لا يفوت أحمد الشريف أحمد المولود بعمان (الأردن) قبل 72 سنة أي مناسبة الا واغتنمها لتجديد الوفاء والارتباط بالجزائر الأم التي غادرها والده مكرها سنة 1927. فمنذ الوهلة الاولى تدرك حجم المحبة والتقدير اللذين يكنهما جميع موظفي السفارة الجزائرية بعمان لهذا المواطن ابن المهاجر الذي قدم اليوم الثلاثاء إلى مكتب التصويت بالعاصمة الأردنية لأداء واجبه الانتخابي وكله ابتسامة ونبلا وهو مرفوقا بابنته وحفيده. يقول الحاج احمد الشريف بلكنة شامية تتخللها عبارات من اللهجة الجزائرية ان جذور عائلته تعود إلى أشراف مدينة مليانة قبل أن تستقر بمقلع بتيزي وزو ثم الهجرة بعدها إلى الأردن سنة 1927 فرارا من بطش الاستعمار الفرنسي الذي لم يكتف بسلب الشعب الجزائري حريته و ثرواته فلجأ إلى تشريده في بلدان أخرى. ويشير الحاج أحمد الشريف في هذا الموضوع الى ان عائلته كانت من ضمن ال30 عائلة الأولى القادمة من أقطار المغرب العربي والتي سكنت وأسست مدينة المفرق (77 كلم شمال شرق عمان) وهي الآن (عائلته) تملك أراض وعقارات مما يبرز عراقتها حظوتها بهذه المنطقة. ويستطرد الحاج احمد الشريف —الذي رزق ب10 أولاد و4 بنات و 31 حفيدا وحفيدة — ان عائلته لم تقطع يوما الصلة بالجزائر مبرزا انه عمل لفائدة الثورة التحريرية في إطار مكتبها بعمان خلال الخميسنيات من القرن العشرين. وأضاف في ذات الموضوع ان أخيه الأكبر لطفي الشريف عاد إلى الجزائر قبيل اندلاع ثورة أول نوفمبر وشارك فيها وحكم عليه بالإعدام غير ان هذا الحكم لم ينفذ. ويتابع المتحدث بان حبه لأهله وللوطن دفعه الى البحث عن اصول عائلته فتم له ذلك والتأم شمل العائلة الواحدة سيما بعد أن حصل برفقة افراد عائلته على الجنسية الجزائرية وهو الآن يزور أبناء عمومته ويزورنه في كل المناسبات. كما أن لعائلة الشريف دور إنساني تضامني يجسد ميزة التواد والتراحم التي تسري في عروق الجزائريين مسرى الدم إذ عادة ما تتكفل بمد يد العون للمرضى من أبناء الجالية أو حتى الذين يأتون من الجزائر إلى الأردن بغرض العلاج فيزورونهم في المستشفيات ويسهرون على خدمتهم و راحتهم مثلما أكد عدد من ابناء الجالية الجزائرية لوأج. وعن رأيه في الإصلاحات السياسية التي تعرفها الجزائر والعملية الانتخابية الجارية بشكل خاص أعرب المتحدث وهو يذرف دموعا أبلغ من آلاف الكلمات عن تمنياته بالخير والامن للجزائر والجزائريين أينما كانوا مكتفيا بالقول: "نحن نحب بلدنا ونتمنى له كل الخير". وختم أحمد الشريف كلامه مقدما شكره الى سفارة الجزائر بعمان التي لا تفوت كما أوضح— أي مناسبة وطنية الا وتدعوه للاحتفال مع بني وطنه وتجدد في دمه روح الانتماء لهذا البلد الذي يحمله في وجدانه. للإشارة، فقد شهد اليوم الأول من الاقتراع قدوم عائلات جزائرية اخرى من المفرق لمقر السفارة من اجل الانتخاب وجلبوا معهم كمية من الحلويات وزعوها على الحاضرين بمكتب التصويت محولين عملية الانتخاب بعفويتهم إلى عرس جزائري. يذكر ان علاقة الجزائريين ببلاد الشام ( لبنان وفلسطين وسوريا والاردن) ضاربة في جذور التاريخ، فقد تمت أولى الهجرات من اجل نصرة صلاح الدين الايوبي في حربه ضد الصليبيين خلال القرن ال12 ليستقر بعدها جزء كبير من الجزائريين بهذه البلاد ويساهم أحفادهم في النهضة الثقافية والسياسية مع بداية القرن 19 إلى غاية القرن 20 خاصة أولئك الذين هاجروا برفقة الأمير عبد القادر او الذين لحقوا به فيما بعد هربا من بطش الاستعمار الفرنسي. للإشارة، فان الجالية الجزائرية بالأردن التي يبلغ تعدادها نحو 1200 مواطن من بينهم 875 مسجل في قوائم الانتخاب على مستوى القنصلية بالسفارة تواصل أداء واجبها الانتخابي في ظروف عادية.