أكد وزير السياحة والصناعة التقليدية اسماعيل ميمون على ضرورة تطبيق مخطط الجودة والنوعية لترقية الخدمات السياحية تماشيا مع التطورات العالمية الحاصلة في هذا المجال. وأوضح ميمون في حديث خص به (واج) بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال حصيلة إنجازات قطاعه منذ الاستقلال واستعرض آفاقه المستقبلية ملاحظا أن النهوض بالسياحة الجزائرية والولوج بها في السوق العالمية يستدعي تحسين الخدمات السياحية للتمكن من تقديم عروض ذات جودة عالية في الاسواق السياحية الدولية. وفيما يلي النص الكامل لهذا الحديث: سؤال : عرفت الجزائر بعد الاستقلال مراحل ازدهار و ركود لقطاع السياحة كيف تقيمون هذه المراحل و ما هي الدروس المستخلصة منها؟ جواب : "مباشرة بعد الاستقلال في سنة 1962 ظهرت أول وزارة للسياحة والشبيبة و الرياضة مما يدل على العناية الخاصة للقطاع من طرف الدولة. و قد عرفت السياحة بالجزائر أوجها في السبعينات بحيث كان المقصد السياحي الجزائري يعتبر حقيقة أحد أهم المقاصد الواعدة على مستوى البحر الأبيض المتوسط اعتبارا لوتيرة نموه في مجال التدفقات السياحية المتزايدة عليه و أخذا في الحسبان كذلك جودة العروض السياحية المقترحة على الأسواق السياحية. إن المردودية العالية للسياحة الجزائرية في تلك الفترة لم تكن وليدة الصدفة بل جاءت كنتيجة لمخطط النهوض بالسياحة الذي اعتمد سنة 1966 و الذي أدى على سبيل المثال إلى إنجاز أكبر المركبات السياحية و المؤسسات الفندقية على طول الشريط الساحلي و مناطق الهضاب و الجنوب الكبير و فتح تمثيليات المقصد السياحي بالخارج إضافة إلى تأسيس منظومة تكوين فعالة من خلال فتح المدرسة الوطنية العليا للفندقة بالأوراسي و مركزي بوسعادة و تيزي وزو ما سمح ببروز ثقافة سياحية حقيقية. و لكن ابتداء من منتصف الثمانينات بدأت السياحة بالجزائر تفقد نجاعتها و تألقها و الانزواء على نفسها و الابتعاد عن الاحترافية في غياب رؤية واضحة المعالم لتنميتها و ملاءمتها مع التعزيزات و التحولات التي طرأت على السياحة الاستقبالية و السياحة الداخلية إضافة إلى قرار الدولة آنذاك تجميد الاستثمار في مجال الهياكل الفندقية و تراجع نوعية الفنادق العمومية بفعل غياب عمليات العصرنة و الترميم . إن الدرس الأساسي الذي يمكن أن نستخلصه من هذه التجربة هو أن الجزائر كانت وجهة سياحية تملك الإمكانيات الثقافة اللازمين لذلك و عليه فإن استرجاع أمجاد السياحة الجزائرية و تعزيزها بالقدر الذي سيجعل منها مقصدا مرموقا على مستوى البحر الأبيض المتوسط ليس بالشيء المستحيل بل أصبح هدفا مقصودا في ظل توفر الإرادة السياسية للنهوض بهذا القطاع و الرؤية الواضحة و مقاربة العمل التي تتسم بالطموح و الواقعية في نفس الوقت". سؤال : تؤكد إحصائيات المنظمة العالمية للسياحة أن هذا القطاع أصبح يمثل مصدرا متعاظما للثروة و النمو في العالم عاملا أساسيا في اقتصاديات الدول خاصة في حوض البحر المتوسط هل يحتل في الجزائر نفس الأهمية؟ جواب :"بالفعل يؤكد الخبراء أن سنة 2012 ستشهد تحقيق مليار سائح عبر العالم بعدما كان عددهم يبلغ 980 مليون سائح سنة 2011 و ذلك بالرغم من تداعيات الأزمة المالية و الاقتصادية التي ضربت العالم في السنوات الأخيرة و تشير الدراسات الإستشرافية أن التدفقات السياحية العالمية ستصل إلى 1.4 مليار سائح في مطلع سنة 2020 . كما أن واحد من 10 مناصب شغل جديدة في العالم يتم خلقها في قطاع السياحة ناهيك عن أن هذا النشاط أصبح يساهم بصفة فعالة في التوازنات المالية للعديد من الدول مما انجر عن ذلك توجه غالبية الدول في العالم مهما كان توجهها السياسي و الاقتصادي إلى وضع السياحة من بين أولويات مخططاتها الإنمائية. لقد تحولت السياحة في العالم من مجرد نشاط ترفيهي محدود الفعالية الاقتصادية إلى صناعة حقيقية قائمة بحد ذاتها تنافس من حيث انعكاساتها الاقتصادية أكبر الصناعات العالمية كصناعة السيارات على سبيل المثال. إن الجزائر تحذو نفس التوجه بحيث أصبح تنمية قطاع السياحة ليس اختيارا بل حتمية تفرضها تطلعات بلادنا إلى استغلال كل طاقاتها و إمكانياتها لدعم النمو الاقتصادي و تحقيق الازدهار الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك كيف يمكن قبول فكرة بقاء الجزائر على هامش تطور السياحة في العالم و ما تدره من انعكاسات اقتصادية هائلة في حين أن بلادنا تملك مؤهلات معتبرة قادرة إذا ما استغلت على أحسن وجه أن تجعل منها حقيقة المقصد الصاعد و البديل على مستوى البحر الأبيض المتوسط دون أن ننسى أن قطاع السياحة قادر أن يلعب مستقبلا دورا اقتصاديا محوريا. إن كل هذه العوامل تجعلني أؤكد أن قطاع السياحة اليوم هو فعلا موضوع اهتمام خاص من طرف أعلى السلطات في البلد التي تراهن عليه لبناء اقتصاد قوي يرتكز على تنويع الصادرات. سؤال : يعرف قطاع السياحة وتيرة نمو مستمرة منذ مصادقة الحكومة على المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية سنة 2008 ما هي الخطوط العريضة لهذا المخطط؟ جواب: بالفعل تم إعداد و المصادقة من طرف الحكومة سنة 2008 على المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية و هو بمثابة الإطار المرجعي لسياسة الحكومة لتنمية السياحة بالجزائر إلى آفاق 2030. إن هذا المخطط يهدف إلى توفير رؤية شاملة وواضحة المعالم لبلوغ هدف بناء مقصد سياحي قادر في نفس الوقت أن يفرض نفسه على مستوى الخريطة السياحية الجهوية و العالمية و تلبية حاجيات المواطنين من الترفيه و العطل. و لم يكن إنجاز المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية عمل مخبري بل تم بلورته على أساس تشاور واسع مع المتعاملين و المحترفين و الجمعيات المحلية و الخبراء من داخل و خارج الوطن. أما خطوطه العريضة فتتعلق بالسعي إلى تعزيز القدرة الإيوائية كما و نوعا و تحسين جودة العروض السياحية و نوعية الخدمات و تثمين المقصد السياحي بالإضافة إلى تعزيز الحلقة السياحية و توفير التسهيلات لدعم النشاط السياحي. جب أن نسلم أن التفاخر بجمال الجزائر لا يكفي أبدا للنهوض بالسياحة ببلادنا بل يبقى مرهونا بمدى قدرتنا على تحويل القدرات السياحية من مادة خام إلى عروض و منتوجات سياحية ذات مواصفات معمول بها دوليا و قابلة لإغراء الأسواق الدولية". سؤال : تحتاج الإستراتيجيات إلى وضعها حيز التنفيذ فما هي مؤشرات بداية تطبيق هذا المخطط و كيف تقيمون تجسيده بعد مرور حوالي أربع (04) سنوات؟ جواب : فعلا إن إعداد هذه الإستراتيجية ليس غاية في حد ذاتها بقدر ما هي آلية لبلوغ هدف مسطر و من ثمة فهي في حاجة إلى تجسيدها على أرض الميدان حسب الأولويات والحاجيات. كما أشرت سابقا فإن هذا البرنامج دخل في مرحلة حيز التنفيذ و بدأ يحقق الأهداف المسطرة من بين هذه الأخيرة نشير إلى وجود حوالي 763 مشروع سياحي حظي بالموافقة من طرف مصالح دائرتنا الوزارية أغلبها في طور الإنجاز بغلاف مالي إجمالي قدره 410 مليار دينار ما سيعزز الحظيرة الفندقية بحوالي 86 ألف سرير جديد تضاف إلى 94000 سرير الحالية و خلق 36 ألف منصب شغل مباشر. و كذلك تم الانطلاق في عملية عصرنة و إعادة تأهيل واسعة للمؤسسات الفندقية العمومية و إعداد خريطة التكوين في ظل إعادة تأهيل المؤسسات التكوينية و إرساء جسورالتعاون والتعامل مع قطاعي التكوين المهني و التعليم العالي لتحسين نوعية منتوج التكوين و الشروع في إطار التعاون مع الإتحاد الأوروبي في إعداد إستراتيجية اتصالية و تسويقية عصرية و العمل على وضع حيز التنفيذ ما يسمى بمخطط الجودة السياحية الجزائرية. و في سياق تعزيز تنظيم القطاع و تجسيد شراكة حقيقية بين القطاع العام و القطاع الخاص و المجتمع المدني عملنا خلال السنة الجارية على إعادة إحياء الفدرالية الوطنية للدواوين السياحية و إنشاء الفدرالية الوطنية لأصحاب الفنادق و اعتبارهما إلى جانب الفدرالية الوطنية لوكالات السياحة و الأسفار و النقابة الوطنية لوكالات السفر والسياحة شركاء الميدان لتجسيد كل القرارات المتخذة في إطار تشاوري. و لكن و بالرغم من هذه المؤشرات الإيجابية نؤكد أننا في بداية الطريق و لازالت تفصلنا عن بناء المقصد السياحي المرغوب فيه أشواط كبيرة تحتاج إلى تظافر الجهود و تجنيد كل الجهات و مواصلة العمل بالمثابرة و حسن الرؤية و التخطيط الصارم و إشراك الفاعلين السياحيين. وتصادف سنة 2014 نهاية المرحلة الأولى من تطبيق المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية و حينها سيتم القيام بعمل تقييمي موضوعي لمدى تجسيد هذه العملية. سؤال: صرحتم مباشرة بعد تنصيبكم على رأس القطاع سنة 2010 أن أولوياتكم تتمثل في ثلاثية الاستثمار- التكوين السياحة الداخلية ما هي أهم الإنجازات التي تم تحقيقها في هذه المجالات؟ جواب: اسماعيل ميمون " بداية أريد أن أنوه أن السياحة الاستقبالية و السياحة الداخلية تحضيان في إستراتيجية القطاع بنفس مستوى الأولوية غير أن التطورات التي يعرفها العالم و منطقة البحر المتوسط مؤخرا أثبتت محدودية الاعتماد الكلي على السياحة الاستقبالية المكثفة التي تتأثر بسرعة بالمتغيرات الاقتصادية و الأمنية ما يدعو إلى التفكير في تطوير السياحة الداخلية. في هذا السياق ترتكز أولوياتنا على المحاور التالية: 1 - دعم الاستثمار ومرافقة المستثمرين بهدف توفير هياكل الاستقبال الضرورية لامتصاص الطلب الداخلي و الخارجي و قد تم في هذا الإطار تفعيل اللجنة الوطنية لاعتماد المشاريع الفندقية و إمضاء اتفاقية إطار بين وزارة السياحة و الصناعة التقليدية و البنوك و المؤسسات المصرفية تسمح بمنح تسهيلات جديدة للمستثمرين و المتعاملين في قطاع السياحة خاصة في ما يتعلق بمدة سداد القروض) و مدة تأجيل الدفع ( تضاف إلى تخفيضات هامة على نسب الفوائد تصل إلى 4.5 %. إضافة إلى تسريع وتيرة إنجاز مخططات التهيئة الخاصة بمناطق التوسع السياحي بهدف توفير العقار السياحي للمستثمرين و منح العديد من التسهيلات الجبائية منها على سبيل المثال تخفيض نسبة القيمة المضافة على النشاطات الفندقية من 17 إلى 7 %. ولتحسين جاذبية المقصد من خلال تحسين نوعية منتوج التكوين. في هذا السياق و كما أسلفت فقد صادقت الحكومة في أكتوبر 2011 