يبدو أن عملية بيع الماشية تحسبا لعيد الأضحى تتم هذه السنة بطريقة أقل فوضوية على مستوى العاصمة لكنها غالبا ما تتم دون ترخيص أو رقابة من قبل السلطات المحلية. و على خلاف السنوات الماضية لاحظ العديد من سكان العاصمة الذين ألفوا البيع الفوضوي للأضاحي و الانتشار العشوائي للباعة أن هذه السنة شهدت تراجعا لهذه الظاهرة عشية عيد الأضحى. و قالت ربة عائلة أعربت عن ارتياحها للاختفاء شبه التام لمثل هذه السلوكات التي و إن كانت "عابرة" إلا أنها تتسبب في الكثير من "الإزعاج" أنه "جرت العادة أن تعج أحياء العاصمة بباعة الماشية و قطعانهم المنتشرة هنا و هناك مما كان يؤثر سلبا على نظافة العاصمة". إلا أن سكان أحياء أخرى على غرار الحراش و باب الزوار و عين البنيان و القبة لم يلاحظو أي تغيير هذه السنة إذ عمت "الفوضى" التي عهدوها خلال السنوات الماضية بسبب بائعي الأضاحي. لكن "المقلق" في الأمر حسب بعض المواطنين هو كون هذا النشاط يتم "دون أي ترخيص" أو "رقابة" مما يفسر في نظرهم غلاء الأسعار. و تحرى بائع عجوز للأضاحي و قد توسط قطيعه الذي يضم حوالي عشرين ماشية الزبائن المحتملين الذين يسعون لتحقيق "صفقة مربحة" تسمح لهم بشراء أضحية العيد لكن دون الافراط في المصاريف. و اختار العجوز في الستينات من العمر الذي يبدو أنه من المناطق الداخلية للوطن قطعة أرض متواجدة بنواحي منحدر المرأة المتوحشة (الينابيع) لعرض كباشه حتى يتسنى لسائقي السيارات رؤيته. و لدى سؤاله عن نشاطه امتنع كليا عن التعاون. و اختلف الأمر بالنسبة لبائع شاب أحضر قطيعه على مستوى أحد شوارع حي المدنية و الذي بدى أكثر تعاونا و ثرثرة. و قال محمد.ب بائع خضر و فواكه بسوق متواجدة بنفس الحي "أنا أبيع الكباش منذ خمس سنوات لأحسن من مدخولي الشهري لأن غلاء المعيشة يفرض علينا اغتنام الفرص لتحسين أوضاعنا". و لمزاولة نشاطه يقوم بكراء مستودع لأحد الخواص مقابل 50.000 دينار لفترة 15 يوم و يعترف بأن هذا النشاط الموسمي لا يخضع لأية رقابة. و صرح قائلا "أنا متواجد هنا منذ أسبوع و لم يمر أحد للتأكد من أي شيء كان. يقوم الجميع بالبيع حيث يحلوا لهم و بالطريقة التي يريدونها" لكنه اعترف بأن هذا "التسيب" يخدم مصالحه. و يقف إلى جانبه عبد القادر أحد الممونين بالكباش من مسعد بالجلفة (300 كلم من الجزائر العاصمة) احدى الولايات الشهيرة بكباشها و جودة لحومها الحمراء. و تتراوح الأسعار المقترحة ما بين 34.000 دينار و 60.000 دينار حسب الأضحية. و عندما يفاوض زبون محتمل على السعر في محاولة للاستفادة من تخفيض يضم المربي صوته للبائع لتبرير السعر سيما بكلفة النقل و "المخاطر" التي يمكن أن تحدث أحيانا أثناء السفر. و قال مالك الماشية "ربحنا لا يتعدى في بعض الأحيان 1000 أو 1500 دينار. في أحسن الحالات نحقق 10.000 دينار من الأرباح. و إذا بقي لدي كباش بعد مرور العيد فاني اضطر لبيعها بنصف سعرها". و منذ أسبوع تمكن من بيع حوالي عشرة كباش و خرفان و يأمل في بيع العشرين المتبقية. لا جدوى من البحث عن معرفة قيمة الربح المحقق من الصفقة الذي يعد من "التابوهات". من بطال إلى بائع كباش بديار المحصول الحي الشعبي الشهير بالمدنية تحول مدخل بناية إلى مرعى شاسع يعج بالكباش و الأطفال الذين يسعدون بالاقتراب منهم و ملاعبتهم. و يبدو أن الأضاحي باتت مفخرة بالنسبة لبعض العائلات التي تلجأ لاستعرضها بل و تزيينها باستعمال الصبغات و الحناء. و انتقل شقيقان بصحبة جاريهما إلى غاية المسيلة من أجل اشتراء أضاحي العيد بغرض إعادة بيعها في حيهم. و حسب "قائد المجموعة" مراد بطال في الثلاثين من العمر فان هذا العمل يسمح له بكسب بعض المال و يجعله في منأى من "اغراء السرقة". و على غرار باقي البائعين يحاول تحقيق أهم رقم أعمال ممكن بمناسبة العيد "الذي لا يتتكرر إلا مرة واحدة في السنة" و يقترح أسعارا يبررها بعدة معايير على غرار تكاليف النقل و العلف. في هذا الحي تبنى السكان ممارسة المصارعة بين الكباش لكن يمتنع الأشخاص الذين تحدثنا اليهم عن الخوض في مثل هذه الممارسات التي يحفزها حسبهم "حب" المال. و بين لنا أحد "المروضين" كبش نزال مدرب جيدا يقدر سعره ب 120.000 دينار في محاولة لتبرير سعره. لكن مهما كانت الأسعار التي يقترحها الباعة فان الكلمة الأخيرة تعود في النهاية للمشترين المحتملين.