإنتشار عبر عدة مدن بعد زيارات معاينة ميدانية اولية قادتها إلى المناطق الاكثر توترا وسط اجواء عنيفة و ضغوطات خارجية قد تؤثر على مهمة البعثة. و كشف رئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية محمد أحمد مصطفى الدابى عن خارطة الطريق لمهمة البعثة التي قادتها اعتبارا من مساء امس الاربعاء إلى كل ادلب و حماة و درعا و فى شريط محيط بدمشق بعد ان اكد ختاما لزيارة مدينة حمص التي تعد اكثر المناطق توترا ان الوضع "تميز بالهدوء رغم انها لن تكن طيبة على طول الخط و ان اعضاء الوفد لم يشاهدوا شيئا مخيفا". و يأتي هذا التصريح في الوقت الذي افادت فيه تقارير اخبارية سورية ان بعثة المراقبين العرب غادرت مدينة حمص (165 كم شمال العاصمة) بعد تعرضها لوابل من رصاص المجموعات المسلحة بينما كانت في حي باب السباع عند دوار الفاخورة. وكان وفد بعثة المراقبين العرب قد تابع عمله لليوم الثاني على التوالي في مدينة حمص التي شهدت خلال الأشهر الماضية اشتباكات مسلحة ما جعلت الأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية فيها حرجة. و كان وفد من المراقبين العرب يضم 50 مراقبا عربيا قد وصل مطلع الأسبوع الحالي إلى سورية لرصد تنفيذ السلطات السورية للمبادرة العربية وذلك تطبيقا لبنود البرتوكول الذي وقعت عليه دمشق مع الجامعة العربية يوم 19 ديسمبر الجاري في القاهرة. وتنص أهم بنود بروتوكول مهام بعثة المراقبين العرب على وقف جميع اعمال العنف و احلاء المدن و الاحياء من الآليات العسكرية و السماح بالمظاهرات السلمية و كذا التأكد من الافراج عن المعتقلين بسبب الاحداث الراهنة. و في هذا الخصوص أعلنت السلطات السورية يوم امس عن إطلاق سراح 755 شخصا تم اعتقالهم في الفترة الأخيرة على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها العديد من المدن السورية ممن "لم تتلطخ ايديهم بدماء السوريين" لتصبح الدفعة الرابعة من الموقوفين الذين يتم الاعلان عن الافراج عنهم بعد الاولى التي تمت في نوفمبر الماضي و شملت 553 موقوفا. ميدانيا أعلنت "الهيئة العامة للثورة السورية" ارتفاع عدد القتلى برصاص قوات الأمن اليوم الخميس من ثلاثة إلى ستة أشخاص" موضحة أن "لجان الثورة ستنظم اعتصاما مفتوحا ابتداء من اليوم و حتى ظهر غد الجمعة بحي الخالدية بمدينة حمص الواقعة وسط البلاد". و يأتي هذا في الوقت الذي ابرزت فيه الصحف السورية اليوم زيارة وفد البعثة إلى حمص و وقوفهم على "الاعمال الاجرامية و احداث العنف" التي تتسبب فيها "مجموعات ارهابية" فيما تحدثت صحف اخرى عن الالتفاف الجماهيري باعضاء البعثة و مشاهدتهم لمظاهرات احتجاجية اخرى بحمص "تحرض على الطائفية". و في هذه الاثناء يتواصل عمل الجامعة العربية التي "تحرص على ايجاد مخرج سلمي من خلال تسوية سياسية لحل الازمة السورية في اطار عربي-عربي و بعيدا عن الحلول الاجنبية علما ان بعض الاطراف الدولية سارعت إلى انتقاد ظروف عمل البعثة و مدى مصداقيتها و اتمكنها من ايجاد طريق للانفراج في اولى ايام عملها. و في اطار تلك الجهود استعرض الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربى اليوم بالقاهرة رفقة برهان غليون رئيس الهيئة السياسية المناوئة للنظام السوري "المجلس الوطنى السوري" تطورات الاوضاع في سورية و سبل حل الازمة على ضوء مباشرة بعثة المراقبين العرب لمهامها في البلاد في ثالث ايامها. و أعرب غليون عن "أمله فى نجاح المبادرة العربية لحل الأزمة فى سورية و أن يتم تجنيب سورية مخاطر الانزلاق نحو حرب أهلية أو تدخلات خارجية". و شدد المعارض السوري في موقف اعتبره المراقبون تغيير في اتجاه معارضة الخارج على انهم " يصرون على أن العالم العربى يستطيع أن يلعب دورا كبيرا فى معالجة الأزمة السورية". و قال أن الأمين العام للجامعة أكد له خلال اللقاء "إن العرب حريصون على تقديم كل ما لديهم من أجل الانتقال بسورية نحو نظام ديمقراطى يلبى حقوق الشعب" مبديا "استعدادهم لدعم كل الجهود العربية الرامية إلى هذا الاتجاه". و على صعيد السياسي دائما جدد المتحدث بإسم الخارجية السورية جهاد المقدسي التزام سلطات بلاده بشكل كامل بما جاء في بروتوكول بعثة مراقبي الجامعة العربية لافتا إلى أن "نجاح مهمة البعثة هو من مصلحة الأمن الوطني السوري". و اوضح ان "مهمة الجانب السوري هي التنسيق وضمان سلامة الوفود و حرية تنقلهم في إطار مهمتهم (المراقبة والرصد) و ليست التفتيش". من جهتها دعت روسيا السلطات السورية إلى منح مراقبي الجامعة العربية الذين بدأوا مهمتهم فى مدينة حمص "أقصى درجة من الحرية" وفتح الأبواب أمام بعثة المراقبين في كافة مدن البلاد والتعاون معها. و قال وزير خارجية روسيا سرغي لافروف حول مبادرة بلاده لدى مجلس الامن بخصوص الازمة السورية انه "يتضمن ترحيبا بتوجه بعثة المراقبين العرب إلى سورية ويجب أن تتمكن هذه البعثة من زيارة أي جزء من سورية". أما الصين فقد أكد المتحدث باسم وزارة خارجيتها هونغ لى اليوم انها ترحب ببعثة مراقبى الجامعة العربية التى تجرى تحقيقات موضوعية فى سورية . واوضح المتحدث ان بلاده "تأمل ان تبذل الاطراف المعنية جهودا متضافرة لتنفيذ بروتوكول المراقبة بفاعلية بما يهيئ الظروف للخروج بحل مناسب للأزمة السورية". و في انتظار ما سيسفر عنه شهرا كاملا من عمل فرق المراقبين العرب بسورية يبدو حل الازمة السورية التي أتت عن 5000 قتيلا حسب الاممالمتحدة او 2000 ضحية حسب دمشق منذ منتصف مارس الماضي بمثابة "امتحان" على كل اصعدة الجامعة العربية.