تواصلت يوم الأربعاء المعارك على الحدود بين السودان ودولة جنوب السودان التي وصفت بالأعنف بين الجارتين منذ انفصال الجنوب في جويلية 2011 والتي دفعت بالخرطوم إلى وقف جميع المفاوضات مع جوبا إلى غاية استرجاع منطقة "هجليج" الحدودية المتنازع عليها . ويتبادل الجانبان على لسان مسؤوليهما السياسيين والعسكريين الاتهامات بالشروع في الاعتداء مما يثير مخاوف من اندلاع حرب جديدة قد يطيل أمدها على غرار سابقتها. فقد دارت حرب أهلية بين الخرطوموجوبا لعقود قبل التوصل إلى اتفاق سلام في 2005 أدى في جويلية 2011 إلى استقلال جنوب السودان. وذكرت الصحف السودانية ان المعارك بين القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي والقوات التابعة لحكومة دولة الجنوب مستمرة اليوم على حدود السودان الجنوبية باتجاه مدينة هجليج الاستراتيجية التي تشكل أكبر حقول النفط بجنوب كردفان على الحدود بين البلدين. ونقلت الصحف عن المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد قوله "أن المعارك لا تزال حامية الوطيس ولم ينجل موقفها بعد". ومن جانبه أكد نائب مدير الاستخبارات العسكرية في جنوب السودان ماك بول ان جيش جنوب السودان اتخذ مواقع في حقل هجليج النفطى الذي يطالب به البلدان موضحا ان القصف استمر طوال الليل. وكانت الحكومة السودانية اتهمت يوم الثلاثاء قوات جنوب السودان بالشروع في الاعتداء الذي شنته على ولاية جنوب كردفان السودانية وهددت بالتصدي له بكل الطرق والوسائل المشروعة . واكدت في بيان بثته وكالة إنباء السودان / سونا / انها "ستتصدى بكافة الطرق والوسائل المشروعة للعدوان الغاشم من دولة جنوب السودان على منطقة هجليج (...) كما انها تحذر دولة جنوب السودان بأن اصرارها على العدوان واعتماد أسلوب الحرب لن يعود عليها وعلى شعبها الا بالخيبة والخراب". واوضحت الحكومة السودانية في بيانها ان "مناطق من ولاية جنوب كردفان أبرزها منطقة هجليج تعرضت صباح وظهر امس الثلاثاء لهجوم غادر نفذه الجيش الشعبي التابع لدولة جنوب السودان مستعينا بأعداد من قوات المرتزقة ومجموعات من المتمردين عبر عدد من المحاور". وتعد هذه المعارك الأعنف بين الجارتين منذ انفصال الجنوب في جويلية 2011. وكان الحاج ادم يوسف نائب الرئيس السوداني قد أعلن أمس من مدينة الأبيض بشمال كردفان إعلان التعبئة العامة والنفرة القومية في السودان لردع جنوب السودان ودعاها إلى الالتزام بحدودها والتعامل بمسؤولية والكف عن دعم المتمردين وتنفيذ الاتفاقات الموقعة واحترام المواثيق والأعراف الدولية . وقال ان السودان وافق على تقرير مصير الجنوب والانفصال حرصا منه على السلام الذي تسعى الآن دولة جنوب السودان مشيرا إلى ان "الحرب في جنوب كردفان أصبحت مفروضة على السودان ونحن مستعدون للرد على أي عدوان مهما كان ومازلنا في حالة الدفاع عن النفس ". وحذر المسؤول السوداني مؤيدي الحركة الشعبية والجبهة الثورية بالداخل من مغبة ذلك وقال نحن في حرب مع دولة جنوب السودان وستقدم لها ردا ودرسا يؤكد قوة السودان وقدرته لحماية أرضه وتأمينها وردع الأعداء . وكانت الخرطوم قد اتهمت جيش جنوب السودان في مطلع افريل الجارى بشن هجوم على هجليج بعد هدوء دام لأيام قليلة اثر المعارك التي بدأت بين الجانبين في هذه المنطقة في 26 مارس الماضي . من جهته اتهمت جنوب السودان طيران الخرطوم بقصف أراضيها مجددا على طول الحدود المشتركة بين البلدين قرب منطقة ابيي. وبحسب وزير إعلام جنوب السودان بارنابا ماريال بنجامين فقد أصيب أربعة مدنيين من بينهم طفل بجروح عندما قصفت الطائرات السودانية منطقة ابيمنون على بعد حوالى أربعين كلم من الحدود بين البلدين . واتهم الوزير الجيش السوداني بالتحرك للاستيلاء على حقول النفط في ولاية الوحدة في جنوب السودان حيث تقع ابيمنون من دون توضيح ما اذا كان الجنود السودانيون دخلوا أراضى جنوب السودان . للإشارة فقد دارت في 26 و27 مارس الماضي معارك عنيفة بين جيشي الخرطوموجوبا وتبادل الجانبان الاتهامات ببدئها. والقت الإحداث على الحدود بين البلدين بظلالها على جولات التفاوض بين البلدين حيث أعلن نائب الرئيس السوداني إيقاف جميع هذه الجولات لحين استرداد منطقة / هجليج / . وقال الحاج ادم يوسف في تصريحات صحفية أمس أن الحركة الشعبية اثبتت انها تضمر السوء للسودان من فترة طويلة وان السودان كان حريصا على التفاوض طيلة المرحلة الماضية والعالم يشهد على ذلك واصفا الهجوم على هجليج ب"الخيانة المتوقعة". وكان من المقرر ان انعقاد الجولة الثالثة للمفاوضات بين وفدي الخرطوموجوبا يوم غد الخميس بشأن النزاع حول منطقة أبيي.