تجاوب الجمهور الذي حضر ليلة الاثنين إلى المسرح الجهوي لقسنطينة ضمن السهرة السادسة للمهرجان الدولي للإنشاد مع العرض الرائع الذي قدمته فرقة الدراويش "المولويين" جاءت من تركيا. و لم يفوت الحضور أي لقطة من الباليه الأخاذ الذي قدمه درويشان ارتديا ثوبين باللون الأبيض و على رأسيهما طربوشين طويلين باللون البني و يرافقهما أربعة موسيقيين. و قد استهل الفنانون وصلتهم الغنائية بافتراش الركح للتضرع و الابتهال إلى الله على إيقاع الناي ثم الشروع في الغناء بهدوء. و قد صاحب عزف على آلتي القانون و الناي أداء كل من "جونقو" و "محموت" لأشعار في الثناء على الله و رسوله في حين حيا الدرويشان "برهان" و "إبراهيم" الجمهور و شرعا في الرقص. ويعتمد رقص هذين الدرويشين على الدوران في شكل حلقة و أيديهما ممدودة إلى السماء ثم يتسارع الغناء و تصبح الحركات أوسع و أسرع إلى أن يبلغوا النشوة تدريجيا و كأنهم يسعون للتقرب من الحضور الذي كان في حالة تنبه تام. و تمزج هذه الفرقة بين الغناء و الرقص و الموسيقى حيث بدا الدراويش من خلال حركاتهم أنهم دخلوا في حالة من التأمل العميق و الاسترخاء النفسي. و بعد ساعة من العرض بدأ إيقاع الغناء في الانخفاض لينتهي الحفل بكل هدوء عندما تلا محمود وهو أحد فناني الفرقة آيات من القرآن الكريم لكن الفرقة عاودت الرجوع إلى الركح عدة مرات تلبية لالحاح الجمهور الذي انفعل كثيرا مع هذا الحفل الساحر. و قد تأسست فرقة الدراويش التي تتألف من موسيقيين من تركيا و من قبرص منذ ست سنوات .و هي تسعى إلى إعادة إحياء الجانب الصوفي الذي بدأه جلال الدين رومي و منصور حلاج و هما اسمان أثرا بعمق في جمعية لخوان الصوفية. و بالنسبة للمدير الفني للفرقة أشرف الغدغادي و هو من أصل مغربي فإن العرض المقدم "لم يكن في الواقع سوى مدخل موجز للصوفية". و اعتبر أن السهرة كانت "ناجحة بكل المقاييس" موضحا أن هذه الرقصة تندرج ضمن "الفلسفة الصوفية" و "هو تيار يقوم على التسامح و المعرفة و الشعر و التفاني التام في عبادة الله". وأكد أعضاء فرقة الدراويش من خلال ترجمة مديرهم الفني أن الجمهور "فاجأهم كثيرا" و أكد جونقو أنه كان قلقا و خائفا قبل بداية العرض من ردة فعل الجمهور ولكنه أثناء الحفل "كان جد مرتاح". و من جهتهم اعتبر بعض المتفرجين الذين اقتربت منهم وأج أن ما قدمه الدراويش "المولويين" الأتراك في هذه الليلة سيكون "واحدا من أقوى اللحظات" للمهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة.