الجزائر - لا زال المشهد السياسي والامني بسورية يراوح مكانه فيما تنقضي مهلة الثلاثة أيام التي منحها مجلس الجامعة العربية للحكومة السورية من أجل التوقيع على بروتوكول بشأن مهمة بعثة مراقبي الجامعة إلى سورية التي طالبت بتعديله. ووقع البروتوكول مؤخرا بالرباط وسط تحذيرات بفرض عقوبات اقتصادية على دمشق في حال عدم تعاونها بشانه. و في الوقت الذي تطالب فيه الجامعة العربية الحكومة السورية ابداء موافقتها على تنفيذ كامل لبنود خطة العمل العربية التي اعتمدها المجلس في الثاني من شهر نوفمبر الجاري تطالب دمشق من جهتها بتعديلات على مشروع البروتوكول الذي أقره مجلس الجامعة على المستوى الوزاري اول امس الاربعاء بالرباط و المتعلق بمركز ومهام المراقبين الذين تنوى الجامعة العربية ارسالهم إلى سورية. وأعلن نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية أنه تلقى رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم بهذا الخصوص مشيرا إلى ان "هذه التعديلات محل دراسة الان". وأوضح بيان صدر عن الجامعة في ختام الاجتماع أن مهمة هذه البعثة تتمثل في التحقق من تنفيذ بنود الخطة العربية لحل الأزمة السورية وتوفير الحماية للمدنيين السوريين. وأكد المجلس أنه بعد توقيع الحكومة السورية على هذا البروتوكول وبعد وقف جميع أعمال العنف والقتل يتم إرسال بعثة مراقبي الجامعة "فورا" إلى سورية. وهدد وزراء الخارجية العرب أول امس في الرباط ب "فرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري" ما لم يوقع خلال ثلاثة أيام بروتوكولا يحدد الاطار القانوني والتنظيمي لبعثة المراقبين العرب. ودعوا المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية الذي يضم وزراء الاقتصاد والمال العرب " إلى الاجتماع لدراسة توقيع عقوبات اقتصادية وسياسية على الحكومة السورية". وجاء هذا القرار بعد قرار آخر اتخذه وزراء الخارجية خلال اجتماع السبت الماضي بالقاهرة بتعليق مشاركة سورية في اجتماعات الجامعة العربية اعتبارا من 16 نوفمبر الحالي لحين تنفيذ المبادرة العربية. للإشارة قاطعت دمشق اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري والمنتدى التركي العربي اللذان عقدا بالرباط. كما أدان المجلس الوزاري الاعتداءات التي تعرضت لها البعثات الدبلوماسية والقنصلية العربية والأجنبية في دمشق وطالب الحكومة السورية بتوفير الحماية اللأزمة لكافة البعثات ومقراتها المتواجدة على أراضيها طبقا للاتفاقيات الدولية المرعية والتزاماتها في هذا الشأن. وقرر مجلس الجامعة العربية إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع. في غضون ذلك عرفت النبرة الروسية وموقفها انعطافا جديدا ازاء الأزمة السورية وهي البلد الذي طالما راهنت عليه دمشق في حمايتها إلى جانب الموقف الصيني. ولم يستبعد رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين اليوم الجمعة لدى سؤاله إن كانت بلاده ستدعم قرارا يدين سورية في مجلس الأمن القيام بذلك قائلا "نحن مستعدون للعمل مع المجتمع الدولي بأكمله وسنقوم بذلك لكننا ندعو إلى ضبط النفس والحذر. هكذا ما أفترض أن يكون موقفنا تجاه هذه المسألة". ونقلت وسائل إعلام روسية عن بوتين قوله في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي فرانسوا فيون في موسكو "لا ننوي تجاهل رأي شركائنا وسوف نتعاون مع الجميع". وقال أن بلاده ترى أنه من الضروري "عدم إستخدام القوة على الإطلاق في حل مسائل من هذا النوع". أما فيون فقد ندد خلال المؤتمر بتزايد القمع فى سورية معتبرا ان الرئيس السوري بشار الاسد لا يزال "يتجاهل" نداءات الاسرة الدولية وان الوضع "يزداد سوءا". و للاشارة كانت الحكومة الصينية عبرت "قلقها الشديد" إزاء الوضع في سورية ودعت الأطراف المعنية هناك إلى وقف العنف وإرساء الاستقرار الوطني وعودة الأوضاع إلى طبيعتها في أسرع وقت ممكن وطالبت دمشق بتطبيق الخطة العربية التي تنص على الإفراج عن المتظاهرين وسحب القوات المسلحة من المدن. من جهتها حذرت تركيا اليوم على لسان وزيرها للخارجية أحمد داود أوغلو بأن عقوبات اقتصادية فضلا عن إجراءات أخرى قد تطرح على طاولة البحث إذا استمرت الحكومة السورية فى إجراءاتها الصارمة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة. وقال أوغلو خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي آلان جوبيه فى العاصمة التركية أنقرة أن "هدفنا الأول هو اتخاذ خطوات ضرورية تماشيا مع مبادرة الجامعة العربية لإنهاء إراقة الدماء". واستبعدت تركيا قطع مياهها التي تتدفق إلى سورية كجزء من العقوبات عليها وفق لما نقلته صحيفة "زمان" التركية عن أوغلو اليوم. وقالت الصحيفة أن تركيا تطلق حاليا 517 مترا مكعبا كل ثانية فى المتوسط بدلا من كمية 500 متر مكعب المطلوبة فى الثانية مضحية باحتياجاتها. وفي وقت سابق من هذا الاسبوع أوقفت تركيا خطط اكتشافات بترولية مشتركة فى ستة آبار فى سورية إلا انها استبعدت قطع الكهرباء لدواع انسانية. ويبقى المشهد الامني على الارض على حاله في ظل استمرارا المظاهرات المناهضة للرئيس بشار الاسد والتي رافقها سقوط قتلى من المدنيين والجيش وقوى الأمن جراء استخدام العنف. وتجددت التظاهرات الاحتجاجية اليوم في عدد من المدن والمحافظات السورية للمطالبة باسقاط النظام والإسراع بحماية المدنيين عبر إرسال مراقبين وسقط سقوط 11 قتيلا في محافظة حماة شمالي البلاد وفق ما اعلنته لجان التنسيق المحلية السورية. وتقدر الأممالمتحدة عدد ضحايا الاحتجاجات في سورية بنحو 3500 شخصا فيما تقول مصادر رسمية سورية أن عدد ضحايا الجيش والأمن تجاوز 1100 شخص وتحمل "الجماعات المسلحة" مسؤولية ذلك. وقد دخلت الأزمة السورية ابتداء من منتصف شهر نوفمبر الجاري شهرها التاسع في ظل تزايد المظاهرات الاحتجاجية.