استطاع الشيخ يونس.ب الذي تجاوز ال72 ربيعا رفع تحدي تعلم القراءة والكتابة ونجاحه في ذلك راجع لإرادته القوية التي لا تلين. فقبل 50 سنة خلت وفي وقت خرجت فيه البلاد من براثين الاستعمار الغاشم الذي حرم الجزائريين من نور التعليم كان عمر الشيخ يونس لا يتجاوز 22 سنة ولم يكن يتوقع في يوم من الأيام أن "يخرج من نفق الأمية". وفي فصول محو الأمية التي التحق بها منذ عدة سنوات لم يسلم يونس من ملاحظات "ساخرة" لأصدقائه وابتسامات أحفاده التي تخفي في طياتها "سخرية لكن ذلك لم يزده سوى عزما على كسب الرهان ورفع التحدي ليصبح اليوم يتصفح بارتياح الجريدة و وقراءة كل صفحاتها بتركيز بل نجح في قراءة وفهم "إرشادات ودواعي استعمال الأدوية" التي يتناولها. وقد تعلم يونس.ب القراءة والكتابة الى جانب الكثير من أقرانه وأبناء جيله بفضل فرع سوق أهراس للديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار. ولم يخف مدير الملحقة المحلية لهذا الديوان السيد خميسي زغداني " فخره" بما تحصل عليه يونس مشيرا الى أن سوق أهراس لا تختلف عن بقية ولايات الوطن الأخرى في واقع الأمية. وأضاف أن الموقع الحدودي للولاية ومنطقتها الجبلية ذات التضاريس الوعرة ساهمت في تكريس ظاهرة الأمية التي تجاوزت مع فجر الاستقلال 98 بالمائة لتعرف انفراجا مع سبعينيات القرن الماضي لتصل إلى 56 بالمائة وذلك بفضل مجهودات نشاط محو الأمية "الوظيفي" وقتها لتبلغ الرتبة 27 العام 2003 . وحسب الإحصاء العام للسكن والسكان لعام 2008 احتلت سوق أهراس المرتبة 18 وطنيا وهي الرتبة التي تبعث —حسب السيد خميسي زغداني— مدير هذه الملحقة على التفاؤل لامتصاص تدريجي لهذه الآفة الخطيرة . و أوضح بأن الملحقة وبعد 50 سنة من الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية تأمل في أن تحتل هذه الولاية إحدى المراتب العشرة الأولى وطنيا خاصة مع تنامي جهود الشركاء الاجتماعيين على غرار مديريتي النشاط الاجتماعي والشؤون الدينية والأوقاف وبرنامج الشراكة الجزائرية-البلجيكية. وتم منذ إنشاء الملحقة عام 2003 إلى يومنا تسجيل تحرر أزيد من 9000 دارس ودارسة من أميتهم عبر الولاية يمثل فيها العنصر النسوي 97 بالمائة حيث تمكنت الملحقة من الوصول إلى مناطق ليس من السهل بلوغها وإنشاء فصول لمحو الأمية بها فضلا عن التوسع عبر 76 مسجدا وإنشاء أقسام داخل المنازل بالتجمعات السكانية الحدودية ببلديتي كل من لخضارة وأولاد مومن ولحدادة وسيدي فرج. ويتميز إقبال المرأة على فصول محو الأمية بولاية سوق أهراس باحتلالها مرتبة "جد متقدمة" على الرجل حتى في التجمعات السكانية المحافظة بل حتى في المناطق الريفية المعزولة والنائية بنسبة تجاوزت في أغلب الأحيان 97 بالمائة مقارنة بالرجال. وأشار مدير الملحقة كذلك إلى أن الشرائح العمرية (من 20 إلى 45 سنة) التي تقطن بالأرياف لم تتلق أي تعليم وأن فئة 45 إلى 65 سنة تربط رغبتها في التعلم بالجانب الديني الذي تراه الأنسب لأداء أركان الحج والصلاة فيما تربط فئة 16 إلى 35 سنة رغبتها في محو الأمية بتعلم حرف الخياطة وصنع الحلويات والطبخ بمؤسسات التكوين المهني. وإذا كانت أمية كبار السن سببها الحقبة الاستعمارية التي حرم فيها الجزائريون من نور التعليم فان الأمية المنتشرة في أوساط الشباب ترجع إلى أساسا إلى تسعينيات القرن الماضي التي حرم فيه الكثير من أطفال المداشر والأرياف من حقهم التعليمي سيما وأن كثير من الأولياء كانوا وقتها يخافون على فلذات أكبادهم من قطع مسافات للوصول للمدارس والمتوسطات . ومما لا شك فيه فإن عراقيل كثيرة أثرت على السير الحسن لعملية محو الأمية خاصة عزوف الكثير من الرجال عن تلقي هذه الدروس لا سيما الكبار منهم الذين لا تجد على ألسنتهم سوى عبارة "بعد ما شاب علقوا له الكتاب أو أخذوه إلى الكتاب بمعنى المدرسة" . وهذا ما يؤكده الشيخ يونس الذي يقول أنه عندما يتصفح جريدة ينظر إليه الكثير من الأصدقاء نظرة تعجب لكن بالنسبة إليه كما يقول " الأهم أنني كسبت رهان محو أميتي".