كل المعطيات كانت توحي بإقصاء مبكر ل ''الزرق'' من مونديال جنوب إفريقيا، أو على الأقل هكذا علق الخبراء الرياضيون على الأداء الفرنسي الذي فاق كل التوقعات في تخييب الآمال ·· فبعدما كان مرشحا لبلوغ الدور النصف النهائي وجد نفسه يخرج من الباب الضيق على يد فريق قيل عنه أنه يشارك لمجرد رمزية المشاركة، على اعتبار أنه فريق البلد المستضيف· وحسب المعلقين ومتتبعي الشأن الكروي الفرنسي، فإن ما يحدث لم يكن سوى نتيجة حتمية لأحداث سبق أن تراكمت، وكان من الممكن أن تدق ناقوس الخطر للقائمين على الإتحادية الفرنسية لكرة القدم، في محاولة لتجاوز الأزمات، غير أن التغاضي عن تلك الأحداث سرع وتيرة السقوط الحر الذي وجد المنتخب الفرنسي نفسه فيه· وبداية الأحداث المتراكمة، حسب الصحف والخبراء الفرنسيين أنفسهم، طغيان النزعة الفردية الطامحة للشهرة والنجومية· فقد تحول نجوم ''الزرق'' في فترة قصيرة لنجوم الصحف الصفراء بعدما تحولوا إلى ماكنات لصنع المال يتم شراؤهم وبيعهم من منتخب لآخر بأثمان خيالية ·· ولعل القضية الأخلاقية التي وجد فيها عدد من نجوم المنتخب الفرنسي أنفسهم في خضمها والتي أسالت الكثير من الحبر، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، على اعتبار أنها كشفت عن نمط حياة لنجوم المنتخب بعيد كل البعد عن الصرامة والقيم الأخلاقية، وهو ما تأكد بعدما فجرت جريدة ''ليكيب'' الرياضية الواسعة الانتشار خبر الشتائم النابية التي أطلقها اللاعب الدولي نيكولا أنيلكا، المثير أنه في الوقت الذي كان الكل يعتقد أن المنتخب الفرنسي سيقوم بنبذ مثل هذا السلوك، حدث العكس وسط دهشة عارمة، فقد أحجم اللاعبون على إجراء الحصص التدريبية إحتجاجا على طرد أنيلكا، وهي سابقة في الملاعب في المنافسات الدولية، على اعتبار أن اللاعبين لم يفكروا في تشريف والدفاع عن فرص منتخبهم في المونديال أمام العالم· هذا التصرف الذي أثار حفيظة الفرنسيين حيث عبروا عنسخطهم من اللاعبين الذين لم يقدروا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم· سلسلة الفضائح على مرأى وسائل الإعلام العالمية بلغت مبنى الرئاسة، حيث طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بفتح تحقيق عاجل فور عودة البعثة إلى فرنسا، معبرا عن استيائه الشديد للأزمة التي فضحت الفرنسيين عبر العالم· مع العلم أنه طالب الوزراء المعنيين باتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد للمهزلة الحاصلة في البيت الكروي الفرنسي· وكانت وزيرة الرياضة الفرنسية روزلين باشلو قد أشارت إلى أن نتيجة المباراة أمام جنوب إفريقيا كانت كارثية، مؤكدة أنه ستكون هناك عواقب لتدارك الموقف وإنقاذ سمعة كرة القدم الفرنسية· في الوقت الذي أبدى فيه نجم الثمانينيات الفرنسي، جان بيير بابان استيائه من الوضع الذي بلغته الكرة الفرنسية، مشيرا إلى أن اللاعبين الحاليين في الفريق أضحوكة· ------------------------------------------------------------------------ حين يفقد دومنيك أعصابه ولباقته فاقم موقف مدرب المنتخب الفرنسي من خطورة الفضيحة الأخلاقية التي يتخبط فيها ''الزرق''، حيث وجدت التعليقات سببا آخرا للتأكيد على غياب الروح الرياضية والسمو الأخلاقي في صفوف الفريق الفرنسي بداية من المدرب، بعدما رفض دومينيك مصافحة نظيره البرازيلي كارلوس ألبرتو باريرا مدرب جنوب إفريقيا بعد المباراة التي جمعت الفريقين، إذ بمجرد إطلاق الحكم صافرته