قسنطيني الذي أكد أنه ضمن مجموعة المقترحات التي رفعتها هيئته إلى رئيس الجمهورية في تقريرها الأخير، وتحديدا تلك المتعلقة باقتراح تعديلات في مواد قانون الأسرة، وشق الزواج بالنسبة للمرأة، مطالبا فيها بإسقاط ركن الولي من عقد الزواج بالنسبة للمرأة، الذي لطالما كان أحد المطالب الأساسية بالنسبة لمجموعة من الفاعلين في المجتمع المدني من جمعيات وحركات نسوية وحتى بعض الأحزاب السياسية ذات التوجه العلماني، التي تنظر إلى الأمر من جانب أهلية المرأة القانونية وحريتها في اتخاذ القرارات المصيرية التي تخصها· وبهذا، فإنه من المتوقع أن تعود موجة السجال التي انخرط فيها كل الجزائريين على اختلاف مشاربهم في وقت سابق، في حال شعورهم أن الأمر سيؤخذ بجدية من قبل الرئيس، على اعتبار الأهمية التي تكتسي هذا الشرط في الدين الإسلامي ''والذي هو دستوريا دين الدولة'' الذي يجعل من غياب ركن الولي أمرا مفسدا للزواج، كما أن هذا الشرط يكتسي قداسة خاصة من الناحية الاجتماعية، حيث يذهب معظم الجزائريين إلى أبعد الحدود في الارتباط بوجود الولي في هذا العقد، لأن قبوله بالزوج يعد أساسيا وفق النظام الاجتماعي التقليدي الذي يعتمده معظم الجزائريين في تسيير يومياتهم وشبكاتهم العلاقاتية، التي ستجعل من هذا الزواج مستقبلا جزءا من هذه الشبكة، باعتبار أنه سيصبح فردا من العائلة، ذلك أن المجتمع الجزائري ما زال مرتبطا بالنظام التقليدي المحافظ ولم ينتقل إلى الحياة الحداثية بالمعنى الشامل الذي يجعل من حياة الأفراد أمرا مستقلا عن الكل ويجعل للخصوصية المطلقة قداستها، وذلك لأسباب كثيرة، ولهذا كان الأمر قد استفز الكثير من طبقات المجتمع المحافظ وممثلي التيارات الجمعاوية الإسلامية بشكل خاص، في العام ,2005 حيث اعتبر هؤلاء ''التيار الإسلامي'' أن في الأمر مساسا بالمقومات الأساسية للدولة والمجتمع. ورغم هذا، فإن التعديل الذي تم على بعض مواد قانون الأسرة آخر مرة كان قد حسم الأمر، وقلص من سلطة الولي ولو بطريقة غير مباشرة، ولهذا فإن مطالبة قسنطيني بجعل دور الولي شرفيا تعد أمرا محيرا لأنها في الواقع كذلك، حيث جاء في المادة 9 من قانون الأسرة المعدل بأمر رقم 05- 02 المؤرخ في 27 فيفري ,2005 ''ينعقد الزواج بتبادل رضا الزوجين''، مع العلم أن هذه المادة كانت في قانون 1984 كما يلي ''يتم عقد الزواج، برضا الزوجين، وبولي الزوجة، وشاهدين وصداق''، وفي المادة 9 مكرر يدخل الولي ضمن ''الشروط التي يجب أن تتوفر في عقد الزواج''· ولهذا ظل اللبس قائما، خصوصا وأن المادة 11 تجعل من صفته اختيارية حسب رغبة المرأة ''تعقد المرأة الراشدة زواجها بحضور وليها وهو أبوها أو أحد أقاربها أو أي شخص آخر تختاره'' وفي هذه الحالة قد تختار جارها أو أحد أصدقائها··· وتذهب المادة 13 من نفس القانون إلى النزع غير المباشر للسلطة، حيث ''لا يجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبر القاصرة التي هي في ولايته على الزواج، ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها''، وإذا كان الأمر هكذا بالنسبة إلى القاصرة، فكيف يكون بالنسبة إلى المرأة الراشدة التي تستطيع عقد زواجها بحضور ولي هي تقوم باختياره؟