أجمع جامعيون و أكاديميون اليوم الاحد بالجزائر خلال ندوة وطنية حول الروائي عبد الحميد بن هدوقة على أن أعماله الروائية تناولت المسالة التاريخية "سردا" و جسدت الأحداث التاريخية التي عايشها المجتمع الجزائري عبر مختلف المراحل. و قال الباحث الجامعي فيصل حصيد، خلال تدخله في محاضرة بعنوان "الصوت الاجتماعي في روايات بن هدوقة"، بأن الكاتب الراحل بن هدوقة كان يكتب عن التاريخ "كتابة نقدية" و ليس مسجلا للأحداث التاريخية بل ناقدا لها. وأوضح ذات المتدخل- و هو أيضا أستاذ النقد الادبي بجامعة باتنة-، أن الروائي بن هدوقة كان يوظف الاحداث بدلالات "زمانية-كرونيكية" و ذلك بما يخدم مسار الحدث (السرد) أو بوصفها ذات دلالات رمزية كالتواريخ المتعلقة بالثورة التحريرية و المحطات و المفاصل الكبرى في الجزائر. و أضاف قائلا بأن بن هدوقة "لم يكن مهتما بإعطاء النهايات الجميلة" في رواياته التي تسعد التاريخ و ترضيه و لا مهتما ب"النهايات الدرامية" التي تدين التاريخ و تتهمه. و أوضح أن كاتب رائعة "ريح الجنوب" كان يسعى في رواياته الى أن يكون التاريخ يخدم الحاضر من خلال ابقائه للتساؤل مفتوحا لكي يشاركه الآخرون في بناء المستقبل، مستخلصا بذلك بأن بن هدوقة كان يؤمن ب"مبدأ التعددية". من جهته، قال الباحث الجامعي توفيق شابو في مداخلة بعنوان "سردية التاريخ و المجتمع و الثقافة في أعمال بن هدوقة" أن أعمال هذا الاخير طرحت المسالة التاريخية أدبيا" على خلاف مالك بن نبي الذي تناولها بمنظور فكري. إقرأ أيضا: الشلف: معرض لمؤلفات الروائي عبد الحميد بن هدوقة وأشار الى أن بن هدوقة حاول تفسير تاريخ الجزائر من خلال ثلاث أليات و هي الانسان و المكان و الزمان، حتى يتمكن من فهم التحول التاريخي الذي جسده في سرد الحدث الادبي كما تجلى ذلك في روايته "ريح الجنوب". كما اعتبر ذات المتحدث أن فهم التاريخ عند الروائي بن هدوقة كان عبر فهمه "للمكان" على غرار الريف و المدينة. من جهته، قال الروائي و الاكاديمي اليامين بن تومي، أن رواية "ريح الجنوب" كانت بمثابة تأسيس لمفهوم "ذاكرة المكان"، موضحا أن معظم أعماله الروائية عكست تحولات المجتمع الجزائري عبر الزمن. كما تطرق خلال هذه الندوة ، الكاتب قلولي بن ساعد، الى تلاقي بن هدوقة في النقد السينمائي الجزائري بينما تناول الباحث الجامعي رشيد بلعيفة لكتابته السردية. و قال مدير المكتبة الوطنية، منير بهادي، في اختتام أشغال الندوة حول أعمال بن هدوقة "الرواية الجزائرية...من التأسيس الى التكريس" التي افتتحت أمس السبت، أنه سيتم "قريبا" طبع كل تدخلات المحاضرين المشاركين في هذه الندوة. ويعتبر عبد الحميد من هدوقة من كبار الروائيين الجزائريين، بحيث اعتبرت أعماله تأسيسية في الكتابة الروائية باللغة العربية. إقرأ أيضا: ندوة وطنية حول أعمال عبد الحميد بن هدوقة بالمكتبة الوطنية من 9 الى 11 يناير كما تعتبر روايته "ريح الجنوب" (1979) كرواية تأسيسية للكتابة في الجزائر و كمرحلة فارقة للكتابة الادبية باللغة الفرنسية بأقلام جزائرية على غرار محمد ديب و كاتب ياسين و مولود معمري و أخرين. وترجمت أعمال بن هدوقة التي اتسمت بالتفوق من حيث المبنى و النوع الكتابي، الى عدة لغات عكست تفاصيل حياة المجتمع الجزائري.