أصبحت الاهانة في العلاقات الدولية "ممارسة إستراتيجية" بسبب "جعلها في مركز العلاقات الدولية و كذا علاقتها الوثيقة بالعنف" حسبما أكده اليوم بالجزائر العاصمة بارتران بادي خبير سياسي فرنسي مختص في العلاقات الدولية. و في مداخلة له في إطار ندوة نظمها المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة بموضوع "الاهانة في العلاقات الدولية" أوضح السيد بارتران أن "الاهانة التي تعد حاليا محور العلاقات الدولية تعد ممارسة جديدة ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية لما حل الضعف مكان القوة". كما أشار إلى أنها "أصبحت ممارسة إستراتيجية بسبب جعلها محورا للعلاقات الدولية و كذا ارتباطها الوثيق بالعنف". و في معرض إشارته إلى الجزائر "كمثال بارز عن السيادة الجديدة" في العلاقات الدولية التي "تعكس مواقفها الثابتة و المكانة التي تحتلها على الساحة العالمية" أوضح الخبير الفرنسي انه "لفهم العلاقات الدولية يجب الإحاطة بالتفاعلية بين القوة و الاهانة" التي هي في النهاية "ظاهرة إنسانية تسير كل العلاقة الاجتماعية". و بالتالي فان تعريف الإهانة يختصر في كونها طريقة للتقليل من قيمة بعض الدول على مستوى تصنيف الأمم. و ابرز ذات المحاضر أن "للإهانة في العلاقات الدولية أهمية حديثة حيث انه و إلى غاية 1989 كان نظام العلاقات الدولية محدد بنموذج كلاسيكي يتكون من قريبين و متساوين حيث لا يتم إهانة مثيله و إنما ندخل في منافسة قوة". كما أكد الأكاديمي الفرنسي أن "إدخال الإهانة في النظام الدولي يفسر أولا باستشراك الحياة الدولية مع دخول متأخر لكن حقيقي للمجتمعات في العلاقات الدولية -حيث أن الحرب لم تعد مواجهة بين دول وإنما بين شعوب- ثم تأتي العولمة التدريجية و المعاصرة التي أدت إلى إعادة تشكيل النظام الدولي مع رهانات اجتماعية و اقتصادية و ليست جيوسياسية". و تابع قوله ان "الفوارق و عدم النزاهة في المجتمعات تعد التهديد الحقيقي للعلاقات الدولية لأنها تخلق تضامنا مع النزاعات و العنف". و خلص السيد بادي في الأخير إلى القول بان "الإهانة كما هي ممارسة اليوم تؤدي إلى المرض" مؤكدا انه "لتحقيق السلام في العالم من الضروري تحقيق الأمن الغذائي و الأمني و الصحي و الفردي و الثقافي (حماية الأقليات) و السياسي و الاقتصادي".