على خارطة التكوين الجديدة للقطاع و تم ترقية مؤسستي الفندقة بتيزي وزو وبوسعادة إلى معهدين وطنيين و الشروع في إجراءات إحداث معهدين جديدين بكل من أدرار وعين تيموشنت واستكمال آخر إجراءات انطلاق مشروع المدرسة الوطنية العليا للسياحة بمدينة تيبازة بقدرة 1200 مقعد بيداغوجي مع الانطلاق في مراجعة البرامج البيداغوجية للمدرسة الوطنية العليا للسياحة بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي و البحث العلمي وتقييم برامج التكوين بالتعاون مع المنظمة العالمية للسياحة. وتجري حاليا - في إطار اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوربي- عملية تشخيص للمنظومة التكوينية للقطاع برمتها لتكييفها مع التطورات العالمية في المجال. 3-تثمين المقصد السياحي من خلال إعداد و تنفيذ مخططات ترقوية و اتصالية احترافية واسعة النطاق متلائمة مع خصوصيات كل سوق مقصود مع تشجيع السياحة الداخلية من خلال الترويج و تحسيس المتعاملين لتقديم عروض تنافسية للمواطنين. و قد تم في هذا السياق الوصول إلى قرار تمنح بموجبه شركة الخطوط الجوية الجزائرية تخفيضات تصل إلى 50 % على سعر التذاكر نحو مناطق الجنوب الكبير لفائدة زبائن وكالات السياحة و الأسفار. سؤال : تعد الصناعة التقلدية داعمة للسياحة و عنصر أساسي في تحقيق التنمية المحلية كيف تقيمون تطور هذا القطاع منذ الاستقلال؟ جواب: يتضمن سؤالكم ثلاث جوانب رئيسية وهي العلاقة بين السياحة و الصناعة التقليدية دور الصناعة التقليدية في تحقيق التنمية المحلية و أخيرا تقييم تطور القطاع منذ الاستقلال و سوف نتولى الإجابة عنها الواحد تلو الآخر. أولا توجد تقاطعات كبيرة بين قطاع السياحة وقطاع الصناعة التقليدية الذي يعتبر من الدلائل الوثائقية للمقومات الثقافية والحضارية والتاريخية و لذلك تحرص الدول السياحية على توعية الحرفيين بالإنتاج المتميز و التنافسي لتعزيز استفادة الصناعة التقليدية من التطور الذي يعرفه قطاع السياحية الذي يمكنه أن يسهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية والتطوير لصناعات حرفية كثيرة ويخدم تسويق منتجاتها. إن إعادة ربط الصناعة التقليدية بالسياحة في إطار التعديل الحكومي لسنة 2010 هو إجراء يسعى إلى إدماج الصناعة التقليدية ضمن مشاريع تنمية السياحة. و ضمن المدارات السياحية بهدف توفير أفضل فرص التسويق للحرفيين التقليديين من جهة. و من جهة أخرى مساهمتها في رفع الناتج المحلي الخام وتوفير مناصب الشغل وتثبيت الساكنة وتقليص البطالة و الآفات الاجتماعية المختلفة والتي تصب كلها في تحسين ظروف معيشية المواطن ومحاربة الفقر. أما عن سؤالكم حول تقييمنا لتطور قطاع الصناعة التقليدية منذ الاستقلال و إلى غاية 2012 فيمكن أن نوجز ذلك في دورة من ثلاث مراحل رئيسية. الأولى و هي مرحلة الانتشار إلى غاية منتصف السبعينات من القرن العشرين حيث كان القطاع يستطيع تصديركميات معتبرة من الأنسجة و الزرابي إلى أهم الأسواق الأوروبية ( الألمانية خصوصا). ثم جاءت مرحلة التراجع نتيجة الأزمات الاقتصادية التي عرفتها الجزائر و التي كادت أن تعصف بالأسس التي يقوم عليها هذا القطاع لولا بقاء ثلة من الحرفيين يقاومون عوامل الزمن و تحديات السوق. و قد زادت وطأة التحديات التي واجهت القطاع حدة مع حل الشركة الوطنية للصناعة التقليدية حيث انقطعت بحلها قنوات التموين بالمواد الأولية