تزخر ولاية تلمسان بثروة غابية هامة تغطي حوالي 217 ألف هكتار أي ما يعادل 24 بالمائة من المساحة الكلية للولاية مما جعلها محل إهتمام وتثمين من قبل المهتمين بالبيئة والغطاء النباتي . يذكرأن غابات تلمسان التي تكتنز موارد طبيعية هائلة يمكن استغلالها في شتى الميادين الانمائية قد تم قبولها لتكون منذ سنة 2010 عضوة في الشبكة الدولية "للغابة النموذجية" التي تضم 53 بلدا عبر العالم. ويمكن هذا الإختيار الذي ترشحت له ثلاث ولايات أخرى من الوطن (الطارف وبجاية وخنشلة) من إستفادة المنطقة من برامج متنوعة تعمل على حماية وترقية التراث الغابي وإستثمار الطاقات البشرية والطبيعية المجاورة بالغابة في الأنشطة التي تتماشى مع المحيط وتحترم مقاييس حماية البيئة وتساهم بالتالي في التنمية المستدامة. كما أهلت هذه الثروات الطبيعية عاصمة الزيانيين لإحتضان اعتبارا من يوم غد الاحد إلى غاية 21 مارس الجاري الطبعة الثالثة للأسبوع المتوسطي للغابات الذي تشرف على تنظيمه وزارة الفلاحة والتنمية الريفية بالتنسيق مع منظمة التغذية العالمية (فاو) وعدد من الشركاء الدوليين وهذا تحت عنوان "الغابات المتوسطية في خدمة التنمية المستدامة للدول:أية استراتيجية ينبغي اعتمادها من أجل التكيف مع التغيرات العامة " . وسيكون هذا اللقاء فرصة لتقييم واقع الغابات في حوض البحر الأبيض المتوسط وتعزيز التبادلات وتنسيق جهود الفاعلين المعنيين بالتسيير المدمج للمساحات الغابية في بلدان هذه المنطقة. يذكر أنه قد سبق تنظيم هذا الأسبوع المتوسطي للغابات بمدينتي أنتاليا (تركيا) وأفينيون (فرنسا) سنتي 2010 و2011 على التوالي. وتضم غابات الولاية عدة أصناف من الأشجار منها على الخصوص الصنوبر الحلبي والسنديان الفليني والسنديان الأخضر والعرعار والبلوط الفليني. ويغطي هذا الصنف الأخير عدة مساحات بغابات "أحفير" منها "تزاريفت " (625 هكتار) و"عين مرجان" على مساحة 305 هكتار حيث تنتج من أجود الفلين الشيء الذي جعلها تستفيد في السنوات الأخيرة من دراسات معمقة لتهيئة وإعادة تأهيل غابات البلوط وتنميتها وحمايتها من الإستغلال المفرط حسب محافظة الغابات. كما تتوفر الجهة على مؤهلات أخرى منها الحظيرة الوطنية لتلمسان التي تتربع على مساحة 8225 هكتار وتشمل سبع بلديات كتلمسان ومنصورة وعين فزة وتتميز باحتوائها على عدد هام من المعالم ذات القيمة التاريخية ومواقع طبيعية جذابة مثل شلالات "الوريط" ومغارات "بني عاد" ببلدية عين فزة ومناطق رطبة مثل "غار بومعزة" و"ضاية الفرد" التي صنفت ضمن اتفاقية "رمسار" وتستقبل في كل موسم عددا هاما من الطيور المهاجرة منها النادرة أو المهددة بالانقراض ناهيك عن مناظر خلابة عبر الغابات والجبال والسهول المختلفة. وتضم هذه الحظيرة "محمية موتاس" للصيد البري (2000 هكتار) بأعالي جبال "أحفير" وتعد فضاء لتكثيف الغطاء النباتي والتعميرالحيواني بفضل برامج التشجير والعناية الخاصة التي توليها لها مديرية الحظيرة الوطنية حسب السيد حسين بلمقران مسؤول مصلحة حماية النباتات والحيوان بالحظيرة. وتسعى هذه المحمية التي أنشئت في 1983 إلى ترقية الطيورالبرية والقنصية والعمل على إقحام بعض الأصناف الحيوانية المهددة بالصيد العشوائي أو التغير البيئي والقابلة على التكيف بمحيطها فضلا عن ضمان التوازن الإيكولوجي وخلق فضاءات علمية لإجراء التجارب المتخصصة وإنشاء مراصد لمراقبة وجرد مختلف الحيوانات البرية التي تعمر المنطقة أوالمهاجرة. وقد تحولت المحمية التي استفادت من أشغال لتهيئة منفذها وإحاطتها بسياج وتدعيمها بمرافق للمراقبة والمتابعة الصحية البيطرية وفتح نقاط الماء وتوزيع الكلأ إلى منتجعا مثاليا للحيوانات البرية والقنصية ذات الأشكال المختلفة مثل الغزال ذو القرون المتشعبة أو "الأيل" و "الأروى" أو تيس الجبال وشتى أنواع الطيور البرية كالحجل والملاح و"التدرج" الأوروبي إلى جانب بعض الحيوانات الصغيرة مثل والقنفد والضربان والأرنب البني والثعلب والسنجاب. ومن جهة ثانية تدعمت المنطقة منذ سنة 1993 بمركز تربية الطيور البرية على مستوى جبل "تزاريفت" الذي ينتج سنويا حوالي 30 ألف طير من مختلف الأصناف حيث يساهم في تزويد محميات تسع ولايات من غرب البلاد بطيور القنص عن طريق إطلاق دوريا لأسراب هامة من الطيور حسب ذات المصدر. ولحماية هذه الثروة الغابية حظيت غابة الغزوات الواقعة بجبال "ترارة" باختيارها لتكون تحت المراقبة المستمرة للقمر الصناعي الجزائري "ألسات 1" في إطار مكافحة الحرائق منذ صائفة 2009. وقد شكلت هذه العملية التي تعتبر الأولى من نوعها على المستوى الوطني تجربة نموذجية تقررت بمقتضى الإتفاقية المبرمة بين المديرية العامة للغابات والوكالة الفضائية الجزائرية من أجل تسخير كل التجهيزات العصرية والمعطيات المعلوماتية في عملية مكافحة الحرائق وحماية الغابات. وفي الجانب العلمي تتوفر الولاية على معهد مختص بالعلوم الغابية ومخابربجامعة "أبي بكر بلقايد" تهتم بالبيئة وحماية المحيط فضلا عن عدة جمعيات ذات الصلة.