أصبحت الجامعات الصيفية التي تنظمها مختلف التنظيمات الطلابية محل جدل في كل سنة بسبب الانحراف الذي عرفته هذه الجامعات عن هدفها الأساسي، وذلك باعتراف وشهادات العديد من ممثلي التنظيمات الطلابية، بتحوّلها إلى مخيمات صيفية للترفيه فقط، وتسجيل حالات غير أخلاقية، وهو ما دفع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ممثلة في الديوان الوطني للخدمات الجامعية بإصدار تعليمة تنظم وتضبط كيفية تنظيم هذه الجامعات· الجامعة الصيفية في مفهومها العام والأساسي هو تنمية المعارف الفكرية التي هي خارج مجال تكوين الطالب في شتى المجالات السياسية، الاقتصادية، الثقافية··· إضافة إلى تنوير رأي الطالب في القضايا العادلة في العالم، وكذا القضايا الخاصة بعالم الشغل، وأمور تنظيمية خاصة بالتنظيم الطلابي في حد ذاته، هذا المفهوم المتعارف لدى الجميع، الذي من أجله أصبحت تنظم هذه الجامعات الصيفية، لكن مؤخرا وفي السنوات القليلة الأخيرة عرف هذا التعريف منحنى آخر ، حيث أصبحت وبشهادة العديد من ممثلي الطلبة والطلبة أنفسهم الذين شاركوا في هذه الجامعات أنها أصبحت عبارة عن مخيمات صيفية للترفيه فقط، وللسهرات والحفلات، حيث رفع العديد من ممثلي التنظيمات الطلابية وبعض الطلبة المشاركين في الجامعات تقارير حول تجاوزات تحدث بالجامعات الصيفية وصفها البعض بالمخيمات الصيفية التي تأخذ أبعادا غير أخلاقية بعيدا عن أعين رقابة الوزارة الوصية، الأمر الذي لم يفنده أي من رؤساء التنظيمات الطلابية، حيث يتم فعلا تسجيل حالات لتجاوزات غير أخلاقية تحدث في الجامعات الصيفية، لكن هذا لا يعني أن الجامعة الصيفية لا يجب الترفيه فيها بل من حق الطلبة التمتع والتعرّف على المناطق الساحلية للبلاد، خاصة بالنسبة لطلبة الجنوب، لكن في حدود ما ينص عليه القانون، واحترام الأخلاق، وعدم التعدي عليها· ولهذا السبب، ومن أجل الحفاظ على المغزى الأساسي من تنظيم جامعات صيفية للطلبة، عملت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على سن مجموعة من القوانين لتنظيمها، حيث تقوم الوصاية بتمويل التنظيمات وضمان الإيواء والأكل لكافة المشاركين، لكن النقل يتكفل به التنظيم، والتعليمة التي أصدرتها في شكل معاهدة يمضي بموجبها رؤساء التنظيمات الطلابية جملة من القوانين الجديدة على رأسها عدم الاختلاط بين المشاركين داخل الأحياء الجامعية وتحديد عددهم ب 500 مشارك، وأن يكون الجميع من الطلبة الجامعيين، خير دليل على محاولة إعادة دور وهدف الجامعة الصيفية إلى مبدئها الأساسي الذي أنشئت من أجله. هذه التعليمة هناك بعض التنظيمات باركتها وثمنتها، وهناك من اعتبرتها تقييدا لحرية الطلبة، الذين من المفترض أن يتمتعوا بهذه العطلة، حسب اعتقادهم· 300 إلى 600 مليون تكاليف الجامعة الصيفية لكل تنظيم طلابي تنحصر القيمة المالية لتكاليف الجامعة الصيفية التي تنظمها التنظيمات الطلابية مابين 300 إلى 600 مليون تصرف سنويا على كل تنظيم طلابي تمنح له موافقة رسمية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتنظيم جامعة صيفية، حيث يتولى الديوان الوطني للخدمات الجامعية مراسلة مديريات الخدمات الجامعية التي تحتضن الطلبة المشاركين دون أن يتدخل الديوان في تحديد قيمة الاشتراكات التي يفرضها الأمناء