يسعى قادة دول الاتحاد الأوروبي في قمة استثنائية ببروكسل إلى إيجاد السبل الكفيلة بتنسيق الجهود لمواجهة الهجرة غير الشرعية في البحر المتوسط في أعقاب مقتل نحو 800 شخص غرقا مطلع الأسبوع الجاري. هذه الظاهرة التي اضحت تشكل هاجسا للدول الأوروبية بعد الحوادث الأخيرة قبالة السواحل الليبية دفعت برؤسائها الى اخذ على عاتقهم هذا الملف الشائك بما يحمله من مآسي انسانية من جهة و من جهة اخرى للتصدي للمهربين و ملاحقتهم. و من شأن قمة اليوم ان تضع اللمسات الاخيرة علي استجابة الاتحاد الأوروبي لاحتواء الهجرة السرية في ظل مطالبة أوروبية للحد من الكوارث التي يشهدها عرض البحر المتوسط. و كانت دول الاتحاد قد اكدت في مسودة البيان الختامي على ضرورة القيام بجهود "منهجية" لكشف هويات وضبط والقضاء على السفن قبل ان تستخدم من قبل المهربين و دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي إلى "البدء فورا" بالتحضيرات من أجل عملية محتملة أمنية ودفاعية "بما يتوافق مع القانون الدولي". الاوروبيون امام مهمة "صعبة" في مواجهة الظاهرة اقر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك خلال افتتاح أعمال القمة الاوروبية الطارئة بصعوبة إدارة ملف الهجرة على الصعيد الأوروبي لما يحمله من تحديات على صعيد الاتحاد وعلى صعيد كل دولة عضو. و اكد توسك إن "أهم جانب في إدارة شؤون الهجرة هو تحقيق تضامن فعلي بين الدول الأوروبية في مجال اقتسام أعبائها" وهو "أمر صعب" على حد قوله. و قال إن أولويات التحرك الأوروبي تتمثل حاليا في "إنقاذ أرواح المهاجرين المهددين بالغرق في البحر المتوسط ومكافحة وملاحقة المهربين" مشددا على ضرورة دعم مهام عمليتي حماية الحدود الأوروبية الحالية "تريتون" و"وسيديون". كما ابرز اهمية "تعزيز التعاون مع دول المنشأ والعبور والحد من الهجرة غير الشرعية". و بالرغم من الاتفاق الذي توصل اليه وزراء داخلية و خارجية دول الاتحاد الاوروبي عشية القمة الطارئة لرؤسائه بشان دعم بعثة تريتون الدورية بزيادة مواردها المالية واصولها فضلا عن توسيع منطقة عملياتها الا ان رئيسها فابريس ليجيري مدير وكالة فرونتكس المختصه بمراقبة حدود دول الاتحاد الأوروبي/الدوريات البحرية/ اكد بأن انقاذ حياة المهاجرين في البحر الابيض المتوسط "ليس اولوية بالنسبة لها". ومن جهته اعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن امله في ان تتخذ "اجراءات قوية " لردع الهجرة لانه كما قال "لا يمكن تحويل البحر المتوسط الى مقبرة" مؤكدا "وجوب تفكيك شبكات تهريب المهاجرين وتدمير السفن التي يستخدمها المهربون". اما خبراء اوروبيون فاشاروا الى ان تدمير السفن هو احد الاجراءات العشر التي تناقشها الدول الاعضاء في الاتحاد ردا على تدفق المهاجرين السريين. وفي هذا الصدد قال مدير المنظمة البحرية الدولية التابعة للامم المتحدة كوجي سيكيميزو "ان لم نتحرك فاعتقد اننا سنشهد هذا العام نصف مليون لاجئ يعبرون المتوسط وفي هذه الحالة قد يسقط ما يصل الى 10 الاف قتيل" فيما اكد المفوض الاعلى للشؤون الداخلية ديمتريس افراموبولوس انه على الاتحاد الاوروبي "اعلان الحرب على مهربي البشر". غالبية المهاجرين غير الشرعيين قد يعودون إلى بلدانهم اشارت تقارير اعلامية اروربية الى ان مسودة قرار أوروبي قد يصادق عليه اليوم يقضي بإعادة غالبية المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم بينما سيتم السماح لخمسة آلاف مهاجر فقط بالإقامة في دول أوروبية. وقالت ذات المصادر إن مسودة القرار التي هي بصدد البحث من قبل القادة الاوروبيين لإقرارها تقضي باستيعاب خمسة آلاف مهاجر فقط في أوروبا بينما سيتم إعادة باقي المهاجرين الذين يقدر عددهم بنحو 150 ألف شخص. وبحسب المسودة سيتم تقديم مساعدات عاجلة للدول التي تواجه تدفق المهاجرين غير الشرعيين. و تشير مسودة البيان الختامي للقمة على تأمين الدول ال28 الاعضاء في الاتحاد كل ما يمكن "من اجل رصد ومصادرة وتدمير الزوارق قبل ان يستخدمها مهربون". لذلك ينبغي تنظيم عملية عسكرية في سابقة في مكافحة الهجرة غير الشرعية. و اشار دبلوماسيون وخبراء الى ان هذا الامر "معقد وسيستغرق الوقت وسيتطلب تفويضا من الاممالمتحدة وموافقة الحكومة الليبية فيما ستلزم تعبئة الموارد العسكرية بقبول خسائر في الارواح". وبينما تواجه أوروبا ضغوطا من أجل بذل مزيد من الجهد في عمليات الإنقاذ تقترح المسودة التركيز على اللجوء لمزيد من أنشطة المراقبة البحرية والتواجد العسكري اللازم لاستهداف وردع المهربين والتنسيق مع الدول التي تشكل نقط انطلاق لهؤلاء المهاجرين. يذكر ان اكثر من 20 الف مهاجر وصلوا الى ايطاليا منذ مطلع هذا العام و قد يواصلون التوجه اليها. ووصل اكثر من 200 مهاجر اليوم الخميس الى ميناء "كتانيا" ب"صقلية" فيما تتوقع ايطاليا تدفقا متواصلا قد يصل الى 5000 لاجئ اسبوعيا حتى شهر سبتمبر القادم.