يرى خبراء قانونيون أن تمديد فترة بقاء رئيس الدولة عبد القادر بن صالح إلى غاية انتخاب رئيس للجمهورية وفق ما جاء في رأي المجلس الدستوري، هو فتوى استلهمت "من روح النص الدستوري" هدفها المحافظة على "استمرارية مؤسسات الدولة وتفادي مخاطر الفراغ الدستوري". ويؤكد القانونيون أن لجوء المجلس الدستوري لإصدار فتواه بالتمديد لرئيس الدولة الذي تنقضي اليوم الثلاثاء ال90 يوما التي نص عليها الدستور لتوليه منصب رئيس الدولة بهدف "تنظيم الانتخابات الرئاسية"، هو "إجراء استثنائي جاء استجابة لظرف استثنائي" تحقق بعد تأكيد المجلس ل"استحالة" تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة ليوم 4 يوليو، والهدف من هذا الإجراء هو "تجسيد مبدأ استمرارية الدولة وتفادي الفراغ الدستوري وتعطل مؤسسات الدولة". وفي هذا الصدد، أكد أستاذ القانون بجامعة الجزائر عمار بلحيمر في تصريح لوأج، أن المجلس الدستوري "ابتعد عن حرفية النص بتمديد فترة الرئاسة لكنه سمح بالمقابل بالحفاظ على روحه وهو العمل داخل الإطار الدستوري الواسع والقوانين المؤسساتية الموجودة، وذلك خوفا من حدوث فراغ قد يمس باستقرار وأمن الدولة". وفي رده على بعض القانونيين الذين انتقدوا فتوى المجلس الدستوري، قال الأستاذ بلحيمر أن "مبادرة المجلس الدستوري تصنف بكونها على هامش النص الدستوري، إذ من بين حيثياتها المادتان 7 و8 اللتان تخولان السيادة للشعب وهدفها تفادي الفراغ الدستوري وتمديد العمل بالمادة 102 تخوفا من اللجوء للمادة 107 في حالة المساس بالمؤسسات والأمن والاستقرار والسيادة الوطنية". وإلى ذلك، اعتبرت الخبيرة القانونية أن "الحوار الجاد والحضاري هو السبيل الوحيد لبناء دولة ديمقراطية على أسس صحيحة وتفادي الفراغ الدستوري الذي يهدد أمن الدولة واستقرارها"، داعية الأطراف التي ترفض الحوار إلى "التعقل" والتعبير عن آرائها على طاولة الحوار التي ينبغي أن "تشمل كل الجزائريين دون إقصاء لأن الحلول التوافقية وحدها الكفيلة بالوصول بالبلاد إلى بر الأمان". يذكر أن المجلس الدستوري أصدر يوم 2 يونيو الماضي قرارا، برفض ملفي الترشح المودعين لديه لانتخابات رئيس الجمهورية التي كانت مقررة يوم 4 يوليو، وكذا "استحالة إجراء هذه الانتخابات وإعادة تنظيمها من جديد"، مضيفا أنه "يعود لرئيس الدولة استدعاء الهيئة الانتخابية من جديد واستكمال المسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية". واستند المجلس الدستوري في قراراته هاته على ديباجة الدستور التي نصت في فقرتها ال12 على "إن الدستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية، ويحمي مبدأ حرية اختيار الشعب، ويضفي المشروعية على ممارسة السلطات، ويكرس التداول الديمقراطي عن طريق انتخابات حرة ونزيهة"، كما استند على المواد 7، 8، 102 فقرة 6، 182 و193 من الدستور. وتنص المادة 7 من الدستور، على أن "الشعب مصدر كل سلطة. السيادة الوطنية ملك للشعب وحده"، وتؤكد المادة 8 على أن "السلطة التأسيسية ملك للشعب. يمارس الشعب سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها"، وتتطرق المادة 182 إلى مهام المجلس الدستوري في السهر على صحة الانتخابات الرئاسية فيما تلزم المادة 193 السلطات العمومية على إحاطة الانتخابات بالشفافية والحياد. وعلى هذا الأساس، أكد المجلس الدستوري ضرورة "تهيئة الظروف الملائمة" لتنظيم الانتخابات الرئاسية و"إحاطتها بالشفافية والحياد، لأجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية التي تمكن من تحقيق تطلعات الشعب السيد"، على اعتبار أن "الدستور أقر أن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية".