قَتَل ابن في الثلاثين، والدته في عقدها الخامس، بطعنات خنجر في الشارع أمام الملأ بالحراش، بعدما سحبها بالقوة من داخل البيت، بينما نجت شقيقة القاتل الوحيدة وشقيقه الأصغر بأعجوبة كبيرة، من تلك الحالة الهستيرية التي انتابته أول أمس، كنهاية لفترة نفسية يمرّ بها منذ أيام، لاحظها الجميع في محيط عمله وحيّه وعائلته· رواية الأسباب كالعادة عندما يتعلق الأمر بجريمة، تعددت، لكن المس بالجن والدفاع عن الشرف كانت أبرزها· (عمر· ب) شاب في الثلاثين من العمر، عامل بشركة نفطال بالحراش رفقة والده (فاروق· ب) (54 سنة)· إنسان خجول ومتواضع ويشهد له الجميع بحسن سيرته، وهو أيضا من الشباب الملتزم بصلواته في المسجد، ورغم تواضعه وبساطته التي كان يُفترض أن تبقيه بعيدا عن الأضواء، إلا أن هذه الخصال نفسها التي أخرجته إليها، حيث قتل والدته، أول أمس، بصورة بشعة يندى لها الجبين، في جريمة لم يفهم أصلها وفصلها أي أحد في الحراش بمن فيهم رجال الأمن الذين يحققون معه· منذ حوالي 15 يوما بالتقريب، لاحظ أصدقاء عمر في الحي ومحيطه في العمل، تغيرا في سلوكاته وتصرفاته، ويقول السيد (س· م) أحد أصدقاء والده، فاروق، أن ''عمر لا يفوّت أبدا إلقاء التحية أو السلام على الذين يمر بجانبهم من الأجانب ، فما بالك بأصدقاء والده''، لكنه في الفترة الأخيرة لما كان هؤلاء يلقون عليه التحية، يرد عليهم فقط بزحزحة كتفيه· التصرف غير الاعتيادي لعمر لوحظ كذلك في مقر عمله بنفطال· ''عمر أصلا شاب لا يهوى الاختلاط كثيرا بالعمال، إنه شخص كتوم ويحب كثيرا الانزواء قليل الكلام وخجول جدا ليس له أصدقاء بأتم معنى الكلمة في العمل''، يقول أحد زملائه الذين ينقلون معه قارورات غاز البوتان· على بعد مئات الأمتار من مصنع الغاز، يقع مقر سكن عمر المتاخم لحي بومعطي العتيق، حيث تجمع الأهل والأحباب يواسون بعضهم بعضا بفقدان الأم و الابن معا الموجود حاليا قيد التحقيق· لا يملك أي أحد من ذلك الجمع الكبير، تفسيرا لجريمة ابن راشد وعالي الخُلق، وميسور الحال الاجتماعي، على والدته التي كان الأقرب إليها من إخوته الستة، لقد أسرّ عمر لصديق له حسب أحد أصدقاء والده، قبل ثلاثة أيام أنه يرغب في أن يخضع للرقية، لكن صديقه لم يعر أي اهتمام لطلب عمر الذي ربما كان يستغيث نفسيا، إذ لم يُثر تغير سلوك الشاب عند بعض أصدقائه أي انتباه، إلى درجة أن صديقا آخرا له التقته ''الجزائر نيوز'' أمس، في تشييع الجنازة، أكد بأنه لم يلحظ أي إشارة على عمر تدل على أنه مقبل على جريمة بتلك البشاعة قبل ساعة من التقائهما، ''إذ ظننت أن ملامحه الاعتيادية التي طبعت وجهه منذ فترة لا توحي إلا بعادته التي دأب عليها كلما سألته عن انزعاجه فيُطمئنني بأنه بخير''، لم يصدق هذا الأخير بأن عمر قتل والدته فيما بعد· لقد دخل عمر يوم الأربعاء بيتهم العائلي وبيده خنجر متوجها مباشرة نحو شقيقته التي اجتازت العشرين من العمر بشهور، حسب المعلومات، لكن من حظها تدخلت والدتها لإنقاذها، فمن جراء الاشتباك أتى الخنجر على يد الشقيقة، بينما توجهت باقي الطعنات إلى الوالدة التي حاولت الدفاع عن ابنتها، ليسحب فيما بعد والدته إلى الشارع بالقوة بعد أن كانت رقبتها تنزف دما جراء طعنة طائشة، وهو يصيح ''حتى أنت ، إذن أنت معها''، كما لم تفد ضربات ودفاع الشقيق الأصغر في العائلة، الوالدة في شيء وواصل سحبه إياها من البيت إلى الشارع مواصلا طعنه لها إلى غاية أن افتكها من بين يديه المارة، إذ كان يردد عبارة ''إنها ساحرة·· إنها ساحرة'' حسب شهود عيان، وهي العبارة التي سمعها أيضا رجال الأمن الذين ألقوا عليه القبض·· لكن رواية أخرى تقول أن عمر أراد بتلك الجريمة أن يدافع عن شرف العائلة لكن دون أي دليل عما إذا كان ذلك الشرف قد لطخته الشقيقة الجريحة أم الوالدة المرحومة·· لقد بنيت الرواية الثانية حسب شهود عيان على العبارة التي كان يرددها وهو يسحب أمه إلى الشارع ''حتى أنت معها''، لكن بحكم القرب الكبير الذي كان بينه وبين أمه، لا تزيد هذه الرواية إلا غموضا للقصة·· آخر الأخبار إلى غاية أمس، والتي تلقفناها من فم والده خلال الجنازة وهو يتحدث إلى مقربيه أن ابنه ظل يضرب رأسه على الجدار لما اُبلغ بوفاة أمه·· مما يرجح أن عمر لم يكن واعيا تماما بما يفعل، حيث يؤكد مصدر أمني أنه سيحال على الخبرة الطبية قبل محاكمته بتهمة القتل العمدي والضرب والجرح مع سبق الإصرار والترصد ضد الأصول·