العامون للتنظيمات الطلابية على الطلبة المشتركين، حيث تخضع هذه العملية إلى منطق ''البزنسة'' والتنافس في تحصيل أكبر قيمة من الأموال في ظل غياب المراقبة والمتابعة· أفادت مصادر مطلعة ل ''الجزائر نيوز'' أن تكاليف الجامعة الصيفية تقدر ما بين 300 مليون، تتوزع هذه القيمة المالية على خدمة الإطعام والنشاطات الثقافية والترفيهية التي تنظم خلال أيام الجامعة الصيفية لصالح الفنانين والموسيقيين والجوائز التي تقدم للطلبة خلال المسابقات الفكرية التي تنظم في غضونها، حيث يحصر عدد الطلبة المستفيدين في كل تنظيم ب 500 طالب في الوقت الذي يفوق فيه العدد الإجمالي للتنظيمات الطلابية المتواجدة في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي العشر تنظيمات، وأضاف المصدر ذاته أن غياب رقابة ومتابعة الديوان الوطني للخدمات الجامعية للاشتراكات المالية التي يتولى الأمناء العامون ورؤساء التنظيمات الطلابية تحديد قيمتها يحوّل الجامعة الصيفية إلى موسم ''لجني الأرباح''، حيث تصل أحيانا قيمة بعض الاشتراكات إلى 5000 دج كأقصى نسبة اشتراك تليها نسب أقل تتراوح ما بين 500 و800 دج يتحكم في تحديدها أمناء ورؤساء التنظيمات أثناء فترة التحضير لعقد الجامعة عن طريق التنسيق مع المكاتب الولائية التابعة لهم، وهو ما يعني سقوط الأهداف الرئيسية للجامعة الصيفية وتحويلها إلى وسيلة لجمع الأموال، واستدل في حديثه عن ذلك بالتوجه بإسقاط شرط حمل صفة الطالب للمشاركة وفتحها لغير المنتمين للوسط الطلابي، ما يؤدي إلى حدوث صدامات وتجاوزات بالجامعات الصيفية بعد أن تتحوّل إلى مخيمات ترفيهية على حساب الورشات العلمية التي يفترض أن تدرج في الجامعة الصيفية بحكم أنها فضاء لتقديم تكويني نوعي للطالب، غير أن الوضع الحالي، حسب شهادات بعض المشاركين فيها يعكس صورة سلبية عن تراجع مستوى الجامعة الصيفية وحيادها عن المسار التكويني الذي يرقى بمستوى الطالب، وجدت من أجلها بعد أن تحوّلت إلى مخيمات ترفيهية لا يخرج منها المشارك إلا بتقارير سلبية دون أدنى قيمة مضافة. وعلى العكس ذلك، فإن التعهد أو الالتزام الذي تبناه الديوان الوطني للخدمات الجامعية بقي مجرد حبر على ورق بسبب غياب الدور الرقابي للديوان· وفي سياق متصل، تجد التنظيمات الطلابية التي تشهد حاليا انشقاقات داخلية على رأسها الإتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية صعوبة في الحصول على موافقة رسمية من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتنظيم الجامعة الصيفية بحكم عدم حيازة الجناح المنشق التابع للطاهر قايس اعتمادا من وزارة الداخلية، بينما ساهم ضعف التنسيق بين أعضاء المكتب التنفيذي للإتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، حسب أعضاء من التنظيم، في عدم الفصل في قرار تنظيم جامعة صيفية خاصة بالإتحاد من عدمها· تصريحات علي بلعلام (الأمين العام للرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين): الجامعة الصيفية تكوّن وترفّه على الطالب في آن واحد الواقع أن كل تنظيم يتحمّل مسؤولة كيفية تنظيم جامعته الصيفية، وما يحدث فيها، فالرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين مسؤولة عن ما حدث في الجامعة التي نظمت مؤخرا في ولاية جيجل، والتي ناقشت