و شبكات التوزيع. مع مطلع التسعينات حظي قطاع الصناعة التقليدية والحرف باهتمام السلطات العليا وزاد الاهتمام به و بذلك بدأت المرحلة الثالثة و التي تتمحورأساسا حول إعادة الاعتبار مما مكنه من تحقيق خطوات معتبرة في المساهمة في دعم الديناميكية الاقتصادية الوطنية و المحلية. تنقسم هذه المرحلة إلى مرحلتين : المرحلة الأولى 1992- 1995 وهي مرحلة إعادة البناء ونسج أواصر الثقة بين الإدارة العمومية ومجتمع الحرفيين. وقد عرفت هذه المرحلة انعقاد أولى الجلسات الوطنية للصناعة التقليدية سنة 1994. كما تميزت أيضا بوضع السلطات العمومية لأجهزة التأطير من خلال إنشاء غرف الحرف والغرفة الوطنية للحرف والوكالة الوطنية للصناعة التقليدية والتي كان دورها الرئيسي يتمحور حول جمع المعلومات عن الحرفيين والاقتراب منهم قصد التعرف عن أهم انشغالاتهم والعراقيل التي تواجههم. المرحلة الثانية 1996 2002 وهي مرحلة التنظيم وإرساء قواعد عمل القطاع من خلال إصدار الأمر 96-01 و مجموع النصوص التطبيقية المصاحبة. لقد عرفت هذه الفترة توسيع عدد هذه الغرف المؤطرة وتعديل صلاحياتها ومهامها. إن أهم تجديد كان في إسناد تسيير سجل الصناعة التقليدية والحرف لهذه الغرف باعتباره النواة الأساسية لبناء منظومة معلوماتية قطاعية. كما تميزت هذه المرحلة أيضا بجهود كبيرة لإعادة تعريف الأسواق الوطنية والدولية بالمنتجات التقليدية الجزائرية عبر تنظيم مئات المعارض والصالونات والأعياد المحليةوأسابيع الصناعة التقليدية الجزائرية. سؤال: تدعم قطاع الصناعة التقليدية بمخطط للتنمية المستدامة صادقت عليه الحكومة سنة 2003 كيف تقيمون حصيلة هذا المخطط؟ جواب: بالفعل شهد القطاع سنة 2003 ولأول مرة في تاريخه إعداد وتبني إستراتيجية وطنية لتنمية مستدامة للصناعة التقليدية و الحرف آفاق 2010 ما سمح له باحتلال المكانة و الدور اللازمين في حركية التنمية الاقتصادية. كما كانت هذه المكانة ثمرة جهود السلطات العمومية التي بذلت على صعيد العديد من المستويات. باختصار يمكن أن نذكر بأهم النتائج التي حققها مخطط 2003-2010 كما يلي: ففي مجال التشغيل و الإنتاج كان عدد المسجلين في جوان 2002 يقدر ب 63.500 نشاط مسجل و 133.500 منصب شغل بنسبة % 1,55من اليد العاملة الناشطة بعدما كانت تمثل 10% في 1966 . في نهاية 2010 وصل المشغلون في هذا القطاع إلى 390.000 أي ما يمثل %3,2 من اليد العاملة الناشطة كما وصل حجم الإنتاج القطاعي الخام إلى 140 مليار دينار. و في مجال التأطير الجواري عمدت السلطات العمومية و بصفة تدريجية ما بين 2004 و 2010 إلى استكمال التغطية لكامل ولايات الوطن بالانتقال من 21 غرفة جهوية للصناعة التقليدية و الحرف إلى 31 ثم إلى 48 فضاء وسيط . هادفة بذلك إلى تحقيق عمل جواري حقيقي من خلال المرافقة و التأهيل و التأطير للبرامج و الأفراد و المجموعات تنظيما و ترقية . كما تم العمل على توفير فضاءات للتأهيل و الترقية و التسويق بإحداث 81 هيكلا من دور للصناعة التقليدية مراكز لتثمين المهارات المحلية و دمغ الزرابي و المتاحف و هذا من خلال برامج التنمية المختلفة ما بين سنوات 2002 و 2009 بلغت تكلفتها الإجمالية أكثر من 5 ملايير دينار. في ذات السياق استفادت فئة الحرفيين من برنامج المحلات المهنية المنجزة في إطار برنامج فخامة رئيس الجمهورية حيث تم منح 26.997 محل لفائدة الحرفيين من