انطلقت أشغال المؤتمر الدولي للمانحين المخصص لدولة مالي اليوم الأربعاء ببروكسل تحت شعار "معا من أجل تنمية مالي" بهدف جمع حوالي 2 مليار يورو لمساعدة البلاد على الخروج من أزمتها المستمرة منذ اكثر من عام. ويمثل وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في هذا المؤتمر رفيع المستوى المخصص للتنمية في مالي. ويدرس المؤتمر مخطط الانعاش المستديم (2013-2014) الذي اعدته الحكومة المالية وسبل دعمه في مختلف محاوره المتعلقة بالنمو و انشاء مناصب الشغل والحكم الراشد و التعاون الاقليمي كما سيبحث المسائل الاقتصادية لمالي "تشاطر تماما التصور الجزائري المتعلق بعدم قابلية الفصل بين الامن و التنمية". ويشارك في المؤتمر الذي يرأسه كل من الرئيس المالي المؤقت ديونكوندا تراوري ورئيس المفوضية الأوروبية والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات ومسؤولين من الإتحاد الأوروبي وممثلين عن دول أخرى تهتم بالشأن المالي. ويعكف المشاركون في أشغال المؤتمر على حشد جهود الأسرة الدولية لتنمية مالي بإشراك كافة مكونات المجتمع الدولي والمالي بغرض وضع خطة استراتيجية وفقا للاحتياجات المحلية الخاصة بهذه الدولة. ويسعون إلى إيجاد الأموال الكفيلة بإصلاح الأضرار التي شهدتها مالي على الصعيد الإقتصادي فضلا عن مواكبة عملية إرساء الاستقرار في هذا البلد على الصعيدين السياسي والتنموي. وفي هذا الصدد تصر الجزائر على مواصلة دعم جهود مالي من أجل استرجاع وحدته الترابية ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والبحث عن تسوية سلمية من خلال حوار شامل بين الماليين. - رئيس مالي يدعو المانحين إلى تأمين حوالي مليارين يورو لاعمار بلاده- وقصد تجاوز أزمتها تعول مالي على هذا المؤتمر لتحصيل 2 مليار أورو من الجهات المانحة (دول ومؤسسات دولية) أي ما يعادل أقل قليلا من نصف احتياجاتها لتمويل خطة انتعاشها لتجاوز حالة عدم الاستقرار التي هيمنت على البلاد لأكثر من تسعة أشهر بعد انقلاب مارس 2012 الذي قلص بقوة حجم المساعدات الموجهة لها. وتتضمن خطة انتعاش هذا البلد 12 أولوية رئيسية بالنسبة للفترة (2013-2014) تجسد رغبة الماليين في إعادة البلاد وبسرعة إلى المسار الصحيح تحقيقا للاستقرار والازدهار واستعادة للسلم والأمن وإنعاشا للاقتصاد واستجابة للاحتياجات الانسانية العاجلة وتقليصا من الآثار المباشرة للأزمة في أفق إجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية جويلية 2013. وقد دعا الرئيس المالي الدول المانحة لتوفير ملياري أورو دعما لبلاده في الوقت الذي أعلن فيه رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أن الاتحاد الأوروبي سيلتزم خلال مؤتمر المانحين لمالي بتقديم 520 مليون دولار خلال الفترة بين عامي 2013 و2014. وكان الاتحاد الأوروبي قد عاد مؤخرا وقدم معونات تنموية قيمتها 250 مليون يورو (334 مليون دولار) لمالي وصرف دفعة أولى قدرها 20 مليون يورو كان قد جمدها عقب الانقلاب الذي شهدته البلاد في شهر مارس 2012 واستأنف تعاونه مه الدولة الافريقية بعد أن لاحظ مؤشرات على تحقيق تقدم ديمقراطي. وفي ذات السياق وحسب مصادر دبلوماسية فإن الرئيس الفرنسي سيعلن خلال المؤتمر عن تقديم بلاده 280 مليون يورو لدعم مالي خلال العامين المقبلين. ومن جهتها تعهدت بلجيكا بتقديم مساعدة بقيمة 31,5 مليون يورو لمالي خلال العامين 2013 و 2014. وأشار وزير التعاون البلجيكي يان باسكال لابيل أنه سيتم تخصيص 17,3 مليون يورو في عام 2013 و 14,2 مليون يورو خلال عام 2014. وكانت الجزائر قد منحت خلال مشاركتها في ندوة المانحين حول مالي المنظمة من قبل الاتحاد الافريقي في 29 يناير الماضي مساعدة على الصعيد الثلاثي المالي والعسكري والإنساني لمالي موجهة أساسا "للتنمية و تعزيز قدرات قوات الدفاع و الأمن المالي". وأضيفت مساعدة الجزائر إلى حصتها كأحد كبار المساهمين الخمس في ميزانية الاتحاد الافريقي من خلال غلاف مالي قيمته 50 مليون دولار خصص لمالي في28 يناير من قبل ندوة رؤساء الدول والحكومات الأعضاء في هذه المنظمة القارية. -العملية الانتقالية السياسية في مالي قد تحفز الدول المانحة على توفيرالدعم- ويرى الخبراء بأن سير العملية السياسية في مالي وفق ما تم الاتفاق عليه عقب انقلاب مارس 2012 والتزام الرئيس تراوري باجراء الانتخابات في موعدها المحدد قد يحفز الدول المانحة على إعادة النظر في القضية وتوفير دعم أكبر لهذا البلد من أجل مرافقته في مساره الديمقراطي. فقد أعلن تراوري عن إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 28 جويلية المقبل مؤكدا بأنه لن يترشح فيها قائلا "لن أكون مرشحا للانتخابات الرئاسية ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة لن يكونوا مرشحين أيضا لأن هاجسنا هو أنه لا يمكننا أن نكون قضاة وأطرافا ونريد أن نعطي الفرصة كاملة للشعب المالي لكي تكون لديه انتخابات شفافة ومنفتحة ونزيهة وذات مصداقية". وجدد تراوري التزامه ببذل قصارى جهده لإنجاح الاقتراع الرئاسي الذي تطالب به المجموعة الدولية لتحقيق ديمقراطية حقيقية في مالي ولمكافحة الإرهاب فيها. وفي انتظار ما سيفضي اليه المؤتمر تبقى الآمال معلقة على الدول المانحة لمساعدة مالي على الخروج من الازمة المستمرة منذ أزيد من عام.