النهائية، توجه باريرا لمصافحة دومينيك لكن الأخير رفض ذلك، وحاول البرازيلي معرفة الأسباب وتبادلا الحديث لنحو دقيقة قبل أن يفترقا· ورفض دومينيك في المؤتمر الصحافي الذي تلا المباراة الرد مرتين على سؤال يتعلق بهذه الحادثة، في الوقت الذي أكد فيه مدرب جنوب إفريقيا أن المدرب الفرنسي برر موقفه له خلال حديثه معه بالإنتقادات التي وجهها مدرب ''البافانا بافانا'' الخاصة بأداء المنتخب الفرنسي، مشيرا في سياق إجابته أن ما قام به كان مجرد تحليل وعرض لموقفه الشخصي كمدرب لفريق ''الزرق'' بعدما طرح عليه سؤال توقعاته بخصوص المقابلة مع فرنسا· ------------------------------------------------------------------------ محاولة توريط زيدان المثير في فضيحة المشاركة المونديالية الفرنسية أن الإعلام والقائمين علي القطاع وجدوا أنفسهم في دوامة بعد الدخول في متاهة البحث عن السبب، فقد كثرت الاتهامات للمسؤولين عن خيبة الأمل الفرنسية، وهناك من حاول تعليق شمعة الفشل الذريع على النجم زين الدين زيدان حيث تم ترويج إشاعات حول وقوفه وراء تحريض لاعبي المنتخب على التمرد وعصيان الأوامر والإنقلاب على المدرب ريمون دومينيك· فما كان من قائد فرنسا المونديالي المعتزل إلا التعبير عن حزنه الشديد لإدراج إسمه في مثل هذه المهاترات، وقال زيدان في تصريحات للصحفيين ''الجميع يعرف شخصيتي جيدا منذ كنت لاعبا، فلم يسبق لي أن حكمت على مستوى أي لاعب، ولم أطالب أبدا بإشراك لاعب أو منع آخر، حتى بعد اعتزالي اللعب''· وأكد زيدان المستشار الحالي لفلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد، أنه ليس على خلاف، مطلقا مع دومينيك، ولم يكن أي عداء معه، وأنه كان يحترم قراراته تماما· وبخصوص واقعة طرد لاعب الوسط نيكولا أنيلكا بعد سبه لدومينيك، قال زيدان ''بالطبع أرفض التصرف الذي ارتكبه أنيلكا، ولكنها أمور تحدث دائما للاعبي الكرة، وما أرفضه هو تصعيد الأمر إعلاميا بهذه الطريقة التي مست بسمعة فرنسا، فكان يمكن أن يبقى الأمر سريا بين المدرب ولاعبيه''· ------------------------------------------------------------------------ تيري هنري ·· الخاسر الأكبر يبدو أن الخيبة التي يعيشها المنتخب الفرنسي بعد سلسلة المشاكل والفضائح الأخلاقية وخروجه المبكر والمذل من مونديال جنوب إفريقيا لها طعم أكثر مرارة بالنسبة لتيري هنري، اللاعب الذي حطم أرقاماً قياسية عديدة في صفوف أرسنال أبرزها لقب أفضل الهدافين التاريخيين للنادي العريق بتسجيله 214 هدفاً، قبل أن يقرر الانتقال إلى صفوف برشلونة الإسباني صيف ,2007 كما أبدع هنري أيضاً مع المنتخب الفرنسي وأصبح من أبرز الهدافين، وكان له شرف إحراز لقب كأس العالم 1998 في البطولة التي أقيمت في الديار الفرنسية ثم توج مع ''الديكة'' بلقب بطولة أمم أوروبا .2000 غير أن هذه الإنجازات الثمينة لن تشفع له مع خروج المنتخب الفرنسي من الباب الضيق من هذا المونديال، فقد أكد في تصريحاته في بداية المنافسة أنه وبالرغم من صعوبة المهمة إلا أنه كان واثقا من أداء المنتخب الفرنسي وتحقيق مفاجأة سارة تبقى أغلى ذكرى في نهاية مشاركته في المونديال، والأهم يؤكد للعالم أن فرنسا لم تسرق التأهل من إيرلندا بعد لمسة يده المشؤومة، لكن كل تلك الأحلام ضاعت بضياع فرص التأهل للدور الثاني على يد ''البافانا بافانا''، وليتأكد لتيري هنري أن ختام مشواره الكروي لن يكون بالبياض الذي حققه في السابق· ------------------------------------------------------------------------ هل ينقذ لوران بلان الديكة؟ في الوقت الذي تواصل فيه الصحافة والساحة الاعلامية والسياسية والشارع الفرنسي الحديث عن فضائح وأزمة فريق كرة القدم الفرنسي، تتجه الأنظار إلى المدرب لوران بلان الذي ينتظر منه إعادة ترتيب ''خم الديكة''، الذي بلغ درجة من الفوضى واللاسيطرة جعلته في نظر الكثيرين فريقا بحاجة لإعادة بناء ·· مع التأكيد على جزء كبير من الفرنسيين يطالبون بطرد كل أعضاء الفريق، لاعبين وطاقم تقني وإعادة البناء من جديد بنفس وروح جديدين· وقد كان الإتحاد الفرنسي أعلن في وقت سابق أن مدافع المنتخب الوطني السابق لوران بلان سيخلف ريمون دومينيك في تدريب الفريق الوطنى عقب بطولة كأس العالم بجنوب إفريقيا· وكان، بلان، أعلن تنحيه عن منصبه كمدرب لبوردو الذي قاده للفوز بلقب الدوري الفرنسي، وخلال مشواره كلاعب الذي امتد لقرابة 20 عاما، لعب بلان 97 مباراة دولية مع منتخب فرنسا وسجل 16 هدفا لبلاده· كما لعب لعدد من أبرز الأندية الأوروبية مثل برشلونة الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي ومانشستر يونايتد الإنجليزي· فهل ينجح اللاعب الدولي السابق والمدرب الجديد في هذه المهمة التي تبدو ليست صعبة فقط، بل تكاد تقارب الاستحالة بالنظر للكم المتراكم من المشكلات، في إنقاذ ما تبقى من سمعة ''الديكة الزرقاء''؟ ------------------------------------------------------------------------ الصحافة الفرنسية ''تنتف'' ما تبقى من ريش ''الديكة'' عادت الصحف الفرنسية للحديث عن الخروج المبكر والمخزي لفريق الديكة من مونديال جنوب إفريقيا، بعدما لم يكتف الفريق الفرنسي بخسارة مباريات توقع لهم فيها الخبراء الفوز السهل على خصوم لم يكونوا بالقوة التي تقف أمام منتخب لغاية فترة قصيرة مضت كان يحلم بلعب الأدورا النصف النهائية ·· والحال أن الصحافة الفرنسية قضت على الريش المنتوف ل ''الزرق'' بعدما انهالت عليهم بأوصاف كانت بدايتها: الغرور، الغباء، الجهل وانعدام الأخلاق لتصل إلى درجة اعتبارهم مرتزقة ينحصر تفكيرهم في المال دون التفكير في تشريف الألوان الوطنية الفرنسية· ''ليبيراسيون'': ''الويل للمهزومين'' ''بعد كل شيء فشل هذا الفريق فشلا ذريعا بعد تأهله المغشوش ·· نادرا ما قوبلت الهزيمة بهذا الارتياح الكبير، كان من الأفضل لو لم يذهب الفرنسيون إلى جنوب إفريقيا''· ''جورنال دو هوت مارن'': ''عصابة الأغبياء لم تشرف قميص فرنسا'' ''بدلا من تحقيق النتائج على أرض الملعب، حقق لاعبو منتخب فرنسا بطولة كبيرة: لقد أصبحوا أضحوكة العالم، بعثة الفريق، المسؤولين، المدرب وعصابة الأغبياء الذين لم يشرفوا قميص بلدنا وتركوا وراءهم حقل خراب''· ''ليكيب'': ''نهاية العالم'' ''الإستفزاز هو فن ماكر وذكي بدون أي شك، إلا عندما يكون ملطخا بالإستكبار والغطرسة، لا بد التوقف عن القصور الذاتي لاتحاد تخطاه الزمن وأن تتوصل الحكومة لحل يفضي ليكون الاتحاد بين أيدي دمى· إن الفشل هو في المقام الأول قصة نجوم يملكون الملايين وأعمارهم بين 24 و25 سنة (···) شباب يغزوهم الغرور، النزعة الفردية للنجوم، إن اللاعبين الرديئين على أرض الملعب أفسدهم المال وتربوا بدون قيم، احترام أو تعليم''· ''لا شارانت ليبر'': ''دومنيك المسؤول الأول'' ''المدرب هو المسؤول الأول عن هذا الإخفاق· لكن رئيس الاتحاد الفرنسي وأمثاله أضافوا الغرور إلى الجبن''·