جاء، أول أمس، ومن خلال مجريات الدورة الخامسة لمهرجان المسرح المحترف، دور المسرح الوطني الجزائري الذي قدم للحضور مسرحية ''نزهة في الغضب'' التي أخرجها للمسرح الوطني الجزائري المخرج جمال قرمي، والتي اختيرت لتمثل المسرح الوطني في المنافسة الرسمية فيه· تعد مسرحية ''نزهة في الغضب'' من اقتباس نبيل عسلي من نصين عالميين هما ''نزهة في الجبهة'' ليوجين يونسكو وسيناريو فيلم ''الغضب'' للكاتب المسرحي الكبير فرناندو أرابيل، والذي حاول المؤلف الشاب جمعهما في نص واحد تجمع بحد ذاتها حكايتي النصين السابقين، والذي أثمر تلك المسرحية التي جسدها على الركح مجموعة من الشباب تخرج معظمهم من معهد الفنون الدرامية أمثال: نبيل عسلي، ياسمين عبد المومن، عديلة بن دمراد، عديلة سوالم وكذا كل من وسيلة عريج وعيسى شواط ومحمد بن داود وخليل عون وجعفر بن حليلو··· تروي المسرحية ثلاث قصص تتداخل فيما بينها في أخبار الحرب والحب التي تجمعها، لكن في نفس الوقت هي بعيدة كلية في الزمان والمكان· ومن أجل تجسيد هذه الفكرة قسمت المنصة إلى ثلاثة أجزاء، صوّر في الجزء الأول قصة الزوجين اللذين تزوج كل واحد منهما الآخر من أجل المصلحة، المرأة تزوجت الرجل بسبب ثقافته الواسعة وتعليمه، والرجل تزوج المرأة الشابة فقط من أجل أموال والدها التي يبدو أنه تحصل عليها من بيع المخدرات· من جانب آخر، فقد صوّرت المسرحية قصة الجنديين (المخنث والأبله) اللذان يجدان نفسيهما في جبهة قتال دون أن يعرف أي واحد منهما لماذا يحارب بالضبط، وهنا تتداخل كل الأحاسيس الشجاعة والعنف والنذالة والخوف··· أما الفضاء الثالث، فقد كان مخصصا لتلك الإعلامية التي لا تنقل إلا أخبار الحرب والدمار، والتي تكون دائما في حالة تأهب للبحث عن الإثارة والسبق· المسرحية، ورغم اللغة العامية المهذبة التي كتبت بها، إلا أنها حملت، وبطريقة عفوية، مجموعة من القيم الرمزية المليئة بالتناقضات من خلال مشهد الزوجين اللذان يحاول كل واحد منهما إرضاء الآخر بالماديات، الحرب التي لا تعترف بأي شيء وتجنيدها لكل من يستطيع حمل السلاح بدون معرفة الأسباب ولا المطلوب فعله· من جانب آخر، كانت السينوغرافيا التي أنجزها مبروك بدري، والتي اقتصرت فقط على صناديق هدايا جميلة من جانب الزوجين ومحترقة ووسخة من جانب الحرب، معبّرة عن مدلولات النص، خاصة الموسيقى المتنوعة التي صاحبت العرض الذي أضاف بعض الفرجه لها·