بلغت الممارسات التعسفية والعدوانية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني مؤخرا ذروتها ما ينذر ب"كارثة" قد تكون غير مسبوقة في المنطقة سيما بعد قرار مواصلة الاستيطان والتعرض لمقدسات المسلمين والغارات المستمرة على قطاع غزة الأمر الذي يضع عراقيل جديدة أمام عملية السلام المتعثرة بسبب التعنت الإسرائيلي. وفي الوقت الذي تنتظر فيه الأطراف الدولية "موقفا جادا" من الاحتلال لمواصلة المفاوضات المباشرة مع الجانب الإسرائيلي فوجئ أهالي غزة فجر يوم الخميس بسماع دوي غارات حربية اسرائيلية إستهدفت عدة مواقع بقطاع غزة وأسفر ذلك عن إصابة ستة مواطنين وإلحاق أضرار مادية معتبرة. وأوضحت مصادر إعلامية أن طائرة مقاتلة من طراز "أف 16" قصفت بصاروخ واحد على الاقل موقع (بيسان) التابع (لكتائب القسام) الجناح العسكرى لحركة حماس في منطقة المقوسي شمال غرب مدينة غزة وأن القصف العنيف هز كامل مدينة غزة وأحدث دوى انفجار هائل. وأفاد أدهم أبو سلمية الناطق الإعلامي باسم الخدمات الطبية في قطاع غزة أن القصف الذى إستهدف موقع القسام شمال غرب مدينة غزة أوقع 6 إصابات طفيفة وألحق دمارا كاملا بالموقع. وأكدت مصادر بحكومة حماس المقالة أن هذا القصف ألحق أضرارا مادية بمنازل المواطنين حيث تهشمت النوافذ الزجاجية بالعديد من تلك المنازل وسادت حالة من الهلع والفزع فى صفوف المواطنين الذين كانوا نياما خاصة الأطفال والنساء منهم. وقال شهود عيان ان طائرة حربية أخرى من طراز اف 16 قصفت أيضا هدفين في منطقة دوار ملكة بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة كما إستهدف القصف الثالث منطقة جحر الديك جنوب مدينة غزة حيث لم يبلغ عن وقوع إصابات. وأوضح الشهود أن القصف استهدف كذلك أرضا زراعية خالية بالقرب من مصنع الحاج فضل للباطون شرق حى الزيتون جنوب شرق مدينة غزة. وشهدت أجواء قطاع غزة الليلة الماضية وحتى صباح اليوم تحليقا مكثفا من جانب طائرات الاف 16 وطائرات الاستطلاع ومروحيات الاباتشى. وبالرغم من الدعوات الدولية المتعالية لتجميد الاستيطان الذي يقف حجرة عثرة في وجه السلام في المنطقة فوجئ العالم بأسره بالقرار الاسرائيلي القاضي بمواصلة البناءات والمشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية في تحد واضع للشرعية الدولية. وفي هذا السياق، شرع مستوطنون الليلة الماضية بتوسيع مستوطنة (ميخولا) المقامة على أراض فلسطينية مصادرة شمال شرق الأغوار الشمالية بمحافظة طوباس. وأكدت مصادر فلسطينية أن المستوطنين شرعوا بإضافة وحدات سكنية في الجهة الغربية من المستوطنة التي تعتبر من أكبر المستوطنات الزراعية في الأغوار. وصرح محافظ طوباس والأغوار الشمالية مروان طوباسي "أن الدلائل تشير إلى إضافة ثلاث وحدات سكنية على الأقل" مشيرا إلى أن ناقلات باطون شوهدت تدخل إلى المستوطنة. وقال إن توسيع المستوطنات لم يتوقف في منطقة الأغوار مبرزا أن أعمال بناء تجري أيضا في مستوطنة (مسكيوت) منذ فترة. وإعتبر طوباسي أن استهداف الاحتلال منطقة الأغوار يأتي في سياق فرض سياسة الأمر الواقع لتهويد المنطقة. وفي إطار الملاحقات والاعتقالات اليومية التي تشنها قوات الاحتلال للتضييق ضد المواطنين ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية يوم الخميس أن القوات الاسرائيلية اعتقلت 12 فلسطينيا من مختلف محافظات الضفة الغربية. وكانت قوات الاحتلال اعتقلت عددا من الفلسطينيين خلال اقتحامها فجر يوم الأربعاء لبلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك. ولم تسلم المقدسات الاسلامية هي الأخرى من تطاول الإحتلال إذ أقدم مستوطنون إسرائيليون بحرق مسجد بلدة "بيت فجار " جنوب بيت لحم بالضفة الغربية بداية الاسبوع الجاري مما أدى الى تضرر أجزاء كبيرة من المسجد جراء الحريق الأمر الذي من شأنه "توليد حربا دينية لن تقتصر فقط على الفلسطينيين إنما ستشمل كل المنطقة" حسب تصريحات عدة مسؤولين. وبإحراق هذا المسجد يكون المستوطنون قد أحرقوا 18 مسجدا كما أنهم دنسوا كتاب الله مما يدل على مدى تطرفهم. وأمام هذا التصعيد الإسرائيلي "اللامسبوق" قررت السلطة الفلسطينية تعليق المفاوضات المباشرة مع الجانب الإسرائيلي وأعلنت أنه لا مفاوضات طالما لم تعلن تمديدا لتجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية الذي إنتهى العمل به في 26 سبتمبر الماضي. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه سيتخذ قراره النهائي بشأن مصير المفاوضات المباشرة بعد اجتماع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية في مدينة سرت الليبية وسط ضغوط أمريكية على الجانبين لاستمرار المفاوضات التي بدأت في الثاني من الشهر الماضي.