عرفت الصناعة الصيدلانية المحلية قفزة نوعية منذ العشرية الأخيرة حيث حققت نسبة 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية وتسعى حاليا إلى الولوج إلى الأسواق الخارجية لا سيما الافريقية منها. ويعتبر تشجيع تصدير الأدوية المصنعة محليا بعد أن حققت نسبة 70 بالمائة من تغطية الاحتياجات الوطنية من بين الأهداف التي سطرتها السلطات العمومية من خلال مشاركة الصناعة الصيدلانية في أول معرض لها من 17 إلى 20 مايو 2022 بالعاصمة السنغالية دكار. وعرفت الصناعة الصيدلانية المحلية انطلاقها في منتصف سنوات التسعينات بعد صدور قانون يجبر الشركات المتعددة الجنسيات المنتجة للأدوية بالجزائر على الاستثمار والإنتاج داخل الوطن في إطار الشراكة مع القطاع العمومي والخاص حيث تم ابرام أول شراكة بين مخابر "فايزر الامريكية" و"صانوفي" الفرنسية و التجمع الأوروبي للصيدلة "جي. بي.أو" مع مجمع صيدال من اجل إنتاج عدة أصناف من الأدوية في فترة عرفت عزوفا للشركات الأجنبية عن الاستثمار بالجزائر. ومنذ تلك الفترة ظهرت وحدات جديدة لقطاع الخاص بدأت تنتج في إطار الشراكة مع الشركات الأجنبية لتتوسع في السنوات الأخيرة إلى غاية بلوغها 100 وحدة انتاج أثبتت وجودها من خلال تغطية الاحتياجات الوطنية. وبالرغم من تشجيع الدولة للاستثمار في هذا المجال إلا أن هذه الوحدات عانت من عدة عراقيل من بينها غياب نصوص قانونية منظمة وأوعية عقارية وصعوبة الاستفادة من القروض البنكية لتطويرها مع العلم ان كل مصانع الأدوية متواجدة عبر الوطن تسييرها مهارات جزائرية خريجة الجامعات الوطنية. كما عانت بعض الوحدات التي شرعت في التصدير من مشكل النقل وتحويل العملة الصعبة بالمرور على بنوك اجنبية في انتظار فتح فروع لبنوك وطنية بالخارج. ولضمان منتوج "آمن" رافق هذه الصناعة المخبر الوطني لمراقبة المواد الصيدلانية الذي تم تعويضها بالوكالة الوطنية لتسجيل ومراقبة الأدوية في سنة 2020 . --إعطاء القطاع دفعا آخرا أضحى ضرورة ملحة-- لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليص فاتورة الأدوية التي قاربت خلال سنوات التسعينات ثلاثة ملايين أورو كان من الضروري إعطاء دفعا جديدا للصناعة الصيدلانية "الفتية" من خلال دعمها بترسانة من القوانين وتشجيع التصدير بعد أن تم تحقيق نسبة هامة من تلبية الاحتياجات الوطنية إلى جانب إنتاج أصناف أخرى من الأدوية الموجهة لبعض الأمراض المزمنة كالسرطان. ونظرا لأهمية هذا القطاع منح قانون الصحة لسنة 2018 المواد الصيدلانية والمستلزمات والتجهيزات الطبية حصة الأسد كما كان لإنشاء وزارة للصناعة الصيدلانية مؤخرا دليلا آخرا على إعطاء دفعا جديدا لهذا القطاع لمواجهة ضغوطات وهيمنة الشركات المتعددة الشركات. كما تبعت كل هذه الإجراءات إنشاء مجمع صيدال للمركز الوطني للمعادلة البيولوجية لمقارنة مدى فعالية الأدوية الجنيسة بالأدوية الأصلية بالإضافة إلى إنشاء كلية الصيدلة بجامعة الجزائر بعدما كانت قسما من اقسام كلية الطب لتحسين التدريس ومرافقة الصناعة في هذا المجال كم سيتم تعميم هذا الإنجاز على بقية كليات الطب الوطنية. وقد استحدثت كلية الصيدلة اختصاصا جديدا تماشيا مع تطور الصناعة الصيدلانية يتمثل في تكوين صيدلي وتوسيع التكوين الى ماستير ودكتوراه لتشجيع البحث العلمي وتوفير مناصب شغل. ولمد الجسور بين الجامعة الجزائرية ومحيطها الاقتصادي والإجتماعي تشجيعا للبحث العلمي وقعت كلية الصيدلة لجامعة الجزائر عدة اتفاقيات شراكة مع المخابر المنتجة للأدوية.