سجلت عدة جمعيات حقوقية مغربية تزايد ظاهرة الهجرة غير الشرعية نحو اسبانيا وسط الشباب و القصر، ممن يجازفون بأرواحهم، هربا من الظروف المعيشية المزرية التي يتخبطون فيها بالمملكة، فمنهم من يحقق حلمه في الوصول الى الضفة الأخرى، ومنهم من يلقى حتفه غرقا في عرض البحر، ومنهم من يتم اعتقاله. و أفادت الجمعيات الحقوقية أن المدن المغربية المتاخمة للجيب الاسباني تشهد الايام الأخيرة تدفق أعداد كبيرة من الشباب والقصر, ممن ضاقت بهم سبل الحياة في المغرب, وراحوا يبحثون عن ابسط ظروف العيش الكريم, في ظل الغلاء الفاحش والتدهور الحاد في القدرة الشرائية. و ربط مهتمون بشؤون الهجرة, انتشار ظاهرة الهجرة غير الشرعية نحو الجيب الاسباني, بغياب فرص العمل بالمدن المجاورة له, و فرض السلطات الاسبانية التأشيرة على الراغبين في دخول سبتة ومليلية, بعد أن كان العبور إلى المدينتين في وقت سابق عن طريق جواز السفر فقط بالنسبة لسكان إقليمي الناظور وتطوان, وفق اتفاقية سنة 1995. و في السياق, قال رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان بالمغرب, محمد بنعيسى, في تصريحات صحفية, إن "المحاولات المتكررة لمجموعة من الشباب المغربي للوصول سباحة إلى مدينة سبتة, يعود بالأساس إلى الأزمة الاقتصادية العميقة التي يتخبط فيها شباب المنطقة". و أضاف بنعيسى أن "تزايد محاولات الهجرة غير الشرعية ومجازفة الشباب بأرواحهم للوصول سباحة إلى الجيب الاسباني هو نوع من الاحتجاج على تلك الظروف المزرية مع غياب بدائل وبرامج في الامنطقة, رغم ما تتمتع به من إمكانيات". من جانبه, قال رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان-فرع الناظور, عمر الناجي, إن "الهجرة غير الشرعية انتشرت بشكل كبير مباشرة بعد فرض التأشيرة, حيث تزايد عدد المهاجرين القاصرين وغير القاصرين الذين يحاولون دخول مدينة مليلية". و كشف عمر الناجي أن هناك 3 طرق للهجرة, إما بحرا عن طريق السباحة في اتجاه مليلية, أو عبر القوارب التي تنطلق من الشواطئ المحاذية لمليلية, أو عن طريق التسلل داخل المركبات التي تدخل بشكل يومي عبر معبر "بني أنصار" إلى مليلية. و كشف المتحدث أن "الأطفال القصر يتعرضون في مدينتي بني أنصار والناظور لمطاردات وتوقيفات تعسفية من قبل السلطات المغربية", مشيرا الى أنه "يتم احتجازهم في مكانين غير قانونيين (...) قبل الإقدام على ترحيلهم بشكل جماعي إلى الدار البيضاء دون إخبار عائلاتهم". و أكد في هذا الاطار أن "هذا خرق خطير يفاقم من وضعيتهم على اعتبار أنهم ليسوا كلهم من الدار البيضاء". و حملت عدة جمعيات و أحزاب مغربية, الدولة المخزنية المسؤولية الكاملة عن تزايد عدد ضحايا الهجرة غير الشرعية في صفوف الشباب المغربي, نتيجة التهميش والتفقير وغياب مشاريع تنموية تساهم في خلق مناصب الشغل وحفظ كرامة المواطن, وذلك على خلفية وفاة العشرات من الشباب على إثر غرق قواربهم. و أكدت شبيبة جماعة العدل و الاحسان في بيان سابق لها "عدم اكتراث مدبري شأن البلاد بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية لملايين الأسر المغربية والتي أنبأت عنها مختلف التقارير الصادمة وأقرها مختلف الفاعلين", مبرزة "الفساد الذي ينخر مختلف القطاعات و الوضع المتأزم الذي اكتوت بنيرانه كل فئات الشعب المغربي ومس بشكل كبير مخزون الطاقات والكفاءات الأهم المتمثل أساسا في شباب المغرب وشاباته". و أكدت في الاخير "استمرار الشباب المغربي في النضال السلمي من أجل تغيير حقيقي يربط كل مسؤولية بالاختيار الشعبي الحر وكل سلطة بالمساءلة والمحاسبة".