تأزم مشهد الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس في ظل تنامي وتيرة العنف وانقسام رؤية المعارضة لصيغ الحل السياسي في الوقت الذي يحاول فيه المبعوث الأممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا إجراء مشاورات مع الأطراف الدولية بشأن مؤتمر "جنيف3". ويرى المراقبون السياسيون المتتبعون للملف السوري أن تنامي وتيرة العنف و انقسام الرؤى لدى المعارضة، يجعل مسألة تحويل الازمة الى مسار التسوية "امرا صعبا" نظرا ل"مراهنة الحكومة السورية على الحل العسكري و اعتقادها بانها قادرة على تحقيق النصر على المدى البعيد من جهة و إصرار المعارضة على مواقفها و تأكيدها على عدم تقديم أية تنازلات بخصوص شروطها المسبقة ". -حراك سياسي للتحضير لجنيف 3- و بغرض استعادة زمام المبادرة من جديد و إعادة الحوار إلى الرعاية الدولية اقترح المبعوث الامميلسوريا عقد مشاورات في جنيف بشأن امكانية اجراء مفاوضات سياسية جديدة حول التسوية السياسية، وهذا بعد اكثر من عام على انهيار المحادثات التي رعتها الاممالمتحدة. و يستعد دوميستورا لاعادة الملف الى الاسرة الاممية عبر اطلاق حوار تشاوري موسع من المقرر ان يبدأ مطلع شهر مايو المقبل هدفه مفاوضات سياسية مشابهة لمفاوضات "جنيف 2"مطلع 2014 في سويسرا في محاولة جديدة لايجاد حل سياسي للازمة. ومن المقرر ان توجه الدعوات الى 30 شخصية سورية من فريقي النظام و المعارضة على ان تشمل الدعوات اطياف المعارضة و هذا بغرض تجنب حصر الحوار بين السلطة و "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية" كما كان الحال في مؤتمر "جنيف2". وحسب ما تناقلته وسائل الاعلام فان الدعوات ستوجه كذلك لعدد من الدول ذات التاثير على الازمة السورية، على ان يكون التمثيل على مستوى سفير او الممثلين الدائمين لهذه الدول لدى الاممالمتحدة في جنيف. ويجري مساعد المبعوث الأممي رمزي عز الدين هذه الأيام مشاورات مع الحكومة السورية حول هذا الحوار على أن تحدد دمشق التي قالت مصادرها في جنيف إنها "مستعدة للمشاركة في النقاش من يمثلها فيه". و سبق ان أعربت دمشق عن استعدادها للمشاركة في النقاش، ويقتصر الحوار في مرحلته الاولى ثنائية بين المبعوث الامميلسوريا و الاطراف المختلفين من غير ان يكون على جدول الاعمال اي لقاءات ثنائية و خصوصا بين الدول بصفة رسمية او برعاية الاممالمتحدة. وسيعمل المبعوث الامميلسوريا على جمع المواقف المختلفة و من ثم الخروج بقواسم مشتركة تمهد الطريق لمفاوضات جنيف3 . و من هذا المنطلق أكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون على اهمية عقد مؤتمر"جنيف3" موضحا ان الوفدين السوريين لم ينخرطا بشكل بناء في الحوار اثناء "جنيف2". وحث الجانبين على العودة بموقف "بناء" داعيا جميع الاطراف لا سيما روسيا و الولاياتالمتحدة الى ممارسة نفوذها على الحكومة و المعارضة للعودة الى مفاوضات جنيف في اقرب وقت ممكن و بموقف صادق و بناء. وقال ان "الجولة الثانية لم تجلب الكثير، كنا نأمل ان يكون هناك تقدم اكثر من الجولة الاولى، كنا بحاجة الى تحيق مزيد من التقدم، و من المهم الان ان تعد الجولة الثالثة من مؤتمر جنيف في اقرب الاجال" مؤكدا في ذات الوقت على تصميمه على مواصلة الجهود "من اجل السلام في سوريا و اعادة الاطراف الى جنيف، و أن الحل الوحيد لانهاء النزاع يأتي من خلال التفاوض". وفي سياق المساعي الدولية للتحضير لمؤتمر جنيف3 و دعوة دول مجلس الأمن الدولي لتحرك دي مستورا نحو الحل السياسي في سوريا كشفت مصادر اعلامية عن ان هناك تنسيقا مع موسكو بهذا الخصوص. وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وجود فرصة حاليا لتحويل الأزمة السورية إلى مسار التسوية السياسية مؤكدا على انه "ثمة فرصة قد ظهرت أمام الأزمة السورية لانتقالها إلى التسوية السياسية". و شدد وزير الخارجية الروسي على أن بلاده تعتبر الأممالمتحدة منظمة أساسية لتأمين سيادة القانون الدولي موضحا ان استخدام روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع صدور قرارات "غير مدروسة" بشأن سوريا مهد لتهيئة الفرصة لحل الأزمة السورية بالطرق السياسية. من جهته ،أعرب وزير الخارجية الكازاخي إيرلان أدريسوف عن استعداد بلاده لتأمين منصة لأطراف المعارضة السورية للحوار والتوصل إلى حل للأزمة السورية على أراضيها مضيفا ان "الأزمة السورية تحولت إلى كارثة إنسانية وتسببت ولا تزال فى معاناة الملايين من الأفراد بشكل غير مسبوق". وأعرب عن التزام بلاده بدعم الجهود الوطنية والدولية لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا. ومن المتوقع أن تستمر هذه الورشة قرابة شهرين إفساحا في المجال لأكبر مشاركة ممكنة لممثلي المجتمع السوري. أوضاع انسانية كارثية جراء الأزمة أطلق مفوض الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيرس ما يشبه الصرخة التحذيرية مؤكدا أن أزمة اللاجئين والهاربين من سوريا تجاوزت كل قدرات الأممالمتحدة وبلغت منعطفا خطيرا. وشدد على أن استمرار ظاهرة اللجوء السوري بات "مخيفا جدا" مشيرا الى انه بوجود 3.8 مليون سوري لاجئ في دول الجوار السوري خصوصا في لبنان والأردن باتوا يشكلون "أكبر عدد من اللاجئين تحت رعاية المفوضية العليا". و تتجاوز هذه الأزمة حسب ذات المتحدث " قدرات التعاطي الحالية" وهناك نحو مليوني سوري دون 18 عاما "مهددون بأن يشكلوا جيلا ضائعا". وبحسب آخر أرقام للمفوضة العليا فإن أكثر من ثلاثة ملايين سوري فروا من الحرب المدمرة في بلادهم وهو رقم يمكن أن يصل إلى 4،27 مليون بحلول نهاية 2015. من جهتها، شددت كنغ وا كنغ مساعدة وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية والإغاثية على مسألة تمويل المساعدات للسوريين قائلة: "نعاني من مشكلة انعدام التمويل للمساعدات في سوريا وإذا لم يتم التمويل فقرابة المليون طفل سيبقون خارج المدارس ومن دون استشفاء". يذكر ان جنيف استضافت مؤتمرين لتسوية الازمة السورية برعاية دولية و لم يخرجا بنتيجة طوال خمس سنوات من النزاع المسلح خلف اكثر من 200 ألف قتيل ودمار كبير للبنى التحتية.