أسَرَت فرقة دراويش قونيا التركية قلوب الحاضرين سهرة أول أمس بقصر الثقافة إمامة بعاصمة الزيانيين خلال السهرة الخامسة من عمر المهرجان الدولي الأول للسماع الصوفي، بعرضها المتألق الذي يعكس بحق عمق الاتصال الروحاني للإنسان بالله، وعبر حركات دورانية لعنصرين من الفرقة ورفع يديهما في ان واحد حكاية جميلة تختصر مناجاة الله جاعلين من لباسهما الأبيض رمزا لقطيعتهما مع الحياة على اعتباره الكفن الذين سوف يلبسه كل مسلم، والطربوش الطويل البني اللون يشير إلى مآل كل ابن أدم في الدنيا هو الموت. شكل العرض التركي في هذه السهرة فرصة ليتعرف الجمهور التلمساني على طقوس السماع الصوفي وبالتحديد بمنطقة قونيا، وصاحبت تلك الحركات ،التي استهلت بها الفرقة وصلتها، أنشودة “اللهم صلي على سيدنا محمد” وتخلله صوت الأذان، لتتابع الفرقة بأداء مجموعة من الأناشيد الدينية باللغتين العربية والتركية، وحتى لا تفسد نشوة مناجاة الخالق، طالب منشط الحفل من الجمهور عدم التصفيق أثناء أداء الراقصين لحركاتهم الدورانية. وتتميز فرقة دراويش قونيا القادمة من مدينة قونيا التركية التي أسسها المتصوف الأكبر جلال الدين الرومي في القرن ال13 م، بالرقص الدائري لمدة ساعات طويلة، حيث يور الراقصون حول مركز الدائرة ويندمجون في مشاعر روحية سامية ترقى بنفوسهم الى مرتبة الصفاء الروحي للتخلص من المشاعر الدنيوية على أنغام الناي الذي يشبه صوته بأنين الإنسان للحنين الى الرجوع الى أصله السماوي في عالم الأزل. وشارك في احياء السهرة ما قبل الأخيرة للمهرجان فرقة مصعب الصالحي من العراق، وهي فرقة تكونت سنة 1992 وهي من بين الفرق ذائعة الصيت في بلاد الرافدينوتعمل على المحافظة على هذا الارث التراثي الغني والمتعدد، كما اشتهرت باقامة الموالد النبوية الشريفة ولها العديد من المشاركات الدولية، وقدمت بتلمسان مجموعة من أغانيها الدينية على غرار “يا نبي الهدى”، “أكحل العينين” و«الشيخ عبد القادر”. وكانت فرقة التراث للانشاد والطرب الملتزم القادم من ولاية سطيف، قد استهلت الحفل وأدت مجموعة من الأناشيد التراثية والحديثة، فأدت “غيواني يا غيواني الصلاة على محمد طه العدنان”، “يا أجمل الأنبياء”، “قلبي شوق للمختار”، “حليمة” وغيرها، وهذا بقيادة الأستاذ نحاوة وتضم في صفوفها شباب متعطش لهذا الفن الصوفي الأصيل في ثوب ملتزم والكلمة الطيبة واللحن الشجي”. أما سهرة الخميس أحيت كل من فرقة الاجيال الصاعدة من غرداية و فرقة العلا العمانية وفرقة السلام المغربية للإنشاد الصوفي.السهرة الرابعة من المهرجان الدولي للسماع الصوفي. كانت البداية ميزابية تغنى ضمنها منشدو فرقة الاجيال الصاعدة من غرداية بمكارم رسول البشرية محمد صلى الله عليه و سلم فأنشدت “ يا لائمي في الهوى العذري”، “زاد النبي “، و« يا حجرة آوت محمدا “، و “يا مالك الملك”، وغيرها. من جهتها فرقة العلا العمانية أمتعت الجمهور التلمساني بأجمل و ارقي قصائد المديح النبوي الخاصة بالتراث العُماني، واستهلوا وصلتهم بأنشودة “ الليلة ليلة في الجزائر “، لتتبعها بعدد من القصائد الدينية في مدح المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام على غرار “بدأنا بسم الله “و”يا من يرى و لا يرى”. وتمكنت فرقة السلام المغربية ان تبلغ برسالة سلام واضحة لكل العرب وأدت مجموعة من أناشيدها الملتزمة التي تغنت بحب الرسول صلى عليه وسلم، وكان لقائد الفرقة محمد الكامل حديث مع الصحفيين على هامش نهاية السهرة، إذ أكد ان مشاركة فرقته في تظاهرة بحجم تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية بمثابة المشاركة في مدرسة عريقة من مدارس الثقافة ، خاصة بعد الورشات التي جمعت مختلف الفرق المشاركة بها بعضها ببعض على هامش المهرجان الدولي للسماع الصوفي. يذكر أن سهرة الأربعاء نشطها كل من فرقة نجوم صارة التي قدمت من ولاية بشار، وفرقة الشيخ محمود عزيز من دولة تونس.