أكد ممثل منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) في الجزائر، توماس دافا، أن المنظمة لازالت "بعيدة كل البعد" عن تلبية إحتياجات اللاجئين الصحراويين المتضررين من الفيضانات الأخيرة التي ضربت المنطقة في أكتوبر الماضي لاسيما في مجالي التربية والصحة، مبرزا ان نحو 32 ألف طفل بحاجة إلى مقاعد دراسية. جاء ذلك خلال ندوة صحفية نشطها السيد دافا إلى جانب نجمي كرة القدم الجزائرية، المدافع مجيد بوقرة، والبطلة العالمية في الجيدو، سليمة سواكري، كسفيرين للنوايا الحسنة عن منظمة اليونيسيف، لتقديم نتائج الزيارة الأخيرة التي قادتهما إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين تحت شعار "عودة الأطفال إلى المدارس" وذلك للوقوف على حجم الخسائر التي خلفتها الأمطار الطوفانية في المنطقة نهاية أكتوبر الماضي والتي تسببت في هدم الكثير من المدارس وروض الأطفال بالمخيمات. وبعد ان تحدث السيد دافا عن معاناة اللاجئين الصحراويين لا سيما في مخيم الداخلة الذي تضرر أكثر من غيره من المدن بالفيضانات، أثار مسألة "النقص الحاد" في التموين، واصفا الوضع ب"أسوأ أزمة منسية" في العالم. 20 مليون دولار قيمة الاحتياجات الضرورية للمتضررين من اللاجئين الصحراويين ومباشرة بعد الكارثة وجهت العديد من الهيئات الأممية بالتنسيق مع اليونيسيف على رأسها برنامج الغذاء العالمي ومفوضية اللاجئين والمنظمة العالمية للصحة دعوات دولية لتقديم المساعدات الإستعجالية للمتضررين خلال الأشهر الثلاثة الاولى والتي قدرت بقيمة 20 مليون دولار. بينما قدرت اليونيسيف لوحدها إحتياجات المنظمة لمليون و 700 ألف دولار لتلبية المتطلبات في مجال التربية، فقد بلغت الإحتياجات في مجال الصحة نحو مليون دولار من الإعانات لإعادة تأهيل المؤسسات الصحية حسب ما أكده السيد دافا. وإذ أحصت اليونيسيف نحو 32 الف طفل في مخيمات اللاجئين بحاجة إلى التكفل بهم للرجوع إلى أقسام الدراسة عبر الاطوار التعليمية المختلفة بعد ان دمرت الفيضانات الطوفانية الاخيرة نحو ما يقارب ال 40 بالمائة من مدارسهم بصفة كلية او جزئية، تبقى نحو 12 ألف عائلة بدون مأوى إضافة إلى ان المنطقة فقدت أيضا من 25 إلى 40 بالمائة من المراكز الصحية بصفة جزئية أو كلية. وأعرب السيد دافا عن "أسفه" لعدم تمكن الهيئة الاممية من جمع سوى ربع القيمة المطلوبة لتلبية حاجيات المتضررين سيما من فئة الأطفال المتمدرسين منهم، وهو الأمر الذي يجعل المنظمة "بعيدة كل البعد" -كما قال- عن القيام بما هو مطلوب منها للانتقال إلى المرحلة الثانية من المساعدات التي تشمل إعادة بناء وتأهيل المنازل والمؤسسات التعليمية والاستشفائية بإستخدام مواد بناء صلبة قادرة على مجابهة والصمود أمام التغيرات المناخية والجوية. وأشار ممثل اليونيسيف إلى ان المنظمة كانت حاضرة في مخيمات اللاجئين مباشرة بعد الكارثة حيث تم تنصيب نحو 50 خيمة من الحجم الكبير لاستقبال الأطفال المتمدرسين مع تخصيص جانب من هذه الخيم لمراكز صحية بهدف تقديم الإسعافات الأولية للمتضررين بطاقة استيعاب نحو 60 ألف شخص. ودعا بالمناسبة الجهات الجزائرية من مانحين وممولين ومقاولين و رجال أعمال وغيرهم لتقديم المزيد من الدعم المالي لمساعدة هؤلاء المحتاجين سيما وان الجزائر -كما قال- تعد من المانحين القلائل والرائدين للوقوف إلى جانب المتضررين الصحراويين. ومن جهتها ركزت البطلة في الجيدو، سليمة سواكري، على ضرورة العمل على جني المزيد من الدعم المالي للمتضررين الصحراويين والتي قالت أنها "لازالت متأثرة" بما عاشته و ما وقفت عليه في مخيمات السمارة والداخلة التي زارتهما يوم الاحد الماضي، مبرزة انه على مدار يومين "لمسنا شجاعة لا نظير لها لدى الأطفال الصحراويين". "لقد وقفنا على +الحرمان الحقيقي+ الذي يعيشه قاطنوا المخيمات لاسيما الأطفال منهم فبالرغم من معاناتهم +الصعبة جدا" بعدما فقدوا أهم ما يمكن للمرء ان يملكه وهو سقف يأويهم ويحميهم، غير انهم لا يزالوا يعيشون ويواصلون حياتهم البسيطة بكل مقاومة. وجددت السيدة سواكري دعوتها إلى كل المانحين للإسراع في مد يد العون لهذه للصحراويين المقيمين بمخيمات اللاجئين هربا و ويلات الاحتلال المغربي الذي يسلط عليهم أبشع المعاملات و القمع اليومي. أما المدافع السابق للمنتخب الجزائري لكرة القدم، مجيد بوقرة، فلم يخف "صدمته" من الظروف القاسية التي لمسها خلال تواجده بالمخيمات متسائلا "كيف يواصل هؤلاء رسم الابتسامة على محاياهم في ظل كل الظروف الصعبة المحيطة بهم"، مضيفا انه بالرغم من هذه المآسي فأنهم يتحسرون لكن يتطلعون بكثير من الأمل إلى مستقبل أفضل. وأشار بوقرة إلى أن اللاجئين أظهروا "صمودا استثنائيا" في مواجهة المحن التي فرضتها عليهم الفيضانات، من جهة، إلى جانب معاناتهم المستمرة منذ 40 سنة من اللجوء والابتغاء عن الوطن، من جهة أخرى. وحسب اللاعب الملقب ب"الماجيك" فان هؤلاء الأطفال لا يطلبون سوى "كسر حاجز الصمت" لإيصال صوتهم ومعاناتهم وتعريف العالم بقضيتهم وضعفهم للظفر بالقليل من المساعدات لتلبية حاجياتهم الضرورية من بينها حقهم في الحياة والعيش بكرامة كغيرهم من أطفال العالم. وكشف بالمناسبة انه سيتم في المستقبل تأهيل بعض الأماكن لممارسة الرياضة سيما كرة القدم بمحاذاة المؤسسات التربوية لتمكين الأطفال من تفجير طاقاتهم الجسدية والترفيه بعد ساعات الدراسة.