لم تكن القصبة قد أنجبت آنذاك شاعرا أو كاتب كلمات بحجم أولئك الذين كانت تفتخر بهم مدينة تلمسان و الذين قدموا الكثير للأغنية الشعبية على حد قول الراحل مصطفى تومي كاتب كلمات الأغنية الشهيرة "سبحان الله يا لطيف" التي أبدع في أدائها عميد الأغنية الشعبية دون منازع الحاج محمد العنقى. كان الفقيد قد أكد في أحد حواراته الصحفية أنه شعر بضرورة "تأليف قصيدة تميز فترتنا (نهاية الستينيات و السبعينيات) و من هذا المنطلق كتبت قصيدة +سبحان الله يا لطيف+ و بإلحاح من العنقى طيلة سنوات". كانت اهتمامات مصطفى تومي ثرية و متعددة حسب شهادة ابنته إيمان التي أكدت يوم الأربعاء في تصريح لوأج أن والدها "كان يرسم لوحات و يحتفظ بها في البيت و لم يفكر يوما في بيعها كما لم يسبق له أن عرضها". و أشارت أيضا إلى أن والدها كان يحضر لإصدار كتاب حول تاريخ و أصل اللغة الأمازيغية قبل أن تأخذه المنية في ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء عن عمر يناهز 76 سنة. كان الراحل مصطفى تومي المولود بالقصبة التي ألهمت كبار الفنانين الجزائريين متعدد المواهب حيث انفرد بميزات خاصة به في النضال و الصحافة و الشعر و الفن التشكيلي و الموسيقى و السياسة كما كان عليه مطربه المفضل محمد العنقى الذي كان يتميز بنبرات صوتية فريدة مكنته من الانتقال بسلاسة بين مختلف طبوع الأغنية الشعبية (الغريب و السيحلي و جهاركاه و عراق...). تميزت قصيدة +سبحان الله يا لطيف+ بثراء معانيها و هي التي قال فيها الراحل "الصيد يموت ياك صيد * و لو كي يشرف * منه الذياب خايفة" حيث اشتهرت بسرعة تاركة وراءها مؤلفات بن مسايب و بن سهلة و بن تريكي و سيدي لخضر بن خلوف. موضوع القصيدة ليس بالبساطة التي تبدو لأنها تبرز "السخط السياسي و التحول الاجتماعي المفاجئ و انقلاب سلم القيم و هي التي حفزتني على تأليف +سبحان الله يا لطيف+" حسبما أكده الراحل الذي كتب أيضا لمحمد العماري و وردة الجزائرية و مريم ماكيبا كما كانت له العديد من المشاركات في جريدة "ألجي ريبوبليكان". كما كانت للفقيد مشاركته السياسية الخاصة حيث أنشأ سنة 1989 حزبا سياسيا و هو في سن الثالثة و الخمسين غير أن الحزب لم يحقق الهدف المنشود. حاول مصطفى تومي المناضل الغيور على وطنه توضيح مواقفه السياسية من خلال حصص التلفزيون و الراديو التي عمل بها في الوقت الذي كان فيه البلد يتجه نحو أكثر عشرية مأساوية منذ الاستقلال. و بعد تقاعده كرس الفنان الفقيد جل وقته للكتابة و كان يعتزم إصدار مؤلف يروي خبرته الثرية في مجالات متعددة كالثقافة و السياسة.