مجموع 40.691 محل موزع و هذا ما يمثل 66.43 % من هذه الحصة. أما على مستوى تأهيل الموارد البشرية و تحسين أداء الحرفيين و المؤطرين فقد استفاد 11.000 ما بين منشطين و مسيرين و حرفيين ما بين سنوات 2003-2010. و هذا بدعم من كل من المكتب الدولي للعمل في مجال إحداث الأنشطة دون إغفال الجوانب التقنية في إطار برامج التعاون التقنية المختلفة. إلى جانب ذلك لا بد من التذكير أيضا بالإجراء القوي المتخذ لصالح الصناعة التقليدية والفنية والقاضي بإعفائها من الضريبة الجزافية الموحدة شريطة الالتزام بالتكوين للشباب واستيفاء حقوق مؤسسات الضمان الاجتماعي. و ستعمل الدولة على تدعيم هذه الإنجازات و تعميقها من خلال المخطط المكمل الذي ينتظر أن تصادق عليه الحكومة قريبا. سؤال : ما هي أهم المحاور التي تقوم عليها الإستراتيجية العشرية 2010-2020 ؟ جواب: ان تحديات و رهانات العشرية المقبلة تضع قطاع الصناعة التقليدية في صدارة القطاعات الاقتصادية الناشئة لاسيما في مجال استحداث مناصب الشغل و القيمة المضافة فاستحداث مناصب الشغل بمثابة تلبية ملموسة لاحتياجات الشباب المقبلين على سوق العمل و الذين سيرتفع عددهم سنويا أما تعزيز الإنتاج الوطني من خلال إنشاء القيمة المضافة فهو مساهمة في جهد الاستغناء عن الواردات و كبديل تنموي خارج المحروقات. لتحقيق هذا المسعى يتضمن المخطط 2010-2020 مجموعة من الإصلاحات و التدابيرالتي نعتقد أنها سوف تمكن القطاع من الحفاظ على دينامكية نموه و الرفع من وتيرتها. وفي هذا الشأن سيتم الانطلاق في تقييم المنظومة التشريعية الحالية وتكييفها خصوصا في مجال إعادة تعريف الحرفي والتعاونيات والمقاولات الحرفية في اتجاه تيسير استخدام الآلات من جهة واستخدام اليد العاملة من جهة ثانية واكتساب صفة المؤسسة المصغرة من جهة ثالثة إلى ذلك سيتم إعادة النظر في واجبات الحرفيين والمزايا الممنوحة لهم. ويتمكن هذا التكييف على التنظيمات القائمة حيث سيتوجب إعادة النظر في الكثير من الملفات ( بطاقة الحرفي المدونة ...) كما سيتم إدراج تنظيمات جديدة على غرار الشارات المهنية. كما يركز المخطط على الترويج و التسويق من خلال برمجة العديد من الصالونات والمعارض الوطنية و الاهتمام بالمعارض الدولية و استهداف الأسواق الواعدة وإشراك الطاقات الحرفية القادرة على تلبية الطلب الخارجي. و يتضمن إجراءات تخفيف شروط التسجيل في سجل الصناعة التقليدية والحرف وتبسيط ملف الشطب وإعادة النظر في تحسين مدونتي العمل البيتي والعمل غير القار بهدف تعزيز القدرة على إنشاء الأنشطة. على صعيد آخر سيواصل القطاع ضمن هذا المخطط مجهود التكوين و التأهيل في الحرف من خلال التكوين المهني و عن طريق التمهين لدى الحرفيين المعلمين و ضمان التكوين المستمر للحرفيين و الحرفيين المعلمين سواء في أساليب التقنية للحرفة أو في مجالات التسيير و التسويق بهدف تحسين النوعية و ديمومة ممارسة الأنشطة. ان تنفيذ مخطط العمل آفاق 2020 يتطلب العمل على العديد من الجبهات التشريعية والتنظيمية والتحفيزية وإنشاء الهياكل وتأهيل الحرفيين وتكوين الكوادر البشرية وتوفير التمويل المناسب والمتوائم مع احتياجات القطاع. كل ذلك يتطلب مشاركة واسعة للحرفيين و لممثليهم في إطار تطبيق مبادئ التشاركية و التعاون بين الإدارة و الحرفيين المنتخبين في إطار غرف الصناعة التقليدية و الحرف أو جمعيات الحرفيين.