أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء التابع للحكومة يوم الأحد أن معدل التغير السنوى لأسعار المستهلكين (التضخم) ارتفع خلال سبتمبر الماضى ليصل إلى 7ر11 % مقابل 11.5 % في أوت الماضي. ونقلت وسائل الاعلام المحلية عن رئيس الجهاز ابو بكر الجندي ان 95 في المائة من هذه الزيادة نابعة من ارتفاع أسعار الطعام والشراب وخاصة الطماطم تمثل "نصيبا كبيرا جدا من حجم سلة الغذاء الذى يتم الاعتماد عليها فى قياس التضخم السنوي". وكان وزير التنمية الاقتصادية عثمان محمد عثمان قد توقع ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى ما لا يقل عن 5ر 10 في المائة خلال العام الجاري. وعزا الوزير المصري ارتفاع نسبة التضخم إلى زيادة أسعار الخضراوات والفاكهة مع تأثر المحاصيل بموجة الحر في الفترة الماضية مما أدى إلى تراجع معدل الإنتاج منها. وفي ظل موجة انفلات أسعار الخضر والفواكه التي تعيشها الأسواق المصرية في الآونة الأخيرة والذي امتد إلى اللحوم والحبوب والزيوت عاد الجدل في بين الاوساط الاقتصادية في مصر بين الدعم العيني والنقدي. وكان وزير التنمية الاقتصادية قد أكد بأن نحو ثلث الأغنياء في مصر يحصلون على الدعم . وشدد على أن هناك حاجة ملحة لإعادة هيكلة نظام الدعم المطبق حاليا نظرا لضعف فاعليته في تقليل نسبة الفقر. وقدرت الإحصاءات أن نسبة الفقراء الذين يحصلون على الدعم بنحو 16 % فقط بينما تحصل أغنى شريحة من السكان على 28 % من هذه المخصصات علاوة على عدم التكافؤ في بنود إنفاق الدعم. وشاطر وزير المالية المصري يوسف بطرس غالي هذا الرأي مؤكدا أن نظام الدعم الحالي لا يتوجه للفقراء ولا يستفيد منه سوى 40% فقط من محدودي الدخل المستهدفين من برنامج الدعم مشيرا إلى أن ما بين 18 و20% من الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر. وذكرت صحيفة "الشروق الجديد " أن الحكومة تسعى منذ عدة أشهر إلى إصلاح منظومة الدعم بسبب تسرب نسبة كبيرة من مخصصاته إلى من لا يستحقونه بحسب رؤيتها . وقد وصلت هذه النسبة إلى 39% وفقا لآخر الإحصائيات وتعددت الاقتراحات ما بين الإبقاء على تقديم الدعم في صورة سلع ومنتجات كما يحدث في نظام البطاقات التموينية والخبز البلدي وبين إلغائه والاعتماد على الدعم النقدي إضافة إلى اقتراح ثالث بالخلط بين النوعين. وقد بدأت الحكومة مؤخرا في تطبيق تجريبي لبرنامج إضافي للدعم النقدي المشروط مؤكدة أنه لا يلغى النظام القديم إلا أن وزير التضامن الاجتماعي على مصيلحى أكد فى ورشة العمل أن هناك ضرورة لإصلاح النظام الحالي "أنه الوحيد الذي يعود إلى عهد الملك فؤاد الذي لم يتغير رغم التطورات الكبيرة في الحياة السياسية والاقتصادية المصرية". غير أن العديد من الخبراء الاقتصاديين يطالبون الحكومة بالتراجع عن الدعم النقدي في ظل انفلات الأسعارواجمعوا علي صعوبة تحويل دعم الخبز والسلع التموينية من عيني إلي نقدي وذلك بسبب عدم القدرة علي حصر المستفيدين الحقيقيين للدعم النقدي وتنوع فئاتهم وتباين المستوي المعيشي للأسر بين فترة وأخري. و أشار الخبير الاقتصادي شريف دلاور إلي أن خطوة رفع الدعم وتحويله لنقدي قد يتم تنفيذها في الفترة المقبلة بعد عشر سنوات علي الأقل بشرط أن تنجح الحكومة في تشكيل طبقة متوسطة عريضة قادرة علي العيش ورعاية أولادها ولها قدر من الرخاء والتعلم. "أسعار الغذاء زادت بنسبة كبيرة فى الفترة الأخيرة وتضاعف سعر الطماطم وحدها عدة مرات في بضعة أيام فكيف يكون الحال إذا حصلت الأسر على نقود وليس على سلع في مثل هذه الحالة" تقول أستاذة الاقتصاد بجامعة الأزهر كريمة كريم متوقعة ألا يلبى الدعم النقدي احتياجات الأسرة الأساسية في ظل معدلات التضخم الحالية. وقالت أن الدعم العيني يساهم في توفير الغذاء لشريحة كبيرة من المواطنين بغض النظر عن بعض السلبيات التي تعوق منظومة توزيع هذا الدعم مشيرة إلى أن الدراسات أكدت أن 80% من الخبز المدعم في القاهرة تصل لمستحقيها. والتحول من الدعم العيني إلى النقدي يعنى حسبها التوقف عن منح المواطنين سلعا مدعومة بكميات معينة حسب عدد أفراد الأسر كما يحدث حاليا بالنسبة للسلع التموينية والخبز في مقابل أن تمنح الحكومة المواطنين مبالغا مالية محددة شهريا أو كل شهرين لمساندتهم في تلبية احتياجاتهم. وشددت الخبيرة الاقتصادية سلوى العنترى من جهتها على الدور المهم للدعم العيني في توفير الغذاء للمصريين مستشهدة على ذلك بدراسة للمركز المصري للدراسات الاقتصادية التي أوضحت أن 40% من السعرات الحرارية التي يحصل عليها المصريون تأتى من السلع المدعمة وتساءلت "إلى أين ستصل هذه النسبة إذا تحولنا للدعم النقدي في ظل ارتفاع الأسعار ". وبالرغم من أن السلع التموينية توفر للمواطن 40% من السعرات الحرارية إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن 48% من الأطفال المصريين تحت ال8 سنوات من العمر يعانون مرض الأنيميا الذي ينتج عن سوء التغذية التي تؤدى أيضا لزيادة ظاهرة التقزم بين الأطفال المصريين عن المعدلات العالمية بنسبة 15% "فكيف سيكون هذا الوضع إذا تم التحول للدعم النقدي " أضافت الخبيرة العنترى. أما الخبير الاقتصادي مجدي صبحي فاعتبر أن تحويل الدعم العيني إلي نقدي مرتبط بقدرته علي تحقيق قدر من الثبات المعيشي بعد رفعه عن المواطنين . وأشار صبحي إلي أن الدعم بوضعه الحالي يستفيد منه المحتاج والمستحقون علي الأقل رغم أنه قد يصل لغيرهم أما النقدي فإن الوصول لمستحقيه قد يكون صعبا.