أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الأول في مدينة وجدة (شمالي شرق المغرب), محمدي البكاي, إن جزءا كبيرا من ظاهرة الهجرة بشكل عام و بالخصوص غير النظامية, مرده "ظروف العيش القاسية التي زادت من حدتها العوامل المناخية الصعبة والأزمة الاقتصادية". وأضاف الباحث المغربي, حسبما أوردته وكالة أنباء الأناضول التركية "إن العوامل الأساسية المتحكمة بظاهرة الهجرة, مرتبط بالحفاظ على الحياة والبحث عن ملاذ في بلدان أكثر أمانا". وأوضح أن الوضع في المغرب "لا يختلف عن باقي دول الجنوب سوى فيما يتعلق بطبيعة الفئات العمرية المرتبطة بظاهرة الهجرة وطبيعة الدوافع لذلك". وكما كانت التقارير واضحة في إرجاع أسباب الهجرة إلى كسب سبل العيش بالنظر للهشاشة التي يكتسيها سوق الشغل, تعد البطالة حسب المتحدث, أهم العوامل المؤثرة في ظاهرة الهجرة, وخصوصا الشباب من الفئات العمرية من 15 إلى 24 سنة وحاملي الشهادات. وحسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط فإن معدل البطالة وسط هذه الفئة يصل إلى 30.8 بالمئة وحاملي الشهادات إلى 20.4 بالمئة سنة 2021. وفي الوقت الذي كان يعتقد البعض أن "يخمد" حلم الهجرة لدى الشباب المغربي بسبب الأزمة الدولية التي خلفتها جائحة كورونا وتراجع فرص العمل في الدول المستقبلة, إلا أن التدفق استمر حتى في أوج الأزمة الصحية. وأوضح أستاذ الإقتصاد المغربي أن الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا, "عمقت من الوضعية العامة وبالتالي كانت دافعا إضافيا لتنمية الرغبة في الهجرة لدى الفئات الهشة. والحقيقة أن وضع الهشاشة ترصده الأعين في الكثير من المجالات قبل أن تؤكدها الدراسات والتقارير". وأكد أن هذا الوضع ليس بالجديد, مشيرا إلى أن "السياسة الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب لا تستطيع استيعاب هذه الفئات العمرية وإدماجها في النسيج الإنتاجي, خصوصا أمام تراجع سياسات التوظيف العمومي من منطلق ترشيد النفقات". وما يخص القطاع العام يمس أيضا الخاص, فهشاشة القطاع المتمثلة في عدم قدرته على ضمان مستوى عيش لائق وغياب التحفيز وغيرها من المعيقات تجعل منه قطاعا لا يبعث بالنسبة للشباب الكثير من الأمل ليكون دافعا للاستقرار, يضيف الباحث. ويؤكد تقرير التنمية البشرية أن نمو الاقتصاد الوطني المغربي تسجل منذ 2012 تباطؤا, ونتيجة ذلك استقر نمو الناتج الداخلي الخام في متوسط سنوي يبلغ 3.2 بالمئة في الفترة الممتدة بين 2015 و2019, وهو رقم غير كاف لتقليص نسبة البطالة تقليصا مستداما لاسيما بين الشباب.