عدة قضايا ومسائل بيداغوجية واجتماعية، إضافة إلى تنظيم محطات ثقافية، وسهرات فنية للطلبة المشاركين، فالجامعة الصيفية أنشئت لتكوين والترفيه عن الطلبة في آن واحد· وعلى الرغم من أن وزارة التعليم العالي أصدرت تعليمة تمنع فيها عدم الاختلاط في الإقامات الجامعية وتحديد عدد المشاركين، هو أمر تنظيمي نحن نثمنه ، وقد وافقنا عليه من أجل الحفاظ على دور الجامعة· مصطفى نواسة (الأمين العام للإتحاد العام الطلابي الحر): إبعاد الجامعة الصيفية عن منطقة الوسط وغياب مراقبة ومتابعة البرامج حوّلها إلى مخيمات ترفيهية ''تراجع مستوى الجامعة الصيفية ولم يعد مثلما كان عليه سابقا، حيث من المفترض أن تكون فضاء تكوينيا وتثقيفيا للطالب، لكنها تحوّلت إلى مخيمات ترفيهية والسبب الرئيسي في ذلك هو أن الديوان الوطني للخدمات الجامعية لا يسمح بعقدها في المناطق الوسطى، لذا يتم توجيه التنظيمات إلى المناطق الداخلية، وهنا نسجل عزوف الأساتذة المحاضرين عن الالتحاق بها، وهي من ضمن العوامل التي تساعد على التقليل من أهمية الجامعة الصيفية، وهذا يعني أن الأساتذة المحاضرين يعتذرون عن الالتحاق بالجامعة الصيفية· أما فيما يتعلق بالعهد الذي نلزم بالتوقيع عليه، فهو اتفاق معنوي يتضمن بنودا عامة في حقيقة الآمر نرفضه لأنه لا ينفع في شيء، فقد طالبا في أكثر من مرة بتشكيل لجنة تختص بمراقبة برامج الجامعة الصيفية ومتابعتها، وتحجج الديوان الوطني للخدمات الجامعية بتقليص الخدمات والاقتصار على توفير الإيواء بتراكم الديون، فإن تكاليف الجامعة الصيفية لا يمكن أن تكون سببا في تراكم الديون، لأن قيمة الوجبة التي تقدم للطالب لا تتعدى 140دج وإنما تراكمها راجع إلى سوء تسيير بالديوان الوطني للخدمات الجامعية''· منذر بوذن (رئيس الإتحاد العام للطلبة الجزائريين): لا يمكن أن ننكر تغليب الجانب الترفيهي للجامعة الصيفية الذي حطّ من قيمتها ''فقدت الجامعة الصيفية للتنظيمات الطلابية قيمتها ولم تعد تحقق الأهداف الحقيقية التي تنظم من أجلها، هي حقيقة لا يمكن إنكارها، فالجامعة الصيفية هي تكوين نقابي، ثقافي وعلمي ممزوج بنوع من الترفيه يستفيد منه الطالب، ونحاول حاليا الارتقاء بالمستوى المنحط للجامعات الصيفية من خلال بذلنا للجهود حتى لا تتحوّل إلى مخيم ترفيهي أو برنامج سياحي نسعى تدريجيا إلى إعادة بعث روح جديدة في الجامات الصيفية الخاصة بالتنظيمات الطلابية عن طريق الخروج بتكوين نوعي في فائدة الطالب، وذلك عن طريق تسطير برنامج يشمل مجموعة من المحاضرين لمناقشة القضايا التي تهم الطالب انطلاقا من مبدأ الاستفادة من خبرات المختصين على غرار العربي زواق· وحتى لا يكون الطالب بعيدا عن الأحداث السياسية الراهنة، استعنا بالناطق الرسمي للتجمع الديمقراطي الوطني، ميلاد شرفي، اختص في شرح المخطط الخماسي للدولة، أما فيما يتعلق بالالتزام الذي أجبرنا على إمضائه، فلدينا بعض التحفظات على بعض بنوده، فعلى سبيل المثال تقليص الخدمات الجامعية المقدمة للطالب بحجة تراكم الديون، فأعتقد أن الديوان الوطني وُجد لخدمة الطالب، وإذا كانت هذه الأموال تصرف في خدمة فهذا لا يطرح ذلك إشكالا، وعلى الأقل يفترض بمديرية الخدمات الجامعية المحتضنة للجامعة الصيفية لأي تنظيم أن تتكفل بالنشاطات الثقافية والترفيهية·