بعد عشرة أيام من العطاء الفني والثقافي، أسدل ليلة أول أمس، بالمسرح الروماني كويكول، الستار على فعاليات مهرجان جميلة العربي، وقد حظي بشرف إطفاء الشمعة السادسة من عمر التظاهرة· سيد الطرب العربي الفنان التونسي صابر الرباعي، الذي نجح إلى حد بعيد في المهمة التي أوكلت إليه عندما جعل من جميلة عروسا رقص لها كل من حضر والأغنية الشرقية تدوي سماء عاصمة الهضاب· دوت العيطة الطربية الأصيلة سماء جميلة ونجم الأغنية التونسية يعتلي ركح المسرح الروماني كويكول للمرة الثانية في مشواره الفني، المناسبة التي اختارها صابر الرباعي ليدخل بها تاريخ المهرجان عندما صنع الفرجة في سهرة لم تسع فيها مدرجات المسرح الجمهور الغفير الذي غصّت به المنطقة وصنع ديكورا مميزا أكد بأن عرس جميلة السنوي يسير في الطريق الصحيح، وبأنه استطاع أن يعيد للمنطقة هيبتها ومكانتها التاريخية، وقد اختار صاحب الصوت الرومانسي لتنشيط الليلة الأخيرة من مهرجان جميلة في طبعته السادسة مجموعة من الأغاني التي تضمنتها إصداراته الفنية القديمة منها والجديدة. ولأن الجمهور كان يحفظ كل كلمة رددها صابر، الأخير لم يجد صعوبة في التأقلم، وهو الذي حظي باستقبال الكبار. وبمجرد اعتلائه ركح كويكول حتى اشتعلت المدرجات والكل يهتف باسمه، وهو الصّنيع الذي حاول ضيف الجزائر رده من خلال إبداعه في تقديم جميع ما طلب منه وأول ما جادت به حنجرته كانت أغنية ''ياغالي'' التي تمثل آخر إصداراته الفنية وحقق نجاحا كبيرا بها قبل أن يبحر بالجمهور في زمن الطرب الأصيل والكلمة النظيفة التي تغني للحب وتدعو للتسامح والتصالح ليس بين الحبيب وحبيبته فقط بل بين جميع الشعوب خاصة العربية منها، ومن بين العناوين التي قدمها صابر ''دلولة''، ''أجمل نساء الكون''، ''خلها تدلل علي''، ''برشة برشة''، ''عزت نفسي''، ''عالطاير''... وغيرها من العناوين التي حفظها عشاق الرباعي عن ظهر قلب وطالبوه بإعادتها في كل مرة. ولأن الوقت الجميل يمر بسرعة، الساعة والنصف التي وقف فيها سيد الطرب العربي على ركح كويكول مرّت بسرعة، واختار أغنية ''عالي جرى'' للإعلان عن انتهائها، مودعا الجمهور السطايفي في غمرة من الفرح، ضاربا له موعدا جديدا في الطبعات المقبلة من التظاهرة التي قال عنها بأنها في تطور مستمر، وأن مهرجان جميلة ذاع صيته وارتقى لمصاف المهرجانات العربية الكبرى بدليل أن جميع الفنانين العرب الذين مرّوا عبره أصبحوا يفتخرون بالمشاركة فيه وتمنوا جميعهم العودة من جديد لمقابلة الجمهور الجزائري الذي قالوا عنه بأنه رائع ويستحق كل ما هو جميل. صابر، وعلى هامش تصريحاته الصحفية عقب الحفل قال بأن الأزمات التي تعيشها الدول العربية وعجزت السياسة عن حلها، يجب أن نستغل الفن لإطفاء نارها، لأنها الرسالة النبيلة التي لا حدود لها ويفهمها الجميع على حقيقتها دون خلفيات عكس ما هو موجود في السياسة التي جعلت فلسطين عرضة لقنابل اليهود وشعبها لقمة صائغة في يد الصهاينة. الرباعي، أوضح كذلك بأن ما تعرفه الساحة الفنية العربية من فوضى وانحطاط في المستوى هو قضية مرحلية، ولابد أن يعود الفن العربي لمكانته التي عرف بها مع عمالقة الطرب الأصيل، مبرزا في السياق ذاته بأن المهمة ليست سهلة لأنها لا تتعلق بشخص أو إثنين بل بجيل كامل صار همّه الوحيد تحقيق الشهرة والربح السريع حتى لو اقتضى الأمر تخليه عن جميع مبادئه، موضحا في حديثه أن مشروع التعاون مع الفنانة وردة الجزائرية يسير في الطريق الصحيح، وأن سبب التأخر خارج عن نطاقه، لكن العمل سيتم عن قريب·