يعتبر النزاع القائم منذ فترة طويلة بين الملاك الجزائريين المقيمين بتونس والادارة التونسية من جهة والمواطنين التونسيين من جهة ثانية حول الاراضي الفلاحية الشاسعة التي تعود ملكيتها في الاصل إلى الجزائريين من أهم انشغالات الجالية الجزائرية و التي وعدت السطات التونسية مؤخرا بالتكفل بها. و يجدر التذكير بتصريح سفير الجزائر عبد القادر حجار بأن السلطات التونسية تبنت رسميا اجراءات لفائدة الرعايا الجزائريين المقيمين بتونس تتعلق بالحق في الملكية و في مزاولة النشاطات المهنية والاقامة. و أبرز حجار امس الإثنين ان السلطات التونسية قامت بالغاء رخص العمل و التملك التي كانت اجبارية في عهد النظام السابق. و من جهته كان الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي قد أوضح في شهر فيفيري الماضي ان ملفات من بينها ملف التملك لابد من ايجاد حلول مؤكدا انه يسهر شخصيا على متابعتها. ولتوضيح حيثيات هذا النزاع الذي فرض على الملاك الجزائريين لتتمكن الادارة التونسية سابقا من الاستحواذ على المساحات الشاسعة من الاراضي الفلاحية التي تعود إلى المواطنين الجزائرين فإن هذه الاراضي قد تم شراؤها -كما ذكر- ممثل الجالية الجزائرية بولاية القصرين حمدي باشا في حديث لوأج خلال الفترة الممتدة من سنة 1898 إلى 1902 بطرق قانونية "لا لبس فيها" غير أن السلطات التونسية لجأت إلى مصادرة أراضيهم بنسبة تتراوح ما بين 2 إلى 5 بالمائة بحجة المصلحة العامة لبناء المرافق العمومية. وبعد عملية المصادرة هذه اظهرت السلطات التونسية تماطلها في دفع التعويضات العادلة للملاك الجزائريين والسعي بشتى السبل لادخال هذا الحق في المتاهات التي لامخرج لها وذلك بإشتراطها — يضيف باشا— "ضرورة إحضار عقود إثبات الملكية قصد إستغلال عامل الزمن الذي يعود من دون شك لصالح الادارة التونسية لتتمكن من استرجاع هذه الاراضي لتصبح تونسية". وفي هذا السياق فإن الادارة التونسية تدرك مسبقا —حسب المتحدث— أنه "ليس من السهل حصول الملاك الجزائريين على مثل هذه الوثائق لانهم تحصلوا على هذه الاراضي بواسطة عقود شراء وقعها أباؤهم وأجدادهم بمصادقة الادارة الفرنسية ومنحتهم الادارة التونسية حق الاستغلال بعد الاستقلال". وتدرك الادارة التونسية أيضا أن الملاك الجزائريين لم يتقدموا بطلبات لترسيم أراضيهم بعد استقلال تونس وأكتفوا فقط بعقد الشراء الصادر عن الادارة الفرنسية كوثيقة لاثبات الملكية وهذا كما قال ممثل الجالية الجزائرية بولاية القصرين "مالا تعترف به المحاكم التونسية". إن هذا الاشكال المفتعل من قبل الادارة التونسية سابقا دفع بها إلى شد الخناق أكثر على الملاك الجزائريين وذلك بمنعها أياهم من بيع اراضيهم الفلاحية لمواطنين جزائريين آخرين. وفي حالة ما إذا كان البيع لمواطنين تونسيين فإن هذه العملية تتطلب ضرورة الحصول على رخصة بيع من والي الولاية التي تقع فيها هذه الاراضي. و الجدير بالذكر أن العائلات الجزائرية المقيمة بتونس منذ القدم والتي تمتلك مساحات شاسعة من الاراضي الفلاحية تتمثل بالخصوص في عائلات "بن عاشور وبن حديد وحمدي باشا وبورايو ومقراني وكل أراضيهم تقع في الولايات الشمالية الغربية والوسطى لتونس والتي هي تابعة للدائرة القنصلية الجزائرية بالكاف. وفيما يتعلق بالنزاع القائم بين الملاك الجزائريين والمواطنين التونسيين فيعود سببه كما ذكر بعض ملاك الارض إلى الضغوطات المفروضة على الجزائريين من قبل الادارة التونسية سابقا مما دفع بهم إلى أشراك التونسيين في استغلال أراضيهم في عملية الاستثمار بواسطة عقود محددة بغية تجنيب تعرض أراضيهم إلى التأميم أو السطو وفي نفس الوقت الاستفادة من القروض التي تمنحها البنوك لشركائهم التونسيين. لكن بعد بعد فترة — حسب الملاك الجزائريين وبتشجيع من الادارة التونسية يبدأ الطرف التونسي بالمطالبة بحقوقه في الاراضي بدعوة إستغلالها لسنوات عديدة مما يرغم الجزائريين أصحاب الارض إلى اللجوء للمحاكم لاسترجاع أراضيهم. أما الحالة الثانية من نزاع الملاك الجزائريين مع المواطنين التونسيين فمردها حسب ممثل الجالية الجزائرية بمدينة الكريب نور الدين زواوي والتي تعود معظم أراضيها إلى الجزائريين فيرجعه إلى عودة الملاك الجزائريين إلى أرض الوطن بعد استقلال الجزائر دون أن يقوموا بتسوية وضعية أراضيهم مما دفع بالتونسيين إلى استغلالها بإعتبارها أراضي مهملة وغير مستغلة مما عقد الامور في استرجاعها بعد مرور 10 سنوات من استغلالها خاصة مع تواطؤ الادارة والعدالة التونسيين. غير أن الفصل في مثل هذه الحالات —كما قال زواوي — "غالبا ما يكون لصالح المواطن التونسي وفي حالة ما إذا كان الحكم لصالح الجزائري فإن الجهات القضائية التونسية المختصة في تنفيذ الاحكام "تلجأ إلى التماطل". و الجذير بالذكر أن العائلات الجزائرية المقيمة بتونس منذ القدم والتي تمتلك مساحات شاسعة من الاراضي الفلاحية تتمثل بالخصوص في عائلات "بن عاشور وبن حديد وحمدي باشا وبورايو ومقراني وبن سليمان وبن قرواش وبكوشي" وكل أراضيهم تقع في الولايات الشمالية الغربية والوسطى لتونس والتي هي تابعة للدائرة القنصلية الجزائرية بالكاف.