لا نعرف إلا الشيء القليل عن هذا الكاتب الكوبي رغم أنه أصدر ديوانا شعريا بعنوان ''كتاب الإغراءات'' الذي حصل بسببه على جائزة لويس سرنودا (1989)، كما أنه أصدر مجموعة قصصية بعنوان ''اللعب مع جلوريا''، له أيضا عدة مقالات حول الأدب الكوبي، وعدة أعمال مسرحية كانت سببا في تعرف جمهور بلاده عليه ومن بين هذه الأعمال الرائعة مسرحية ''الليل'' التي نالت جائزة ''تريسو دي مولينا'' التي حولت إلى عمل درامي 1994 عرض بقاعة صالة الميترو ببرشلونة بعنوان ''سانتا سيسليا'' (إحتفالا بممثلة يائسة) وهو عبارة عن مونولوج أدته فيفيان أكوستا، إعتبر صاحب العمل عمله هذا بمثابة الإفصاح عن الحلم بكوبا جديدة، ثم تحول هذا العمل إلى عمل تلفزيوني بعنوان ''الأشياء التي تركتها في هافانا'' إخراج جوتيرز أراجون Gutierez Aragon . قلما يلفت النقاد انتباه القراء حول أعمال كاتب مجهول، ربما لأن النقد لا يحتفي إلا بأصحاب الأعمال الكثيرة، إذا لم تخن الذاكرة، فإن الكاتبة الوحيدة التي شذت عن هذه القاعدة هي بياتريس مورا عندما تناولت، بالبحث، الرواية الأولى للويس لانديرو ''ألاعيب خريف العمر''، وأعادت الكرة بحماس أيضا عند تناولها للأعمال الأولى لهذا الكاتب· تعد الرواية الأولى هاته لاليبيو ايستفيس، والتي قضي سبع سنوات قبل أن ينجزها، مثالا حيا لخروج عمل ما من المحلية إلى العالمية، تعد مثالا حيا حول كيف للحياة اليومية وللتاريخ الاجتماعي والثقافي لبلد مثل كوبا أن يتحول إلى قضية من القضايا ذات صبغة عالمية نجح الكاتب في مهمته تلك بعد أن ألغى قرينة الزمان والمكان كي يعطي لعمله معنى معينا، لقد وفق في غايته هاته بعد أن عرف كيف يمزج الفنتازيا بالواقع بشكل رائع· ''مملكتك أنت'' هو عبارة عن محاولة لاستعاده الذاكرة الشخصية، عند نهاية الرواية يدرك سباستيان الطفل ذو الأربعة عشر ربيعا عالم الجزيرة، سيعلم أنه يعيش في منطقة قريبة من العاصمة هافانا حيث للقرب وللبعد معنى خاصا، سيعلم أنه يعيش بمنطقة مليئة بالأشجار، الأشخاص، الأصوات والحكايات المذهلة، من خلال هذا الفضاء الرمزي الذي تجرى فيه الأحداث، أي خلال آخر ثلاثة أشهر من سنة 1958 إلى غاية سقوط باتيستا ووصول ''المتلحين'' إلى الحكم، نكتشف ملاحم هذا الشعب، نكتشف أيضا هوسه، شكوكه الميتافزيقية، تساؤلاته حول هويته الكوبية، إفتتانه بالبحر، رغبته في الخروج، التساؤل المتجدد حول معنى الموت (ص 232) كل هذه الأمور تم تناولها من زاوية السخرية بنظرة نقدية، من على بعد مسافة معينة، في الأخير يمكن النظر إلى هذا العمل على أنه تشخيص لحالة خوف لا تنتهي حيث لا يهم الانسان بقدر ما تهم الأفكار (ص 296) يقول في صفحة (301) معبرا عما أسلفنا ذكره ''سيقوم الملك الأحمر (·····) بقطع رؤوسنا كي نعيش بشكل أفضل، يحتوي النص على مقاطع حيث تظهر أصوات تطالب بالكلمة، ثم تختفي، ثم تظهر مرة أخرى حيث يستعمل أصحابها أقنعة لا يمكن الاستغناء عنها·· ما انفك الكاتب يغازل القارئ، ملفتا انتباهه للدور الذي تلعبه تلك الشخصيات حول تطور الأحداث حاضرا ومستقبلا· الشيء الذي يجب أن نفهمه حيال المسافة التي اتخذها ابيليو إستفيس تجاه نصفه هو أن الخيال يشكل وحدة واضحة في العمل، نلاحظ أيضا الضرورة الملحة لعملية القص، حيث أن الواقع يعيق الإنسان على العيش إنطلاقا من أصله الذي لم يكن في البدء سوى كلمة· نلاحظ منذ الصفحات الأولى أن هناك ضغط حيث أن الطبيعة في حالة غليان مستمرة لدرجة تجعلنا نشعر بأن العالم يوشك على الإنتهاء، وأن شيئا مهما سيحدث لاحقا. إن زمن المخلوقات العجيبة قد بدأ حيث ظهور الملاح الشاب الطويل السامق والجريح الملقب بشهرزاد، إنه زمن التحولات، النبؤات كما أعلنت عنها كسندرا العارية التي يصفها الكل بالجنون، ''حلت اللعنة على الجزيرة المدينة، الكون (···) ستصبح مملكة البغض (···) الكل سيفر (···) سنقع كلنا في العبثية، المجنون هو من يقول الحقيقة (ص 102)، إنه زمن رديء على كل حال ''إنها فترة الإستحفاف، الإستهتار المزايدة، غياب الذوق في عصرنا هذا· يدير إستيفس شخوصه بمهارة فائقة حيث يقص حكايات وأحلام، يصف أجواء وعادات وتقاليد، يشيد بجمال الجسد وبنزق ممارسة الحب، يفكر حول الثقافة والأدب، حول السينما حيث يستعمل أسلوبا ملائما لكل وضعية· يقول ''أن الخيال أهم وأعظم من الواقع''، ربما لهذا يفكر أشخاص العمل فيما يجب أن يكون وليس فيما هو كائن، لهذا يرغبون في الحلم، يستعمل الكاتب للتعبير عن كل هذا لغة ملائمة حيث الريتم يتماشى والريتم الموسيقي· إن هذا العمل حول كوبا ما قبل الثورة كان يجب أن يتبعه آخر يتناول المرحلة الكاسترية (نسبة إلى كاسترو) المرسوم ب ''مملكتك أنت'' حيث نجد كل شيء مميز، عمل طموح، تفكير معقد، نظرة إلى العالم شديدة الخصوصية، أسلوب ملائم لتويع كل هذا على الورق، أي أننا إزاء عمل يزيل القناع من على أوهام معقدة، إنه عبارة عن رسالة واضحة ضد الفكر العمومي الذي استشرى في كوبا بالقدر الذي استشرى فيه بكتالونيا المعزولة يقول في (ص 245) ''الإنسان هو المخلوق الوحيد المسؤول عن أفعاله، عن مصيره''. رغم عالمية هذا النص، إلا أن الروح الكوبية تميزه بشكل واضح، إنه عبارة عن تقليد أدبي غني (كوبي، عالمي، على الطريقة الفلوبرية (نسبة لفلوبير flaubert والبروستية (نسبة لبروست وللزاما ليما· يقول في الصفحة (303) إلهي متى أتحول إلى شخصية العمل، إنها الوسيلة الوحيدة كي أعيش بعمق، أعيش حياة مليئة بالآفاق والخيال''· ''أحكي كي أعيش أو أنقذ حياتي لكي أستمر في العيش، هل يمكن أن نصيغ رغباتنا على طريقة سرفانتس؟''