صحة الطفل الجيدة لا تعني فقط أن نراه ينمو ويلهو أمامنا بشكل طبيعي معافى من الأمراض، ولكنها في الوقت نفسه طريق تفوّقه، ومن خلالها يمكننا التنبؤ بمستقبله، فالبنيان القوي والصحة الجيدة تعني مزيدا من قدرته على التحمّل مستقبلا· ولأن صحة الطفل أكثر ما يشغل بال كل أسرة، نلقي الضوء في السطور التالية على عدد من الأمور الصحية الخاصة به، التي يجب على كل الأسرة الأخذ بها بداية من ضرورة عمل سجل طبي لكل طفل الذي يعد خط الدفاع الأول ضد ما يوجهه من أمراض، وكيفية الوقاية من أمراض الصيف الذي يعد موسما للأمراض الساخنة، ومرورا بتلك الأغذية والحلوى التي تنهش أكبادهم على المدى البعيد، ونهاية بمخاطر الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية على صحتهم· عندما نذهب بطفلنا إلى الطبيب عادة ما يوجه إلينا العديد من الأسئلة قبل توقيع الكشف الطبي عليه، والتي تدور حول صحته بشكل عام والأمراض التي عانى منها من قبل، وآخر جرعة دواء تناولها، وفي كثير من الأحيان ننسى ما عاناه وما تناوله خصوصا إذا كان قد مرت على مرضه فترة طويلة، لكن الإلمام بجميع المعلومات الصحية عن أطفالنا؛ أمر في غاية الأهمية، فقد تكون في هذه المعلومات أو في واحدة منها طوق نجاته في حال إصابته بمرض يحتاج قبل علاجه إلى معرفة الطبيب بحالته الصحية على مدار سنوات عمره· هذه المعلومات يسميها العلماء بالسجل الطبي الذي يحمل جميع المعلومات الصحية عن الطفل منذ ولادته ويظل معه طوال حياته، ويعد خط الدفاع الأول ضد ما يتعرّض له على مدار حياته من أمراض ومن ثم يفيده في الكبر أيضا، لذلك يجب على كل أسرة الاهتمام بعمل سجل طبي شامل لطفلها منذ ولادته وأن تحتفظ بهذا السجل دائما في مكان معروف وسهل الوصول إليه· يقول العلماء، وتؤكد الدراسات، أن فصل الصيف الأكثر خطورة عن باقي فصول السنة نظرا لتعدد المخاطر على الصحة وتنوعها وتلونها بأعراض أمراض كثيرة، ففي الصيف تنتشر العديد من الأمراض المعوية خصوصا الناتجة عن تلوث الغذاء والماء وأخرى ناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الجو، والعارض المشترك بين كل هذه الأمراض، هو ارتفاع درجة حرارة الطفل، لذا يسمي العلماء هذا الفصل بموسم الأمراض الساخنة· تأتي في مقدمة المخاطر التسممات الغذائية، وهناك نوعان من هذا التسمم، غير الميكروبي حيث تلوث الغذاء والماء بالمبيدات الحشرية المنزلية التي نستخدمها في بيوتنا خلال فصل الصيف للقضاء على الحشرات، والميكروبات الناتجة عن التعرّض لميكروبات بكتيرية مثل ميكروب السالمونيلا الذي يتسبب في إصابة الطفل بأمراض خطيرة مثل التيفوئيد والباراتيفود· ضربة شمس والتهاب حلق ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فلو أراد الطفل التوقف عن السباحة، فسوف يجد نفسه معرضا للوقوف على الشاطئ تحت أشعة الشمس الحارقة في فترات الظهيرة، خصوصا إذا كانت درجات الحرارة مرتفعة، ويمكن أن تصيبه ضربة شمس وهو جالس في الظل على الشاطئ نتيجة ارتفاع درجة الحرارة· وهناك اعتقاد خاطئ بأن الإصابة بالتهابات الحلق واللوزتين تنتشران بشكل أكبر بين الأطفال في فصل الشتاء وأن إصابة الأطفال بهما في فصل الصيف نادرة الحدوث، وهذا مفهوم خاطئ حيث تنتشران في الصيف أيضا وبصورة كبيرة، بسبب إقبال الأطفال على تناول المزيد من المثلجات بشتى أنواعها في هذا الفصل· ولمواجهة أمراض الصيف يجب أخذ كثير من التدابير والاحتياطات، على رأسها الاهتمام بشروط النظافة في التعامل مع الغذاء والماء الذي يتناوله الطفل، والحد من تناولهم المأكولات خارج المنزل، والتركيز على تناولهم أغذية ومياه من مصادر نظيفة ومعلومة، والتخلص من جميع أنواع الحشرات الطائرة في المنزل وعدم تعّض الأغذية للمبيدات الحشرية، والالتزام بالتطعيمات التي تدعو إليها الجهات المتخصصة، وفي حال خروج الطفل في وقت الظهيرة يجب إلزامه بوضع غطاء على رأسه لحمايته من حرارة الجو وحتى لا تصيبه ضربة شمس، وضرورة تعليمهم قواعد وأصول السباحة قبل الذهاب للمصايف، ويجب الأخذ في الاعتبار عدم تعرّض الأطفال لخطر الازدحام في أماكن ضيقة، حيث أن وجود عدد كبير من الأطفال في مكان ضيق قليل التهوية يتسبب في سهولة وسرعة انتقال الأمراض المعدية وانتشارها بينهم· سموم بطعم السكر من أكثر العوامل التي تؤثر على صحة أطفالنا بالسلب هي الوجبات السريعة والعصائر والمشروبات والحلوى التي تحتوي على مكسبات اللون والطعم، ورغم أنها تسمى حلوى فإن ما توصلت إليه الدراسات حول تأثيراتها السلبية على صحة الأطفال يجعل تسميتها بالسموم أقرب معنى يدل عليها، لأنها تفتك بصحتهم على المدى البعيد وتقتلهم في صمت· ومن خلال بحث أجرته هيئة المواد الغذائية ببريطانيا توصلت الهيئة إلى أنه مقابل كل طعام صحي واحد يتناوله الأطفال من الأسواق يوجد عشرة يتم تصنيفها على أنها كوارث غذائية·